ولي الصغير هو ممثله في اثناء المحاكمة - في القانون اليمني

ولي الصغير هو ممثله في اثناء المحاكمة

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

الصغير هو من لم يتم سن المسئولية الجزائية (18 سنة)، فإذا لم يتم الشخص هذه السن فانه غير أهلاً لمباشرة الإجراءات القضائية أمام القضاء الجزائي، فإذا كان متهما فلايجوز له تقديم المذكرات القضائية من دعاوى وطعون أو مباشرة المرافعة الشفوية وغير ذلك من إجراءات التقاضي ، إلا ان قانون الاجراءات قد نص على ان ولي الصغير هو الممثل القانوني له امام القضاء، فيحق للولي مباشرة اجراءات التقاضي بصفته ولي الصغير وبصفته المسئول المدني عن التبعات المالية لجنايات الصغير كالدية والارش والتعويض، ومن هذا المنطلق يحق للولي بهذه الصفة ان يقدم العرائض باسمه الشخصي أو نيابة عن الصغير بحسب الاقتضاء حسبما قضى به الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18/12/2014م في الطعن رقم (56138)، وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان والد المتهمين غير البالغين اللذين حاكمتهما المحكمة الابتدائية ضمن متهمين بالغين وادانتهما بحكمها وحكمت عليهما بالعقوبة المقررة قام والدهما بتقرير إستئناف الحكم الابتدائي ثم قام لاحقا بتقديم عريضة الاستئناف أمام الشعبة الجزائية والتوقيع على العريضة، وقد قضت الشعبة الاستئنافية بعدم قبول عريضة الاستئناف لانها مقدمة من غير ذي صفة لان المسئولية الجزائية شخصية، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي نقضت الدائرة الجزائية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا ((حيث ان الثابت ان المتهمين الأول والثالث تم تقديمهما للمحاكمة وهما لم يبلغا الثامنة عشرة، وفي هذه الحالة فان والدهما هو الولي الشرعي لهما ،فيحق له ان يقدم عريضة الاستئناف عنهما بهذه الصفة بما له من الولاية الشرعية عليهما وتحمله لنتيجة افعالهما، ولذا فان ما قضت به الشعبة من عدم ثبوت صفة والد الطاعنين في تقرير الطعن بالاستئناف عن المذكورين غير سليم وفقاً لنص المادة (2) إجراءات مما يلزم القضاء ببطلان الحكم الاستئنافي ونقضه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: ولي الصغير يقوم مقام الصغير أو القاصر عند محاكمته:

استند الحكم محل تعليقنا إلى المادة (2) إجراءات في قضائه بقبول المذكرات الموقعة من والد المتهم غير المسئول جزائيا، لان المادة (2) قد عرفت ممثل الدفاع بانه (المحامي المصرح له بالترافع أمام المحاكم وفقاً للقانون أو الممثل القانوني للشخص الإعتباري أو من يقوم مقامه) وفي سياق التعاريف الواردة في المادة (2) إجراءات فقد عرفت المقصود بمن (يقوم مقام ممثل الدفاع) حيث نصت على أن (يقصد به الولي أو الوصي أو المنصب عن غيره من قبل المحكمة...الخ) وعلى هذا الأساس فان الولي يقوم مقام إبنه القاصر فيحق له ان يقرر الطعن بالاستئناف وان يقدم عريضة الاستئناف وغيرها من المذكرات القضائية وان يقوم بالتوقيع عليها،كما يحق له ان يقوم بتوكيل المحامين للدفاع عن القاصر الذي يتولاه .

الوجه الثاني: صفة الولي في الدفاع عمن وليّ عنه:

عندما يقدم الولي المذكرات والعرائض فانه يقدمها نيابة عن القاصر الذي يتولاه، لان الولي يقوم مقام القاصر حسبما ورد في النص القانوني السابق ذكره،فيقوم الولي بالتوقيع على هذه المذكرات بصفته الولي عن القاصر،لان الولي يقوم في هذه الحالة مقام القاصر كما سبق بيانه في الوجه الأول.

الوجه الثالث: صفة الولي في الدفاع عن نفسه:

المح الحكم محل تعليقنا إلى أنه يجوز للولي الدفاع عن القاصر الذي يتولاه باسم الولي نفسه،لان الولي نفسه هو الذي سيتحمل تبعات المسئولية المدنية عن جنايات القاصر،لان القاصر لا يسأل جزائياً وفقاً لأحكام الشرع والقانون،ولكن الولي يكون مسئولاً عن حفظ القاصر الذي يتولاه من جناية الغير عليه وكذا من جنايات القاصر على غيره،ولذلك فان الولي على القاصر هو المحكوم عليه عند محاكمة القاصر غير المسئول جنائياً(التشريع الجنائي،أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين،صـ132) ولذلك فان للولي صفة شخصية في التقرير بالاستئناف وتقديم الطعون والتوقيع عليها باسمه وصفته.

الوجه الرابع: إشكالية التمثيل القانوني للقاصر عند عدم وجود الولي أو الوصي(دور المنصب في الدفاع عن القاصر ):

تكمن هذه الإشكالية في ان القاصر ممنوع من التصرف، فلا يحق له توكيل محام أو غيره كما أنه لا يعتد بقول القاصر أو كلامه فهو غير مؤهل للدفاع عن نفسه، ولذلك تقوم وزارة العدل بتعيين محامين للدفاع عن الاحداث الذين لا ولي ولاوصي عليهم، كما تقوم بعض المنظمات بتعيين محامين لهذا الغرض، ولكن إشكالية الصفة في هذه الحالة تقف حجرة عثرة أمام جهود هؤلاء المحامين، إلا أن المادة (2) اجراءات السابق ذكرها قد اشارت إلى طريقة معالجة هذه الاشكالية وهي قيام المحكمة بتنصيب المحامي الذي يريد الدفاع عن القاصر،فعندئذ يقوم المحامي المنصب مقام القاصر في الدفاع عن القاصر ،حيث نصت المادة( 2) اجراءات على ان المقصود بممثل الدفاع عن القاصر هو من يقوم مقامه وعرفت المادة ذاتها من يقوم مقام القاصر في الدفاع بانه (المنصب عن غيره من قبل المحكمة) فعندئذ على المحامي الراغب في الدفاع عن القاصر ان يطلب من المحكمة تنصيبه لهذا الغرض حتى تتحقق له الصفة المعتبرة قانوناً في الدفاع عن القاصر.

الوجه الخامس: صفة مدير دار رعاية وتاهيل الاحداث ومن في حكمه في التمثيل القانوني للحدث المتهم:

مدير دار رعاية وتاهيل الاحداث ومن في حكمه هو المسئول الأعلى عن الرقابة على سلوك المقيمين في الدار والمحافظة عليهم من الإضرار بأنفسهم أو بغيرهم وفقاً للقانون، ولذلك فهو المسئول عن الجنايات التي تقع عليهم أو منهم، وبناءً على ذلك فان مدير الدار يكون مثل الولي حيث تكون له صفة شخصية للدفاع عن القاصر الذي سيتحمل تبعات جناياته كما تكون له صفة من يقوم مقام القاصر (الولاية على الطفل، أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين، صـ26) وبالنسبة للمسئولية المدنية لمدير الدار فان القاضي يحكم في هذه الحالة على الجهة التي قامت بتعيين مدير الدار، وقد سبق لنا التعليق على حكم في هذا الشان،والله اعلم.