*الاشجار غير المملوكة لاحد تتبع الأرض الأقرب إليها*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️تنبت الأشجار في المراهق العامة أو الأراضي غير مملوكة لاحد، وذلك بالقرب من الأراضي المملوكة للمواطنين ، حيث تنبت تلك الأشجار في أراضي غير مملوكة لأحد ولكنها على مقربة من أراضي المواطنين ، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بان الأشجار في هذه الحالة تكون مملوكة لصاحب الأرض اذا كان العرف السائد في المنطقة قد جرى على ذلك، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24-4-2012م في الطعن رقم (45337)، فقد ورد في أسباب هذا الحكم: ((فقد تبين بعد مراجعة الملف ان ما ورد في الطعن وقائع قد سبق طرحها أمام محكمة الموضوع ولا يوجد فيها أي سبب من أسباب الطعن بالنقض المقررة في المادة (292) مرافعات، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه تبين أنه ثبت لمحكمة الموضوع من خلال ما حقق به العدلان المختاران ان العرف في المنطقة يقض بأن الاشجار المجاورة للأرض تتبع الأقرب إليها، ولما كان العرف مصدراً من مصادر التقنين والعادة محكمة فقد كان ما قضى به الحكم المطعون فيه وفقاً للعرف السائد في المنطقة صائباً، وحيث أنه لم يرد في الطعن ما يؤثر فأنه قد تعين رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: المقصود بالأشجار القريبة من أراضي الغير:*
➖➖➖➖➖
*▪️المقصود بذلك: الأشجار الكبيرة وليس النباتات، كما يقصد بالأشجار تلك التي تنبت في أراضي غير مملوكة لأحد كالاشجار التي تنبت في المراهق العامة والمنحدرات والسوائل العظمى والمقابر وغيرها، فالأشجار التي تنمو في الأراضي الصالبة المملوكة للغير تكون مملوكة لمالك الأرض الصالبة أو المتروك زراعتها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مبررات ملكية الشجرة لصاحب الأرض القريبة منها:*
➖➖➖➖➖
*▪️عندما تنمو الأشجار بالقرب من أرض الغير فإن مالك الأرض القريبة منها يتعهد الشجرة المجاورة بالرعاية والحماية والتربية، كما ان تلك الأشجار قد تمتد جذورها أو فروعها إلى أرض الجار إضافة إلى أن الأرض قد تتضرر من الأشجار المجاورة لها، كما أن تمليك الأشجار البرية لملاك الأراضي القريبة فيه حماية للأشجار والمحافظة عليها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الحكم القضائي بموجب العرف:*
➖➖➖➖➖
*▪️استند الحكم محل تعليقنا في قضائه بأن الأشجار القريبة من الأراضي الخاصة تتبعها استند في ذلك إلى العرف السائد في المنطقة التي يقضي بأن الأشجار البرية التي تنمو في الأراضي غير مملوكة لأحد تتبع الأراضي الخاصة القريبة منها، فلا يجوز لغير مالك الأرض القريبة الاقتطاع أو الاحتطاب منها، وقد صرح الحكم محل تعليقنا بأن العرف مصدر من مصادر التشريع أي أنه ينبغي على القاضي ان يحكم بموجب العرف السائد، لأن العرف معتبر في الشرع والقانون، ولأهمية العرف فقد حدد القانون المدني دور العرف وأنه ينبغي القضاء بمقتضى العرف، فقد نصت المادة (1) مدني على أنه: (يسري هذا القانون المأخوذ من احكام الشريعة الاسلامية على جميع المعاملات والمسائل التي تتناولها نصوصه لفظاً ومعنى، فاذا لم يوجد نص في هذا القانون يمكن تطبيقه يرجع الى مبادئ الشريعة الاسلامية المأخوذ منها هذا القانون فاذا لم يوجد حكم القاضي بمقتضى العرف الجائز شرعاً فاذا لم يوجد عرف فبمقتضى مبادئ العدالة الموافقة لأصول الشريعة الإسلامية جملة ويستأنس براي من سبق لهم اجتهاد من علماء فقه الشريعة الاسلامية ويشترط في العرف ان يكون ثابتاً ولا يتعارض مع مبادئ الشريعة الاسلامية والنظام العام والآداب العامة)، ومن خلال استقراء هذا النص يظهر ان الحكم بالعرف لا يكون الا اذا لم يكن هناك نص قانوني أو شرعي يحكم المسألة، وتطبيقاً لذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بموجب العرف السائد في المنطقة، لان قانون أراضي وعقارات الدولة قد كفل في المادة (43) الإنتفاع المشترك لعامة المواطنين في المراهق العامة وحدد الرهق التابع للأراضي الزراعية غير أن هذا القانون لم يشر إلى مسألة الأشجار التي تنمو في المراهق العامة وتكون قريبة من أراضي الغير.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: إثبات العرف السائد:*
➖➖➖➖➖
*▪️العرف: هو ما تعارف عليه الناس واستقر العمل به بينهم لفترة من الزمان، وبناءً على ذلك فإن العرف غير مكتوب، ولذلك من اللازم إثبات العرف السائد عن طريق الرجوع إلى معرفة رأي غالبية الناس في المنطقة بشأن المسألة المعروضة التي يحكمها العرف، وقد لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد ندب خبيرين عدلين للوقوف عما إذا كان عرف غالب الناس في المنطقة قد أستقر لفترة من الزمن تتراوح ما بين (25 و50 سنة) على أن الأشجار التي تنمو في الأماكن العامة كالطرق الفرعية والمقابر والمنحدرات والسوائل...إلخ تتبع الأراضي الخاصة القريبة منها، وفي إثبات العرف ينبغي أن يكون الخبراء العدول من اهل الخبرة والدراية بالاعراف والعادات السائدة في المنطقة، لان أعمال الخبرة تقتضي ان يكون الخبير من اهل الخبرة والدراية في المسألة التي تم ندبه لتحقيقها، ومن هذا المنطلق ينبغي أن يكون الخبراء العدول في بيان حكم العرف في المسألة المختلف بشأنها ينبغي أن يكون الخبراء من الاعيان أو الامناء الشرعيين أو المشائخ أو العقال، والله اعلم.*