الحكم في المبيع ملزم لمن انتقل إليه المبيع - في القانون اليمني

*الحكم في المبيع ملزم لمن انتقل إليه المبيع*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الحكم الذي يصدر بشأن المبيع يكون ملزماً لمن انتقل إليه المبيع مهما تداول المبيع فيبقى محكوما بالحكم القضائي، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12-2-2012م في الطعن رقم (45439)، حيث ورد في أسباب الحكم الاستئنافي: ((وبما أن الحكم المشار إليه قد أكد ملكية المكان المتنازع عليه لـ.... فإن ذلك الحكم حجة على مؤرث المستأنفين وعليهم من بعده فيما يخص المدعى به محل النزاع، وأنه قد آل إلى مؤرثهم بالشراء من.... بموجب بصيرة الشراء المؤرخة...))، وقد أقر حكم المحكمة العليا الحكم الاستئنافي، حيث ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد وجدت الدائرة مناعي الطاعن في غير محلها وغير مؤثرة على الحكم المطعون فيه، لأنه قد ناقش في أسبابه ورد على كل ما اثير من كل طرف من اطراف القضية مما شكل أساساً كافياً لبناء الحكم))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الاول: حجية الحكم:*

➖➖➖➖➖

*▪️حجية الحكم هى لزوم تنفيذ الحكم والعمل بمقتضى منطوق الحكم، فتثبت الحجية للحكم فيما فصل فيه من حقوق، حيث تعتبر هذه الحجية قرينة قاطعة لا تقبل نقضها، ومؤداها أن الحكم قد صدر صحيحا، فهو حجة فيما قضى به، فالأحكام التي صدرت من القضاء تعتبر حجة فيما فصلت فيه وقرينة لا تقبل إثبات العكس، تفيد أن الحكم قد صدر صحيحا من ناحية الشكل وعلى حق من ناحية الموضوع، فالحكم يحمل في ذاته قرينة الحقيقة القانونية، كما أنه يحمل في ذاته قرينة الصحة، وينتج عن تلك الحجية أثران، الأول هو الأثر السلبي ومن مقتضاه عدم جواز إعادة نظر النزاع، أي انه يمتنع على الخصوم عرض النزاع من جديد على القضاء ما دام قد سبق الفصل فيه، إما الثاني فهو الأثر الإيجابي وهو يفيد أن ما قضى به الحكم يمكن الاحتجاج به أمام أية محكمة أخرى، وحجية الشيء المقضي به تلعب دورها خارج الخصومة التي صدر فيها الحكم الحائز لهذه الحجية، فهي تلعب هذا الدور بالنسبة للمستقبل، بمعنى أنه تكفل احترام الحكم الصادر بالنسبة للمستقبل فلا يجوز إعادة طرح هذا النزاع بذات عناصره على أية محكمة أخرى بعد صدور حكم قطعي في موضوعه سواء من قبل أطراف الخصومة التي فصل فيها الحكم أو خلفهم ، فأن إعادة طرح النزاع في هذه الحالة يترتب عليه عدم القبول بإعتبار ذلك من النظام العام، وبجانب هذا الأثر السلبي، يترتب على الحجية أثر إيجابي، إذ تؤدي الحجية إلى احترام مضمون الحكم القضائي، وتختلف حجية الأمر المقضي عن قوة الأمر المقضي، فالحجية والقوة فكرتان مختلفتان: فحجية الأمر المقضي، هي عبارة عن قرينة قانونية، مفادها أن الحكم متى صدر يعتبر صحيحا يتمتع بالحجية بمجرد صدوره وإن كان يقبل الطعن بطرق الطعن العادية.، أما قوة الأمر المقضي أو قوة الشيء المحكوم فيه، فهي مرتبة يصل إليها الحكم إذا أصبح غير قابل للطعن فيه بالطرق العادية.، سواء صدر غير قابل للطعن أو أصبح كذلك بانقضاء مواعيد الطعن أو برفض الطعن أو عدم قبوله، والحجية تثبت للحكم ، لأنه يمثل حماية تأكيدية للحقوق والمراكز القانونية المنازعة، ويتفق الرأي في الفقه والقضاء على أن حجية الأمر المقضي إنما تثبت في الأصل لمنطوق الحكم باعتباره الجزء من الحكم الذي يشمل ألشئ المحكوم به أي أن المنطوق هو القرار الفاصل في النزاع، وقد يكون منطوق الحكم مشوبا باللبس والغموض يحتاج فهمه إلى الرجوع إلى أسباب الحكم لتفسيره، وقد تشتمل الأسباب على أمر يعد مقدمة منطقية لما ورد في المنطوق، فتعتبر الأسباب متممة للمنطوق وتحوز حجية الأمر المقضي ، أما بالنسبة لثبوت الحجية للوقائع فتعتبر من الحالات النادرة، فقد يعجز منطوق الحكم وأسبابه عن تحديد نطاق ما تم الفصل فيه، بحيث يكون من غير الممكن تحديد نطاق المنطوق دون الرجوع إلى وقائع الدعوى، وفي هذه الحالة تعتبر الوقائع مكملة للمنطوق وتحوز حجية الأمر المقضى، ومن خلال ماتقدم يظهر ان حجية الحكم تتعلق بالشي الذي كان محل نزاع بين الخصوم حيث يحسم النزاع بشأن هذا الشئ ويحدد المراكز القانونية بشأن الشئ أو المال الذي كان محل نزاع، فإذا انتقل المال أو الحق المقضي به إلى الغير باي وجه فإن حجية الحكم الذي قضى به تنتقل معه، (الطعن المباشر في الأحكام القضائية،امل خميس، ص 21 ).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: نسبية حجية الحكم:*
➖➖➖➖➖

