*الطريق العام ليست مالاً مباحاً*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الطريق العام ليست مالاً مباحاً حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12-13-2015م في الطعن رقم (56712)، فقد تضمنت أسباب الحكم الاستئنافي ((ان ما ذكره المستأنف بأنه قد حفر في مباح فإن هذا القول غير صحيح، لأن الثابت أن المكان الذي تم فيه الحفر هو طريق عامة، فما ذكر المستأنف أنه في مباح غير صحيح، لأن الطريق تعتبر حقاً عاماً فلا يجوز الإعتداء عليها أو تملكها أو الحفر أو البناء فيها، ولذلك فمن غير الجائز حفر المستأنف فيها))، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرت الدائرة المدنية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا ((وعند رجوع الدائرة إلى الأوراق مشتملات الملف فقد تبين ان محكمة الاستئناف قد ناقشت القضية مناقشة وافية كافية وفصلت فيها بأسباب موافقة وتوصلت بعد ذلك إلى نتيجة سليمة في قضائها بتأييد الحكم الابتدائي الموافق للشرع والقانون الذي قضى: بأن الطريق العام ليست مالاً مباحاً وإنما لإنتفاع الكافة به))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الوضعية القانونية للمال المباح:*
➖➖➖➖➖
*▪️الأموال المباحة في القانون المدني هي: الأراضي الموات التي لايملكها ولا يحوزها احد، وفي هذا المعنى نصت المادة (120) مدني على أنه: (وتعتبر الأراضي الموات التي لا يستأثر بحيازتها أحد مباحة للجميع ويجوز للدولة والأفراد تملكها بقدر الحاجة طبقاً لما ينص عليه القانون في موضوع الاحياء والتحجر)، وضمن أسباب كسب الملكية وبعنوان: إحياء الأرض الموات المباحة نصت المادة (1242) مدني على أنه: (يجوز للمسلم إحياء أو تحجر الأرض الموات المباحة للكافة وهي التي لم يملكها أحد ولا تحجرها أحد ولا تعلق بها حق عام أو خاص طبقاً لما هو منصوص عليه في هذا القانون وقانون المراهق والمرافق العامة والخاصة)، وقد كان الطاعن يستند إلى نصوص القانون المدني في قيامه بالحفر في الطريق لأنها ليست ملكاً لأحد ولا يحوزها أحد، إلا ان الحكم محل تعليقنا قضى: بأن الطريق العام يتعلق بها حق عام وهو الإنتفاع المشترك بها من قبل المواطنين كافة ، وبما أن المادة (1242) مدني السابق ذكرها قد احالت تملك الأرض الموات إلى قانون أراضي وعقارات الدولة فإن هذا القانون صرح بأن: الأراضي البور التي لا تزرع وكذا الأراضي الصحراوية والاحراش والغابات والمراهق العامة والشواطئ ومحارمها والجزر الغير مأهولة ملكاً للدولة حسبما ورد في المادة (6) من قانون أراضي الدولة، فهذه الأموال المذكورة في المادة (6) من قانون أراضي الدولة هي الأراضي الموات المذكورة في القانون المدني، وقد صرح قانون أراضي وعقارات الدولة بأنه: لا يجوز تملك الأراضي الموات بإعتبارها مملوكة ملكية عامة بل أن قانون أراضي وعقارات الدولة قد جعل تملكها من غير موافقة هيئة الأراضي جريمة يعاقب عليها القانون.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الوضعية القانونية للطريق العام:*
➖➖➖➖➖
*▪️الطريق العام من الأملاك العامة المخصصة للنفع العام أما بطبيعتها كأن يتخذها المواطنون من تلقاء انفسهم طريقاً عاماً أو تقوم الدولة بتخصيصها كطريق عام لمنفعة أفراد المجتمع، وفي هذا الشأن نصت المادة (5) من قانون أراضي وعقارات الدولة على أنه: (ويعتبر من الأملاك العامة ماهو مخصص بطبيعته أو تم تخصيصه للمنفعة العامة)، وفكرة تخصيص الطريق العامة للمنفعة العامة تقتضي جواز الإنتفاع المشترك لكافة الناس فيما خصصت له الطريق العامة وهو السير فيها، وفي الوقت ذاته فإن فكرة التخصيص للطريق العامة تتنافى وتتعارض مع إستعمال الطريق العامة في غير ما خصصت له، فلا يجوز الحفر فيها كما لا يجوز نصب خيام الأعراس فيها وكذا لا يجوز وضع الحجارة والأخشاب وخزانات المياه فيها وكذا لا يجوز وضع السيارات العاطلة فيها كما لايجوز منع الناس من السير فيها، ولايجوز وضع الحواجز والموانع فيها، لأن كل هذه الأفعال والتصرفات تتنافى مع مفهوم تخصيص الطريق العامة للسير فيها، لأن إستعمال الطريق العام في غير ما تم تخصصها لأجله يعطل منفعتها العامة، والله اعلم.*