*تكذيب اليمين الحاسمة لا يكون إلا بحكم*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️اليمين الحاسمة من اسمها حاسمة للنزاع، فهي دليل كاف للحكم والصلح الحاسم للنزاع، ولذلك فأن وسيلة تكذيب اليمين الحاسمة هو الحكم في دعوى تكذيب اليمين بعد تقديم الأدلة اللازمة على ذلك ومناقشتها حتى يحكم القضاء بكذب اليمين حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9-4-2018م في الطعن رقم (59375)، الذي ورد ضمن أسبابه (وبإطلاع الدائرة على الأوراق مشتملات الملف وجدت الدائرة أن أسباب الطعن غير سديدة، حيث لا يوجد سبب مؤثر لنقض الحكم المطعون فيه، لعدم صدور حكم قضائي يقرر كذب اليمين الحاسمة التي مضى فيها المدعى عليه المستأنف، ولكون المحكمة العليا محكمة قانون)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: تكذيب اليمين الحاسمة في قانون الإثبات:*
➖➖➖➖➖
*▪️حدد قانون الإثبات طريقة وإجراءات تكذيب اليمين الحاسمة التي يستند إليها الحكم أو الصلح ، وفي هذا الشأن نصت المادة (142) إثبات على أنه: (تكفي اليمين الحاسمة لإثبات تخلص المدعى عليه من الدعوى، ولا يجوز طلب إثبات الدعوى بالبينة بعدها، كما لا يجوز للخصم ان يثبت كذب اليمين بعد ان يؤديها خصمه، على انه اذا ثبت كذب اليمين بحكم قضائي كان للخصم الذي اصابه ضرر منها ان يطالب خصمه بالتعويض دون اخلال بما يكون له من حق الطعن على الحكم الذي صدر ضده بالطرق المبينة في قانون المرافعات)، ومن خلال إستقراء هذا النص نجد أنه قد أشار إلى ان تكذيب اليمين يكون بحكم قضائي وفي الوقت ذاته منع النص المحكوم عليه بموجب اليمين الحاسمة منعه من إثبات كذب اليمين الحاسمة ، غير أن المؤكد من النص أن تكذيب اليمين الحاسمة لايكون الا بحكم قضائي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: حصر التكذيب لليمين الحاسمة بالحكم القضائي:*
➖➖➖➖➖
*▪️من خلال المطالعة للمادة (142) إثبات السابق ذكرها في الوجه الأول التي نصت على أنه (تكفي اليمين الحاسمة لإثبات تخلص المدعى عليه من الدعوى، ولا يجوز طلب اثبات الدعوى بالبينة بعدها، كما لا يجوز للخصم ان يثبت كذب اليمين بعد ان يؤديها خصمه، على انه اذا ثبت كذب اليمين بحكم قضائي كان للخصم الذي اصابه ضرر منها ان يطالب خصمه بالتعويض دون اخلال بما يكون له من حق الطعن على الحكم الذي صدر ضده بالطرق المبينة في قانون المرافعات)، ومن استقراء هذا النص يظهر انه قد منع الخصم من إثبات كذب اليمين الحاسمة بعد ادلاء خصمه بها، وفي الوقت ذاته تضمن النص انه من الممكن أن يحكم القضاء بكذب اليمين الحاسمة، ومن المعلوم ان القضاء لايحكم بكذب اليمين الحاسمة الا بموجب دعوى يرفعها ذو الصفة والمصلحة يضمنها الأدلة الشاهدة على صدق دعواه بكذب اليمين، وهذا الأمر يدل على سوء صياغة هذا النص واضطرابه ، ولايقف الأمر عند هذا الحد بل ان هناك غموض بشأن المقصود بالحكم القضائي المذكور بالنص الذي يقضي بكذب اليمين ، لانه يظهر من النص ( دون اخلال بالحق في الطعن ) ان المقصود بالحكم هو حكم ابتدائي بكذب اليمين، لان الطعن يكون أمام المحكمة الاستئنافية أو العليا، وبسبب هذا الغموض فإن كثير من التطبيقات القضائية العملية تذهب إلى إن المحكوم عليه بموجب اليمين الحاسمة يقوم بالطعن في الحكم الابتدائي الذي أستند إلى اليمين الحاسمة ويضمن الطاعن طعنه الادعاء بكذب اليمين الحاسمة التي أستند إليها الحكم الإبتدائي ويطلب الطاعن من الشعبة الاستئنافية الفصل في طعنه بأن اليمين الحاسمة التي أدلى بها خصمه كانت كاذبة وان الحكم المطعون فيه قد أستند إلى تلك اليمين، وبحسب هذه التطبيقات يكون المقصود بالحكم القضائي المشار إليه في النص السابق هو الحكم الابتدائي، إلا أن إثارة دعوى كذب اليمين الحاسمة أمام محكمة الاستئناف لأول مرة يهدر مبدأ التقاضي على درجتين ويحرم الخصوم من مناقشة الدعوى بكذب اليمين الحاسمة أمام محكمة أول درجة، وعلى هذا الأساس يكون المراد بالحكم المذكور في النص هو حكم ابتدائي يفصل في دعوى تكذيب اليمين الحاسمة ، فهذا الفهم هو الأنسب.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الحكم بكذب اليمين حالة من حالات طلب التماس إعادة النظر في قانون المرافعات:*
➖➖➖➖➖
*▪️الحكم بكذب اليمين حالة من حالات طلب التماس إعادة النظر حسبما ورد في المادة (304) مرافعات فقره (3) التي نصت على أنه يجوز طلب التماس إعادة النظر: (3- اذا كان الحكم قد بني على شهادة او يمين قضي بعد صدوره بان الشهادة زور او بان اليمين كاذبة)، فهذا النص يشمل الحكم الذي يبنى على اليمين الحاسمة اذا صدر بعده حكم اخر قضى بكذب اليمين الحاسمة التي بني عليها الحكم الملتمس فيه، والله اعلم.*