*قيد طلب الشفعة لدى الأمين الشرعي*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️حدد قانون الإثبات مدة طلب الشفعة وهي ثلاثة أيام من تاريخ علم الشفيع بالبيع ، غير أن القانون لم يحدد الجهة التي يتم قيد الطلب أمامها وإنما أشار إلى أن طلب الشفعة يوجه مباشرة إلى المشتري المشفوع منه ، ولذلك يثور النقاش والجدال بشأن قيد الشفعة لدى الأمين الشرعي مثلما أشار الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-3-2015م في الطعن رقم (56644)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وبعد الإطلاع على مشتملات ملف القضية وجدت الدائرة ان ما نعاه الطاعن بقوله: ان الحكم المطعون فيه مخالف للشرع والقانون وقد اخطأ في تطبيق القانون، لأن المطعون ضده قام بقيد الشفعة لدى الأمين الشرعي مخالفا بذلك للقانون الذي نص على أن طلب الشفعة يوجه إلى المشتري وليس الأمين حسب زعم الطاعن، لأن قيد المطعون ضده الشفعة لدى الأمين فور العلم بالشراء لا يعني طلبها من المشفوع منه لعدم الدليل على ذلك من قبل الشفيع، لذلك فإن هذا الامر يعد تراخياً من الشفيع، والدائرة لا تمنع جواز قيد الشفعة لدى الأمين، أما المطالبة بها خلال المدة القانونية فلا تكون إلا لدى المحكمة المختصة، وهو ما تم تقريره بقضاء المحكمة الابتدائية))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: قيد طلب الشفعة في القانون المدني:*
➖➖➖➖➖
*▪️صرح القانون المدني بأن طلب الشفعة يصدر من الشفيع نفسه أو وكيله أو ولي الصغير والمجنون حسبما هو منصوص عليه في المادتين (1274 و1278) مدني، وفي الوقت ذاته صرح القانون المدني بأن طلب الشفعة يتم توجيهه من الشفيع طالب الشفعة مباشرة إلى المشتري المشفوع منه، فلم ينص القانون على ان يتم قيد طلب الشفعة لدى الأمين الشرعي أو حتى لدى المحكمة، وصرح القانون المدني أيضاً بأنه إذا لم يستجب المشتري لطلب الشفعة فيحق للشفيع ان يتقدم أمام المحكمة المختصة بدعوى طلب الشفعة، وفي هذا الأمر نصت المادة (1274) مدني على أنه: (يلزم الشفيع الحاضر مجلس العقد ان يطلب الشفعة في المجلس مالم يكن له عذر مقبول ويلزم الشفيع الغائب عن مجلس العقد ان يطلب الشفعة في مجلس علمه بالعقد مالم يكن له عذر مقبول، ويلزم من كان له عذر مقبول ان يطلب الشفعة من وقت زوال العذر، ويكون طلب الشفعة من المشتري ولو كانت العين المشفوعة في يد البائع ويصح طلبها من وكيل المشتري اذا اضاف الشراء اليه فاذا سلم الوكيل العين المشفوعة للأصيل فلا يصح الطلب الا من الأصيل)، وفي السياق ذاته نصت المادة (1275) مدني على أنه: (اذا لم يستجب المطلوب للشفعة طوعاً كان للشفيع طلب مخاصمته امام القضاء لتملك العين المشفوعة وان لم يرافعه في مدة ثلاثين يوماً من وقت طلب الشفعة سقط حقه الا لعذر مقبول)، وكذا نصت المادة (1278) مدني على أن: (يقوم ولي الصغير ومن في حكمه مقامه في طلب الشفعة منه أو له ويجوز للشفيع الغائب ان يوكل عنه من يقدم طلب الشفعة له)، وفي القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان الطاعن يتمسك بنصوص القانون المدني السابق ذكرها التي نصت على أن طلب الشفعة يوجه من الشفيع طالب الشفعة مباشرة إلى المشتري للعين المشفوعة من غير حاجة إلى قيدها لدى الامين الشرعي أو المحكمة، ومن هذا المنطلق فقد كان الطاعن يرى أن الحكم المطعون فيه قد خالف النصوص القانونية السابق ذكرها حينما اجاز قيد الشفعة لدى الأمين الشرعي، لأن القانون لم ينص على ذلك وإنما نص على أن طلب الشفعة يوجه إلى المشتري نفسه فإذا رفض المشتري طلب الشفعة خلال الثلاثة الأيام من تاريخ علم الشفيع بالبيع فإن الشفيع يتقدم إلى المحكمة ليس لقيد طلب الشفعة وإنما لطلب الحكم له بالشفعة من قبل القضاء.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: أساس قيد طلب الشفعة لدى الامين الشرعي:*
➖➖➖➖➖
*▪️سبق القول أنه ليس هناك أساس قانوني في القانون المدني لقيد طلب الشفعة لدى الأمين الشرعي، غير أن قانون التوثيق عرف الأمين الشرعي في المادة (2) بأنه: (الشخص المكلف بالقيام بتحرير العقود المتعلقة بالأحوال الشخصية أو البيع أو الشراء أو الوصايا ونحوها بموجب هذا القانون والقوانين الأخرى)، وفي هذا السياق نصت المادة (17) توثيق على أن: (يمارس الأمين المهام الأتية: -أ- تحرير عقود الزواج وشهادات الطلاق والرجعة على النماذج الرسمية المعدة لذلك –ب- تحرير الوكالات والتصرفات والمحررات الأخرى التي يوجبها هذا القانون والقوانين النافذة أو بناءً على طلب ذوي المصلحة وفقاً لما تحدده اللائحة)، وبناءً على هذا النص فإن طلب قيد الشفعة يندرج ضمن مفهوم طلب ذوي المصلحة، فمصلحة الشفيع ان يطلب من الأمين الشرعي قيد طلبه الشفعة، والله اعلم.*