من سعى إلى نقض ما ابرمه فسعيه مردود - في القانون

*من سعى إلى نقض ما ابرمه فسعيه مردود*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا يحق للملتزم ان ينقض الإلتزام الذي سبق له أن أبرمه حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-9-2015 م في الطعن رقم (56958)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فالبين ان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن والمطعون ضده بالتوقف على ما تضمنه رقم محرر الإتفاق بين الطرفين، وأنه لا مجال لتنصل الطاعن عن هذا الإتفاق الذي تحرر برضاء الطاعن واختياره دون إجبار أو إكراه من أحد، وان القاعدة الشرعية تنص على: ان من سعى إلى نقض ما ابرمه على نفسه فسعيه مردود عليه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الأول: معنى قاعدة (من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه):*
➖➖➖➖➖

*▪️
هذه قاعدة فقهية عامة عظيمة الشأن لها تطبيقات كثيرة في المعاملات، ومعنى هذه القاعدة أنه: إذا قام شخص بنقض التصرف الذي سبق له أن ابرمه أو امضاه ووافق عليه برضاه واختياره فلا إعتبار لنقضه ولا يعوّل عليه، فيظل تصرفه الذي ابرمه نافذ وملزم له، ولا يحق له نقضه أو التحلل منه دون رضاء وموافقة من تم التصرف لحسابه، فلا يحق له بمفرده ان ينقض التصرف الذي سبق له أن ابرمه أو امضاه.*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الثاني: نطاق قاعدة (من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه):*
➖➖➖➖➖

*▪️
سبق القول: ان هذه قاعدة عامة تنصرف إلى كافة العقود والتصرفات والإلتزامات التي يبرمها أو يمضيها الشخص، ومع ذلك فهناك تصرفات مستثناة من هذه القاعدة كالوقف فيجوز للواقف ان يتراجع عنه اثناء حياته وكذا الوصية أو الهبة إذا لم يقبلها الموهوب له ويقبضها، وكذا الطلاق يجوز للمطلق ان يرجع عنه، وكذلك الحال اذا شاب إرادة الشخص المتصرف اي عيب من عيوب الإرادة كالغلط والتدليس والاكراه، ومع هذه الاستثناءآت التي ترد على هذه القاعدة، فان قاعدة (من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه) عامة ونطاقها واسع جداً، فلا يجوز للبائع ان يتراجع عن البيع، ولا يجوز للمقر لغيره ان يتراجع عن إقراره...إلخ، ومن تطبيقات هذه القاعدة في القانون المدني المادة (211) التي نصت على أن: (العقد ملزم للمتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإتفاق الطرفين...إلخ).*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الثالث: الحكمة من قاعدة (من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه):*
➖➖➖➖➖

*▪️
الحكمة من هذه القاعدة الجليلة القدر هي: المحافظة على إستقرار العقود والتصرفات وحماية الإلتزامات من تقلبات واهواء المتصرفين، فلو جاز للأشخاص نقض العقود والتصرفات التي ابرموها في السابق برضاهم واختيارهم لما استقرت معاملة من المعاملات أو تصرف من التصرفات، فلولا هذه القاعدة لسادت الفوضى والتحلل من الإلتزامات، ولأهمية هذه القاعدة فقد وردت في كثير من القوانين المدنية وقوانين المعاملات في كثير من الدول العربية، والله اعلم.*