مصير وثائق ملكية المورث السابقة على القسمة
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
في
بعض الحالات يقوم بعض الورثة بالإحتجاج على
بعضهم بوثيقة ملكية المورث السابقة لتاريخ
القسمة، مع أنه تترتب على عقد القسمة تقسيم تركة المورث على ورثته وتقسيم وثائق المورث
بين الورثة بحسب الأموال التي صارت لكل
وارث، وبناء على ذلك فإن عقد القسمة وفصولها تعد تعطيلاً لوثيقة ملكية المورث اذا
لم يتم تسليم وثيقة الملكية للوارث الذي ال
إليه المال المذكور في الوثيقة، وعلى هذا
الاساس لايجوز لأي من الورثة أو خلفهم الاحتجاج بوثيقة المورث السابقة على القسمة
إذا لم تسليمها للوارث الذي انتقل إليه المال الوارد في وثيقة المورث
السابقة على القسمة، غير أن هذه الوثيقة وإن كانت معطلة عند عدم تسليمها إلا أن
تلك الوثيقة دليل على ملكية المورث للعقار قبل قسمته بين الورثة، وقد أشار إلى هذه
المسألة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة
بتاريخ 17-7-2017م في الطعن رقم (58957)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما بالنسبة لما
اثاره الطاعنون فغير مؤثر، لأن ذلك جدل في الأدلة ومناقشتها، حيث سبق لمحكمة
الموضوع مناقشة ذلك والفصل فيه بأسباب سائغة وقانونية، فقد ثبت ان البصيرة التي
كان يحتج بها الطاعنون مضى عليها مائة وأربعون سنة وتاريخها سابق لفصل القسمة))، وسيكون
تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: الوضعية القانونية لوثائق ملكية المورث السابقة لقسمة التركة:
بموت
الإنسان وتموت معه ذمته المالية وشخصيته، حيث تتحول أمواله إلى تركة يرثها ورثته
الشرعيين، وعندئذٍ تكون وثائق ملكية المورث دليل على أن الأموال المثبتة في تلك
الوثائق كانت ملكاً صحيحاً للمورث قبل موته، ولذلك فإن أموال الثابتة ملكيتها
للمورث بموجب وثائق الملكية، ولذلك فإن هذه الأموال تركة شرعية قابلة للقسمة بين
الورثة، إذ لا يجوز قسمة المال الذي مات عنه المورث بين الورثة إلا بعد التأكد من
ملكية المورث لتلك الأموال ، ونخلص من هذا الوجه إلى القول: بأن وثائق ملكية
المورث قبل القسمة تكون لها حجيتها في مواجهة الورثة فيما بينهم وكذا فيما بين
الورثة وبين الغير الذي قد ينازعهم.
الوجه الثاني: وضعية وثائق ملكية المورث بعد إجراء القسمة:
بعد
إجراء القسمة الشرعية لتركة المورث وتقسيمها بين ورثته بحسب الانصبة الشرعية تسلم
وثائق الملكية لكل وارث بحسب المال الذي صار له بموجب القسمة،وإذا كانت الوثيقة
الواحدة تضم مالا تم تقسيمه بين اكثر من وارث فإن الوثيقة تكون مشتركة بين الورثة التي
صارت لهم الأرض أو المال كبصيرة أرض تم تقسميها بين أكثر من وارث، فيتم تنكيتها أو
تعطيلها أي الكتابة خلفها بأن الأرض قد تم تقسميها بين الورثة ويتم ذكر اسماء
الورثة الذين تم تقسيم الأرض عليهم وبيان مقدار ما صار لكل واحد منهم وحدوده، ويتم
تصوير نسخ طبق الأصل من هذه البصيرة بعدد الورثة الذين قسمت بينهم الأرض ويتم إثبات جوار عبارة التعطيل عبارة أخرى مفادها :ان البصيرة الأصل معطلة ومسلمة
للوارث فلان، وتكون وثائق الملكية المسلمة لكل وارث أصل يتم الإستناد إليه لإثبات ان
المال المذكور في فصل الوارث قد ال إلى الوارث بموجب القسمة الشرعية لتركة المورث،
لأن حجية الفصول قاصرة على الورثة، ولذلك لا بد من وجود الوثيقة الأصل التي تثبت ملكية المورث للمال قبل
صيرورته إلى الوارث بموجب فصل القسمة، ولذلك فإن القسمة لا تعد إبطالاً لمستندات ملكية المورث السابقة على القسمة، وإنما تحد القسمة من حجية وثائق
الملكية السابقة على القسمة بالنسبة للورثة فيما يتعلق بالزيادة والنقص والحدود
الواردة في الوثيقة السابقة للقسمة أو وكذا اذا لم يتم تسليم الوثيقة التي تخص
المال الذي ال إلى الوارث فلايجوز احتجاج الورثة الآخرين بها في مواجهة الوارث
الذي ال إليه المال ، فعقد القسمة يحد من
حجية بصيرة المورث السابقة للقسمة ، حيث يصير عقد القسمة والفصول المحررة بموجبه
هي التي يجب العمل بموجبها فيما بين الورثة، ولذلك لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد
قضى بعدم قبول إحتجاج بعض الورثة ببصيرة مورثهم السابقة على القسمة في مواجهة الورثة
الذين ال اليهم المال بموجب عقد القسمة ، والله اعلم.