*▪️مفاد ذلك أن “الأصل في حجية الأحكام أنها نسبية لا يُضار ولا يتقيد بها غير الخصوم الحقيقين الذين كانوا أطراف النزاع الذي فصل به الحكم، فلا يستطيع الشخص الذى صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به على من كان خارجاً عن الخصومة ولم يكن ممثلاً فيها وفقاً للقواعد القانونية المقررة في هذا الشأن، ويجوز لغير الخصوم في هذا الحكم التمسك بعدم الاعتداد به في مواجهته،فإذا كان من المقرر عدم حجية الحكم على الأشخاص الذين لم يكونوا طرفا في النزاع الذي حسمه الحكم الا ان هذا الحكم يكون حجة على من حل محل الخصوم الذين كانوا اطرافا في ذلك النزاع ومن انتقل إليه ألشئ اوالحق المقضي به بالبيع أو غيره.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: حجية الحكم على الخلف الخاص والخلف الخاص:*
➖➖➖➖➖

*▪️سبق القول أن المقصود بحجية الامر المقضى ان الحكم القضائى يكون له حجة فيما فصل فيه من الحقوق، ويحوز الحكم الصادر - الحجية والاحترام بحيث اذا رفع احد الخصوم الدعوى ذاتها مرة أخرى التى سبق الفصل فيها بالحكم فيتعين عدم قبولها، وذلك لسبق صدور حكم فيها بين الخصوم، فالمقصود بالحجية هنا "حجية الامر المقضى "أن الحكم يتمتع بنوع من الحرمة بمقتضاها تمتنع مناقشة ماحكم به فى دعوى جديدة، فالحكم يعتبر حجة على الخصوم الحقيقيين وخلفائهم من بعدهم سواء اكانت الخلافة عامة ام خاصة فيكون حجة على الورثة والمشترين والدائنين ايضا، اى ان الحكم يكون حجة على الخلف العام و الخلف الخاص الذين ينتقل إليهم الشئ الذي قضى به الحكم أو الذين خلفوا المحكوم عليه ، وحجية الحكم سواء بالنسبة لأطراف الحكم أو خلفهم متعلقة بالنظام العام، فهى مقرره للصالح العام الذى يحرص على استقرار الحماية القضائية التى يمنحها القضاء، بمعنى ان الحجية تتعلق بالنظام العام، فيجب على القضاء احترام هذه الحجية ولو لم يحترمها الخصوم ولو لم يدفعوا بها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: عدم تقادم حجية الحكم:*
➖➖➖➖➖

*▪️من المتفق عليه ان حجية الحكم لاتتقادم، فإن الحكم الذي حاز الحجية يكون نافذا في مواجهة اطرافه وخلفهم، فلا يملك هولاء الدفع بتقادم الحكم، لذلك يكون الحكم ملزما لهم، فيجب عليهم احترامه والعمل بمقتضاه، والله اعلم.*