*لا يختص القضاء بالحكم بتسوية وضع العامل*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️
الأعمال والوظائف والدرجات في جهة العمل تخضع للسلطة التقديرية لمتخذ القرار الإداري في الشركات والموسسات، فهو الذي يقدر مدى مناسبة وملائمة شغل العامل للوظيفة، فلمدير الشركة ان يسند الوظيفة أو العمل للعامل الذي يقدر أنه سيقوم بواجبات واعباء الوظيفة على اتم وجه، وعلى هذا الأساس فإن إسناد الوظائف والاعمال في جهة العمل يخضع للسلطة التقديرية لصاحب العمل من غير رقابة القضاء على ذلك، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4/4/2018م في الطعن رقم (59507)، وقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم: ((فقد وجدت الدائرة ان قضاء الحكم المطعون فيه لا تطمئن إليه النفس، خصوصاً ان الشعبة لم تدرك ما تركه القانون لرب العمل ومنع اللجنة التحكيمية من النظر فيه، وذلك فيما قضت به بلزوم تسوية درجة العامل المحكوم له، فهذا الأمر له طبيعة إدارية لا ولاية للجنة التحكيمية في نظره، وان كان لها الولاية في جبر الضرر الحاصل للعامل في هذا الشأن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الأول: المقصود بتسوية وضع العامل:*
➖➖➖➖➖
*▪️
وفقاً لما ورد في الحكم محل تعليقنا فان المقصود بتسوية وضع العامل: هو البحث في مدى مناسبة شغل العامل للوظيفة قياساً بنظراء العامل في الجهة التي يعمل بها العامل، وبالنظر إلى مؤهلات وخبرات العامل المطلوب تسوية وضعه ومدة عمله ، حيث يسفر هذا البحث عن تحديد الدرجة والمستحقات التي يستحقها العامل المطلوب تسوية وضعه، وبيان ما إذا كان من المناسب ان يشغل العامل الدرجة أو الوظيفة المناسبة في ضوء النظم واللوائح النافذة في جهة العمل وفي ضوء الحالات المماثلة لحالة العامل، وبناءً على ذلك تتم تسوية وضع العامل وتحديد الدرجة أو الوظيفة التي يستحقها العامل المطلوب تسوية وضعه.*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الثاني: تسوية وضع العامل مسألة إدارية:*
➖➖➖➖➖
*▪️
في ضوء ما سبق ذكره في الوجه الأول يظهر أن تسوية وضع العامل في جهة عمله ومدى مناسبة وملائمة شغله للوظيفة مسألة إدارية تخضع للسلطة التقديرية للإدارة في جهة عمل العامل حسبما قضى الحكم محل تعليقنا ، فادارة الشركةالتي يعمل لديها العامل تملك السلطة التقديرية في مدى ملائمة ومناسبة إسناد الوظيفة أو العمل المناسب للعامل بحسب سياستها وخططها وبرامجها الإدارية وبحسب أداء العامل وقدراته ، فهناك اعتبارات إدارية وظيفية بحتة تجعل الإدارة تسند بعض الأعمال والوظائف إلى العمال لديها ، فقد تجد إدارة الشركة أنه من المناسب لعمل الشركة ان تسند الوظيفة إلى العامل الاحدث في التعيين أو الأقل مؤهلاً وخبرة لإعتبارات إدارية تخضع للسلطة التقديرية للإدارة ، لأن إدارة الشركة هي المختصة والمسئولة قانوناً عن النهوض بأعمال الشركة، فقد تجد الادارة أنه من المناسب والملائم تعيين العامل الأحدث أو الأقل خدمة أو مؤهلاً لإعتبارات إدارية خاضعة لسلطتها التقديرية، ولذلك فإن رقابة القضاء لا تمتد إلى الرقابة على مدى ملائمة القرارات الإدارية التي تتخذها إدارة الشركة في تصريف أعمالها وانشطتها وتعيين العمال في وظائف واعمال الشركة ، ومن ذلك قرار تعيين العامل أو تسوية وضع العامل.*
➖➖➖➖➖
*▪️
الوجه الثالث: حق العامل الذي لم تقم الشركة بتسوية وضعه الوظيفي حقه في الحصول على التعويض المناسب:*
➖➖➖➖➖
*▪️
إذا كان من المقرر ان ترقية العامل أو تسوية وضعه الوظيفي مسألة إدارية تخضع للسلطة التقديرية لإدارة الشركة، غير أن وظيفة القضاء هي رفع الضرر أو التعويض عنه إذا ما تمت أمام القضاء إثارة خطأ الإدارة في عدم مساواة العامل بأمثاله، اذا ثبت أمام القضاء هذا الخطأ وثبت الضرر الذي لحق بالعامل جراء ذلك الخطا، فإذا تعذر على القضاء رفع الضرر في هذه الحالة ومساواة العامل بأمثاله فأنه من غير المتعذر ان يحكم القضاء بتعويض العامل الذي لم تقم جهة عمله بتسوية وضعه الوظيفي ومساواته بأمثاله، لأن ذلك لا يكون تدخلاً من القضاء في السلطة التقديرية لإدارة الشركة، ولذلك فقد لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد صرح بأحقية العامل الذي لم تتم تسوية وضعه أحقيته في التعويض، والله اعلم.*