حكم زيادة ساعات العمل

 

حكم زيادة ساعات العمل

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

قضى الحكم محل تعليقنا بأن صاحب العمل إذا تعاقد مع العامل على ساعات عمل أكثر من الحد الأعلى المقرر في قانون العمل فان الساعات الزائدة عن الحد الأعلى المقرر قانونا تحتسب ساعات عمل إضافية لصالح العامل يلتزم صاحب العمل بدفعها للعامل إضافة إلى أجر العامل حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 8-8-2017م في الطعن رقم (58825)، حيث ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي: (اما النعي على قرار اللجنة العمالية بالحكم بتسليم بدل العمل الإضافي بواقع ساعتين يومياً رغم أن عقد العمل تضمن ان ساعات العمل اليومي عشر ساعات برضا الطرفين ، فالشعبة ترد على ذلك: ان عقد العمل المذكور خالف القانون، لان القانون حدد ساعات العمل اليومي ثمان ساعات فما زاد على ذلك يعتبر عملاً اضافياً)، وقد اقرت الدائرة المدنية الحكم الاستئنافي وقد ورد ضمن أسباب حكمها: ((اما ما يتعلق بالسبب الثاني: فما ذكرته الشركة الطاعنة في هذا السبب غير مقبول لجهالة الدفع بالتقادم المنصوص عليه في المادة (22) إثبات، وعدم سلامته، وكذا عدم صحة اعتراض الطاعنة على ما قررته المحكمة بشأن ما اسمته بدلاً اضافياً بواقع ساعتين يوميا طوال فترة عمل العامل لدى الطاعنة لأكثر من عامين وكذلك الاجازة السنوية وما حكمت به للمطعون ضده ببدل الإنذار مرتب 45 يوماً لما اسست حكمها به وهو سديد))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: عدم جواز زيادة ساعات عمل العامل على ثمان ساعات في اليوم:

صرح قانون العمل بأنه لا يجوز ان تزيد ساعات عمل العامل اليومية على ثمان ساعات، وفي هذا الشأن نصت المادة (71) من قانون العمل على أنه: (لا يجوز ان تزيد ساعات العمل على ثمان ساعات في اليوم او ثمانية واربعين ساعة في الأسبوع وتوزع ساعات العمل الاسبوعي على ستة أيام عمل يعقبها يوم راحة بأجر كامل)، ومن سياق هذا النص يظهر أنه آمر يفيد الوجوب ومتعلق بالنظام العام أي لا يجوز الإتفاق على خلافه حتى لو قبل العامل بذلك، ومقتضى هذا النص عدم جواز قيام صاحب العمل بزيادة ساعات العمل اليومية في عقد العمل الفردي أو الجماعي أو في لائحة مكتوبة يصدرها صاحب العمل أوعن طريق توجيه كتابي أو شفهي، لأن ذلك يخالف النص القانوني الواجب المتعلق بالنظام العام .

الوجه الثاني: جزاء مخالفة صاحب العمل لساعات العمل اليومية المحددة في القانون:

سبق القول: بأن النص الذي حدد ساعات العمل اليومية نص آمر واجب التطبيق متعلق بالنظام العام، ولذلك لا يجوز لصاحب العمل مخالفته أو الإتفاق مع العامل على زيادة ساعات العمل على خلاف النص السابق ، ولا ريب ان جزاء مخالفة النص القانوني الآمر المتعلق بالنظام العام هو بطلان إشتراط الساعات الزائدة عن الحد المقرر في النص القانوني، أي أن أثر البطلان يكون قاصراً على الساعات الزائدة فقط، فلا يمتد البطلان إلى بنود عقد العمل الأخرى  أو نصوص اللائحة  المنظمة لأوقات العمل ، فإذا وردت الساعات الزائدة في عقد العمل فيكون العقد صحيحاً فلا تبطل إلا مايتعلق بتقرير الساعات الزائدة، فمثلاً إذا ورد في عقد العمل بند تضمن أن ساعات عمل العامل عشر ساعات في اليوم فيكون البند صحيحاً على أساس ثمان ساعات فقط وتبطل الساعات الزائدة، وكذلك الحال إذا وردت الساعات الزائدة في لائحة تنظيم اوقات العمل في الشركة أو المؤسسة فإن البطلان لاينصرف الا لما يتعلق بتقرير ساعات العمل الزائدة .

الوجه الثالث: في حالة مخالفة الحد الأعلى لساعات العمل اليومية يستحق العامل اجراً إضافياً:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن العامل يستحق اجراً اضافياً نظير الساعات الزائدة على الحد الأعلى لساعات العمل اليومية إذا قام العامل بالعمل خلال الساعات الزائدة ، رغم أن النص القانوني المانع لزيادة ساعات العمل لم ينص على احتساب الأجر الإضافي للعامل نظير الساعات الزائدة إلا أن الحكم محل تعليقنا قد قاس الأجر الإضافي في هذه الحالة على الأجر الإضافي الذي نص عليه قانون العمل في المادة (74) التي اجازت تشغيل العامل زيادة عن ساعات العمل المقررة قانوناً للدوام وهي 8 ساعات اذا استدعت ذلك  ضرورة زيادة الإنتاج لتلبية احتياجات مجتمعية ملحة، فقد نصت هذه المادة على أحقية العامل في هذه الحالة في الأجر الإضافي عن ساعات العمل الزائدة.

الوجه الرابع: إحتساب الأجر الإضافي عن الساعات الزائدة:

ذكرنا فيما سبق ان المادة (71) من قانون العمل اكتفت بحظر زيادة ساعات العمل على ثمان ساعات في اليوم ولم تنص على احقية العامل في الأجر الإضافي نظير الساعات الزائدة حتى لا يقع التناقض في النص، لأن تقرير الحق في الأجر الإضافي سوف يناقض الحظر والمنع لتشغيل العامل زيادة عن 8 ساعات، ولكن الحكم محل تعليقنا قضى بأحقية العامل للأجر الإضافي عن الساعات الزائدة قياساً على ما ورد في المادة (74) عمل التي اجازت تشغيل العامل زيادة على ساعات العمل المقررة  اذا استدعت الضرورة في أيام الإجازات والعطل، وزيادة ساعات العمل إلى 12 ساعة في اليوم، والتي نصت أيضا على إستحقاق العامل للأجر الإضافي المقرر في المادة (56) عمل، التي نصت بدورها على أن: تحتسب اجور ساعات العمل الإضافي الساعة بساعة ونصف من الأجر الأساسي خلال أيام العمل العادية، وتحتسب الساعة بساعتين من الأجر الأساسي من ساعات العمل الإَضافية اثناء الليل ويوم الراحة الاسبوعية، والله اعلم .