تمسك المقاسم بفصله دليل على صحة القسمة - في القانون اليمني

تمسك المقاسم بفصله دليل على صحة القسمة

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

➖➖➖➖➖

▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن تمسك المقاسمين بفصولهم دليل على صحة إجراءات القسمة السابقة على تحرير الفصول وعدم جواز ادعاءات المتقاسمين بعد ذلك ببطلان أجراءات القسمة السابقة على تحرير الفصول حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-3-2012م في الطعن رقم (45256)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ثبت لهيئة الشعبة تمسك كلا الأخوين بفرزه، فذلك إقرار بفرع الثبوت بصحة القسمة وإستحقاق كل أخ ما في فرزه، وحيث قضت الشعبة بإطلاق كل اخ لما تحت يده من فرز أخيه فإن هذا القضاء موافق للشرع والقانون ))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
➖➖➖➖➖

▪️الوجه الأول: إجراءات القسمة السابقة لتحرير الفصول (الفروز):

➖➖➖➖➖

▪️تناول القانون المدني إجراءات قسمة الأموال المشتركة في نصوص عامة مجردة مجملة، وترك التفاصيل لاجتهادات القضاء والقسامين ، ولذلك تتفاوت إجراءات القسمة تفاوتا كبيرا ، غير ان هناك قواسم مشتركة في إجراءات القسمة يمكن تلخيصها في الإجراءات الآتية: حصر الورثة ثم حصر التركة والتحقق من ملكية المؤرث ثم تصنيف أموال التركة (متنازع عليها بين الورثة/ متنازع عليها مع غير الورثة/ مغصوبة/ قابلة للقسمة العينية/ وغير قابلة للقسمة) وبعد ذلك يتم تحديد الأموال المطلوب قسمتها والأموال التي ستترك قسمتها، وتثمين الأموال المطلوب قسمتها ثم افراغها في كشف يتضمن الأموال المطلوب قسمتها وقيمتها السوقية وتوزيع القيمة على الورثة المذكورين في الكشف بحسب الفرائض الشرعية، وفي ادنى الكشف يقوم الورثة بالمصادقة والموافقة والقبول على ما ورد في كشف القسمة والتصريح بأنهم قد قبلوا بأن تكون القسمة على أساس البيانات الواردة في الكشف بعد أن تأكدوا من صحتها وسلامتها ، وبعد ذلك يتم فرز أو تحديد أو فصل أو إخراج نصيب كل وارث في وثيقة مستقلة تسمى (الفصل أو الفرز أو التخروج)، ويتم تحرير الفروز على أساس تراضي الورثة على توزيع أموال التركة المحددة في الكشف بالتراضي فيما بينهم من غير حاجة إلى إجراء القرعة، وان لم يتراض الورثة المتقاسمين فيتم إجراء القرعة، وفي ضوء ذلك يتم تحرير وثائق الفصول أو الفروز لكل مقاسم وثيقة على حدة.
➖➖➖➖➖

▪️الوجه الثاني: تحرير الفروز أو الفصول:

➖➖➖➖➖

▪️من خلال ما تقدم يظهر ان تحرير الفروز هي المرحلة قبل الأخيرة من مراحل القسمة: فتحرير الفصول هو النتيجة النهائية لإجراء القسمة وان كان من اللازم بعد تحرير الفصول فرز الأموال في الواقع العملي في ضوء ما ورد في الفصول، وعلى أساس ما تقدم فإذا كان المقاسم قد وافق على إجراءات القسمة السابقة على تحرير الفصول فقد تحقق رضاه الصريح بإجراءات القسمة السابقة على تحرير الفصول، فلا يحق له الإدعاء بعد ذلك ببطلان أجراءات القسمة السابقة أو وجود غبن فيها، لأن المقاسم كان حاضراً في إجراءات القسمة وموافقاً عليها وقابلا بها ، إلا أنه في بعض الحالات لايتم أخذ موافقة المقاسم أو مصادقته على إجراءات القسمة السابقة لتحرير الفصول، فاذا لم يسبق للمقاسم قبول إجراءات القسمة السابقة ولكنه استلم الفصل الخاص به ولم يعترض عليه وتمسك به ففي هذه الحالة يعد هذا الموقف من المقاسم دليل على موافقته الضمنية على إجراءات القسمة السابقة لتحرير الفصول مثلما حصل في القضية التي أشار إليها الحكم محل تعليقنا، فإن إستلام المقاسم لفصله في هذه الحالة يكون موافقة ضمنية على إجراءات القسمة السابقة على تحرير الفصل ، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
➖➖➖➖➖

▪️الوجه الثالث: مبررات إعتبار إستلام الفصل والتمسك بما ورد فيه موافقة ضمنية على إجراءات القسمة السابقة عليه:

➖➖➖➖➖

▪️أشار الحكم محل تعليقنا إلى ان إستلام المقاسم للفصل وتمسكه بما ورد فيه وعدم اعتراضه عليه يعد إقرارا بفرع الثبوت أي بصحة إجراءات القسمة السابقة على تحرير الفصل ، كما أن إستلام المقاسم للفصل وتمسكه به وعدم إعتراض على ماورد في فصله يدل على ان المقاسم قد راجع ما ورد في الفصل وتأكد من صحة وسلامة البيانات الواردة في الفصل ، وكذا فإن هذا الأمر يستند إلى فكرة إستقرار مراكز الورثة وحقوقهم الواردة في الفصول، فلا ينبغي أن تظل فصول الورثة وإجراءات القسمة السابقة عرضة للطعن فيها إلى ما لانهاية.
➖➖➖➖➖

▪️الوجه الرابع: وجوب تسليم الورثة المتقاسمين للأموال المحددة لكل وارث بحسب ما ورد في وثيقة فصله:

➖➖➖➖➖

▪️كان الحكم محل تعليقنا قد قضى بأنه يجب على كل وارث ان يطلق الأموال التي تحت قبضته المذكورة في فرز المقاسم الآخر ،فحيازة كل مقاسم لما يخص المقاسم الآخر لا تكون حيازة قانونية وفقاً للقانون المدني، فلا يجوز للوارث المقاسم ان يتمسك بالحيازة في مواجهة الورثة الآخرين مهما طال أمد حيازته ، ولذلك يجب على كل وارث ان يسلم الأموال التي تحددت في الفصول للورثة الآخرين الواردة في فصولهم بإعتبار الفصول حجة على المتقاسمين، يجب عليهم الوفاء بها، والله اعلم.