*يقسم الرهق التابع للأرض بحسب نسبة الملكية*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️
قضى الحكم محل تعليقنا بأن الرهق التابع للأرض الزراعية يقسم على ملاك الأرض بحسب قدر ملكية كل مالك في الأرض حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-1-2018م في الطعن رقم (59749)، وقد كان الحكم الابتدائي قد قضى بأن: ((جربة... تشرب موجا وأنه لا يجوز لأي طرف وضع عائق للماء من أي جهة وان العريم مشترك بين المدعي والمدعى عليه كونهما متجاورين وان كل حصة من حصص جربة... مساوية للأخرى بين جميع ملاك جربة.... في كل الحقوق المتعلقة بالرهق))، وقد قضى الحكم الاستئنافي: بتأييد الحكم الابتدائي، وورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي: ((فقد تبين أن الخلاف بين الطرفين منحصر بشأن الرهق التابع لموضع جربة... حيث يدعي المستأنف ضده حالياً المدعي أمام محكمة أول درجة ان الرهق تابع للجربة كاملة وان الجربة تشرب موجاً من ذلك الرهق بينما تمسك المدعى عليه أمام المحكمة الابتدائية المستأنف حالياً ان الرهق خاص به وانه يوجد عريم وسط الجربة هو الحد الفاصل بين المالكين المستأنف والمستأنف ضده، وقد تبين ان العريم مستحدث بشهادة العدلين... و... اثناء معاينة المحكمة الإبتدائية لمحل الخلاف، وهذا يؤكد ان الجربة تشرب موجاً وان الرهق مستحق لجميع ملاك الجربة كلٍ بقدر ما يملك))، ومن جهتها قضت الدائرة المدنية بإقرار الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((وحيث ان المعتبر في القانون ان مراهق الأموال من التوابع والتابع لا يفرد بالحكم وإنما يكون مستحقاً للأموال لكلٍ بقدر ملكه، ولذلك فإن ما قضت به محكمة الاستئناف من تأييدها لحكم محكمة أول درجة صائب وفي محله))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الأول: ماهية الرهق التابع للمال:*
➖➖➖➖➖
*▪️هو المنحدر الذي يصب ماؤه إلى الأرض الزراعية الملاصقة له ويكون تابعا لها عرفا أو شرعا، وفي هذا المعنى نصت المادة: (518) مدني على أنه: (يدخل في بيع الارض الماء من سيل او غيل ما لم يكن مستخرجا بيد عاملة او بعرف قاض بعدم الدخول وتدخل السواقي والمساقي والجدران والطرق المعتادة كما يدخل الشجر النابت فيها مما يراد به البقاء لا مالا يراد به ذلك من غصن او ورق او ثمر او زرع فانها لا تدخل الا بالنص عليها) وكذا تنص المادة: (516) مدني على أن: (يدخل في المبيع ما يندرج تحت اسمه عرفا وما كان متصلا به اتصال قرار تبعا بلا ذكر ولا يقابله شيء من الثمن كفناء الدار وما يوجد بالأرض من احجار. وكل ما لا يتناوله اسم المبيع عرفا وليس متصلا به اتصال قرار لا يدخل في المبيع الا بذكره ان كان من حقوق المبيع ومرافقه)، وكذا تنص المادة (42) من قانون أراضي وعقارات الدولة على أنه: (استثناء من أحكام المادة السابقة تعد من ملحقات الأراضي الزراعية المراهق الملاصقة لها إذا كان معدل ارتفاع الرهق لا تزيد نسبه انحداره على 20 درجة أو في حدود هذه النسبة إذا زاد معدل ارتفاع الرهق عن ذلك، ويبدأ احتساب نسبة الانحدار من الحد الفاصل بين الرهق والأرض الزراعية الملاصقة له)، كما تنص المادة (1363) مدني على أن: (حق الشرب يورث ويوصى بالانتفاع به، ولا يباع الا تبعا للأرض ولا يوهب ولا يؤجر الا لعرف)، ومن خلال عرض هذه النصوص يظهر أن الرهق التابع للأرض الزراعية ملحق شرعا أو عرفا بها وتابع لها ولازم لها فلا ينفك عنها.*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الثاني: قدر الحقوق المشتركة لملاك الأراضي الزراعية في الرهق التابع:*
➖➖➖➖➖
*▪️سبق القول في الوجه الأول: بأن النصوص القانونية قد صرحت بأن الرهق تابع للأرض الزراعية وملحق بها ومخصص لمنفعة الأرض الزراعية التابع لها، وعلى هذا الأساس فإن حقوق ملاك الأرض الزراعية في الرهق التابع وفي الإنتفاع به تكون بحسب قدر ملكية كل مالك في الأرض الزراعية، لأن الحق في الرهق تابع لملكية الأرض التي تنتفع به، فيكون حكمه حكم الأرض التي يتبعها.*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الثالث: عدم جواز التصرف بالرهق بصفة مستقلة عن الأرض التي يتبعها:*
➖➖➖➖➖
*▪️صرحت المادة (1363) مدني السابق ذكرها في الوجه الأول: ان الحق التابع للأرض لا يباع إلا تبعاً للأرض ويسري هذا الحكم على الرهق التابع، حيث نصت المادة السابق ذكرها على أن: (حق الشرب يورث ويوصى بالإنتفاع به ولا يباع إلا تبعاً للأرض)، غير أنه اذا تحولت الأرض الزراعية إلى عرصات للبناء فيجوز عندئذ بيع الرهق التابع بصفة مستقلة عن الأرض التي يتبعها.*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الرابع: تقسيم الماء المنحدر من الرهق التابع إلى الأرض الزراعية:*
➖➖➖➖➖
*▪️
قضى الحكم محل تعليقنا بأنه: ينبغي ان يترك الماء المنحدر من الرهق التابع على طبيعة انحداره إلى الأرض الزراعية فلا ينبغى وضع حواجز أو عوائق تحوّل دون إنحداره أو تحول إنحداره إلى جهة أخرى ، وعند وصول الماء إلى الأرض الزراعية لا يجوز لأي من ملاك الأرض ان يمنع وصول الماء إلى أرض جاره الملاصقة له، وقد كفل القانون المدني هذا الحق، غير أنه في بعض الحالات تكون هناك مساقي أو سواقي قديمة تنقل ماء المنحدر إلى اراض أخرى غير الأراضي المقابلة للمنحدر فعندئذ لايكون الرهق تابعا للأرض التي تقع مقابله.*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الخامس: المقصود بحق الشرب موجاً:*
➖➖➖➖➖
*▪️
حق الشرب موجاً مصطلح شائع في المديريات الزراعية المجاورة لأمانة العاصمة صنعاء، ويقصد به: نزول الماء من الرهق التابع إلى الأرض الزراعية الواقعة تحته من غير سواقي أو مساقي، وعند وصول الماء إلى الأرض الواقعة تحته يموج فيها موجا إلى الأراضي الملاصقة لها والمجاورة له من غير ساقية أو مسقى، ولذلك لا يحق للمالك في هذه الحالة ان يضع عريم كبير أو جدار يحوّل دون مسيل الماء إلى الأرض التي تليه، وليس المقصود بالعريم هنا هو العلامة الفاصلة بين الملاك وإنما الذي يحوّل دون انسياب الماء إلى الأرض الملاصقة، والله اعلم.*