تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي

تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

الاستئناف يعيد طرح النزاع أمام محكمة الاستئناف، ولكن في حدود الطلبات والمسائل التي فصل فيها الحكم الابتدائي، فيجب على محكمة الاستئناف ان تتقيد في قضائها بحدود الطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي تطبيقاً لما ورد في المادة (288) مرافعات، وبحسب ما ورد في الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14/12/2014م في الطعن رقم (55953) الذي ورد ضمن أسبابه: ((ولما كان الأمر كذلك وكان قضاء محكمة أول درجة قد اقتصر على الفصل في مسألة الصفة فلم يفصل في الموضوع، فكان الواجب على محكمة الاستئناف الفصل في القضية في إطار وحدود ونطاق ما قضت به محكمة أول درجة قبولاً أو رفضاً بموجب ما نصت عليه المادة (288) مرافعات، فلا يجوز للشعبة ان تخوض فيما لم يفصل فيه الحكم الابتدائي حتى لا تفوت على الأطراف درجة من درجات التقاضي التي تعتبر من النظام العام لا يجوز مخالفتها))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي  يعد ضابطا لمبدأ الاستئناف يعيد طرح النزاع:

من المقرر وفقاً للمادة (288) مرافعات ان الاستئناف يعيد طرح النزاع الذي كان منظوراً لدى محكمة أول درجة غير أن ذلك يكون مقيداً بضابط تقيد محكمة الاستئناف لحدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي، وهذا الأمر ظاهر في المادة (288) مرافعات التي أشار إليها الحكم محل تعليقنا، فقد نصت هذه المادة على أنه: (يطرح الاستئناف للقضية المحكوم فيها أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد في الواقع والقانون مع مراعاة الأحكام الآتية: -ب- يجب على محكمة الاستئناف ألا تنظر إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الاستئناف فقط وفي حدود ما فصلت فيه محكمة الدرجة الأولى من تلك الوجوه والحالات)، فهذا يعني أن محكمة الاستئناف عندما  تنظر في خصومة الاستئناف وتفصل فيها تتقيد بحدود الطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي، لأنه من الشائع ان يتقدم الخصوم أمام محكمة أول درجة بعدة طلبات سواء في صحيفة افتتاح الدعوى أو عن طريق الطلبات الإضافية أو الطلبات المقابلة أو الفرعية وغيرها، ولاعتبارات ليست محل تعليقنا فإن محكمة أول درجة قد تقرر الفصل في بعض الطلبات فقط والأدلة المؤيدة لتلك الطلبات، وعندئذ فأنه يجب على محكمة الاستئناف التقيد عند نظرها لخصومة الاستئناف بحدود الطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي.

الوجه الثاني: دور محكمة الاستئناف بالنسبة للطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي:

الطلبات التي فصل فيها حكم محكمة أول درجة هي تلك الطلبات التي شملها منطوق الحكم الابتدائي سواء بقبولها أو رفضها،  فهذه الطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي هي التي تنظر ها محكمة الاستئناف   تناقشها وبحثها في ضوء مرافعات ومذكرات الخصوم فلاتتعداها  محكمة الاستئناف في منطوق حكمها ، فالطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي هي المقصودة بمبدأ الأثر الناقل للاستئناف أو مبدأ الاستئناف يعيد طرح النزاع، ومؤدى ذلك ان محكمة الاستئناف وبناءً على مذكرات ومرافعات الخصوم تعيد بحث وتدقيق كافة الأدلة والمسائل والطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي بغرض تصحيح الإجراءات الباطلة واستيفاء الإجراءات الناقصة، ولهذه الغاية يجوز للخصوم ان يقدموا أمام محكمة الاستئناف أدلة جديدة لم يسبق لهم تقديمها أمام محكمة أول درجة شريطة ان تكون متعلقة بالطلبات والمسائل التي سبق للحكم الابتدائي ان فصل فيها في منطوقه ، وفي ضوء ذلك  تتوصل محكمة الاستئناف في حكمها إلى تأييد الحكم الابتدائي أو إلغائه أو تعديل منطوقه.

الوجه الثالث: تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي وعلاقته بمبدأ التقاضي على درجتين:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن مبدأ تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي يتعلق بالنظام العام، فلا يجوز لمحكمة الاستئناف مخالفته عند نظرها في خصومة الاستئناف، فإذا لم تتقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي وقامت بالفصل في طلبات اومسائل لم يفصل فيها الحكم الابتدائي، فأنها تكون قد اهدرت مبدأ التقاضي على درجتين وهو من اهم المبادئ الحاكمة للتقاضي   واحرمت الخصوم من التقاضي بشأن هذه الطلبات أمام المرحلة الابتدائية بحسب ما ورد في الحكم محل تعليقنا، والله اعلم .