القرابة تمنع التمسك بالحيازة - في القانون اليمني

*القرابة تمنع التمسك بالحيازة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪أمر الله تعالى بالمعروف بين الأقارب قال تعالى (قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين)، فالاقربون أولى بالمعروف، حيث تطغى علاقة القرابة على غيرها من العلاقات الأخرى بين الأقارب، فالقريب يتساهل مع قريبه الحائز لارضه أو عقاره بإعتبار ذلك من مظاهر البر والاحسان وصلة القربي، وتطبيقاً لذلك لايصح ان يتمسك القريب بالثبوت والحيازة في مواجهة قريبه الذي احسن إليه قال تعالى (ماعلى المحسنين من سبيل)، وعلى هذا الأساس فقد نص القانون المدني على أن القرابة مانعة للقريب من التمسك بالحيازة والثبوت في مواجهة قريبه مهما كانت درجة القرابة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-10-2015م في الطعن رقم (57120)، فقد قضى الحكم الابتدائي برفض دعوى الحيازة والثبوت لقرابة الحائزين للمالك المشتري من مؤرث المدعى عليهم، وقد قضى الحكم الاستئنافي بتأييد الحكم الابتدائي، وجاء ضمن أسباب الحكم الاستئنافي ((فلا عبرة بما يدعيه المستأنفون من حيازة لاسيما مع عدم ثبوت ذلك الإعتداء، ناهيك أنه لا ثبوت بين الأقارب البائعين للمستأنف ضده))، وقد قضى حكم المحكمة العليا ((فقد تبين أن ما ورد في الطعن بالنقض يعتبر من الوقائع التي سبق طرحها أمام محكمتي الموضوع ولم تتحقق فيه حالة من حالات الطعن بالنقض، وبالرجوع إلى الحكم الاستئنافي تبين أن هيئة الشعبة ناقشت ما فصلت فيه محكمة أول درجة وما تم تقديمه لديها فكان حكمها موافقاً للصواب))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: السند القانوني للحكم بأن القرابة مانعة من التمسك بالحيازة:*
➖➖➖➖➖

*▪️كان المطعون ضده في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا قد اشترى الأرض من مؤرث الطاعنين الحائزين وترك الأرض في حيازة البائع ينتفع بها (يترعوى فيها)، لأن البائع والمشتري اقارب، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن القرابة مانعة من التمسك بالحيازة في مواجهة القريب، وسند الحكم في ذلك نص المادة (1118) مدني التي نصت على أنه: (لا تسمع دعوى الملك من حاضر على ذي اليد الثابتة الذي يتصرف تصرف المالك بلا مطالبة ولا قرابة ولا مصاهرة ولا ظروف غير عادية تسود فيها الفوضى او التغلب ويتعذر فيها الوصول إلى الحق وذلك بعد مضي ثلاثين سنة من يوم وضع اليد والعبرة في إعتبار الشخص غائباً عن البلد هي بوجوده خارجها طوال المدة المقررة، ويعتبر حاضراً اذا كان متردداً اليها، ويستثنى من ذلك الميراث والوقف والشراكة فلا تحدد بمدة ويلحق بذلك اذا كان هناك قرائن قوية دالة على صحة الدعوى فتسمع تأكيداً لحفظ الحقوق)، ومن خلال استقراء هذا النص نجد أنه قد صرح بأن القرابة مانعة من التمسك بالحيازة بين الأقارب.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مفهوم القرابة المانعة من التمسك بالحيازة:*

➖➖➖➖➖

*▪️ورد مصطلح القرابة في المادة (1118) السابق ذكرها في الوجه الأول ورد مصطلح (القرابة) مطلقاً وعاماً من غير تقييد بدرجة معينة من درجات القرابة أو نوع من أنواع القرابة، ولذلك فإن أي قرابة مهما كانت درجتها أو نوعها مانعة من التمسك بالحيازة، لأن القرابة بأنواعها باعث على التساهل مع الأقارب في حيازتهم وعدم معارضتهم، فيحمل سكوت القريب على حيازة قريبه على هذا المحمل.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: تبرير منع القرابة للتمسك بالحيازة:*
➖➖➖➖➖

*▪️يظهر الحائز لمال قريبه بمظهر المالك فيتصرف بغلال العين، فلا يدفع منها لمالك العين( الأجرة )، ويقوم المستأجر بإصلاح العين وتوسعيها من غير معارضة المالك الذي يدفعه على السكوت القرابة واطمئنانه لجانب قريبه الحائز بأنه لن يجحده حقه ويتمسك بالحيازة في مواجهته، قال تعالى( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )، ولأن المالك مأمور بالإحسان إلى قريبه وليس من ذلك منعه ومعارضته في الإنتفاع بالمال، فلو جاز التمسك بالحيازة بين الأقارب لترتب على ذلك تعطيل أوجه البر والإحسان والمعروف بين الأقارب، والله اعلم.*