*إذا تحددت مساحة الرهق في البصيرة أو الفصل فلا مجال للمطالبة بتقاسمه*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️في بعض الحالات يقوم البائع بالتصرف في أرضه إلى عدة أشخاص في وقت واحد ويحدد في مبيع كل واحد من المشترين الرهق التابع له، وفي بعض الحالات نجد فصول المتقاسمين تتضمن نصيب كل واحد منهم من الأرض والرهق التابع لها ، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأنه إذا تحددت مساحة الرهق التابع للأرض في البصيرة أو الفصل فلا يحق منازعة صاحب البصيرة أو الفصل في الرهق المحدد في بصيرته أو فصله ولو كانت مساحته كبيرة ولو كان ماؤه يسيل أيضا إلى الأراضي المجاورة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-11-2014م في الطعن رقم (55648)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وبإطلاع الدائرة المدنية على أوراق القضية فقد وجدت أن الطاعن ينعي على الحكمين الابتدائي والاستئنافي أنهما قد حكما للمطعون ضدهم بأكثر مما طلبوه في دعواهم، فقد حكما للمطعون ضدهم بكامل الرهق مع أن دعواهم مبعضة لا تشمل الرهق كاملاً، والدائرة تجد أن هذا النعي في غير محله لمخالفته للثابت في الأوراق، لأن دعوى المطعون ضدهم قد بينت الرهق المدعى به ومساحته..... لبنة وتضمنت ان فصول المطعون ضدهم قد شملت ذلك الرهق، وان الطاعن قد عجز عن إبراز المراقيم التي قال أنها قد قسمت الرهق المتنازع عليه بين الطاعن والمطعون ضدهم))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية الرهق التابع للأرض الزراعية والوضعية القانونية له:*
➖➖➖➖➖
*▪️تنص المادة (40) من قانون أراضي وعقارات الدولة على أن: الرهق الملاصق للأراضي الزراعية تابع لها، ويدخل في المبيع الذي ينتقل إلى المشتري وفقاً للمواد (516 و517 و 518) مدني يدخل في المبيع ما يندرج تحت اسمه عرفاً وما كان متصلاً به إتصال قرار تبعاً بلا ذكر ولا يقابله شيء من الثمن كفناء الدار وما يوجد بالأرض من احجار وكل ما يتناوله اسم المبيع عرفاً وليس متصلاً به إتصال قرار لا يدخل في المبيع إلا بذكره إن كان من حقوق المبيع ومرافقه، كما يدخل في بيع الدار والمنزل والحانوت ونحوها طرقها وكل ما لصق بها مما ينتفع به في مكانه دون نقل، ويدخل في بيع الأرض الماء من سيل أو غيل مالم يكن مستخرجاً بيد عامله أو بعرف قاض بعدم الدخول، وتدخل في المبيع السواقي والمساقي والجدران والطرق المعتادة، كما يدخل في بيع الأرض الشجر النابت فيها مما يراد به لا ما يراد به من غصن أو ورق أو ثمر أو زرع فأنها لا تدخل إلا بالنص عليها، ومن خلال ما ورد في النصوص القانونية السابق ذكرها يظهر أن الرهق التابع للأراضي الزراعية هي السواقي والمساقي (الصبابات) والطرق المؤدية إلى الأراضي الزراعية بإعتبار الرهق تابع للأرض الزراعية لا يستقل عنها فيتعذر الإنتفاع بالأرض الزراعية بدون رهقها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: عدم جواز التصرف في رهق الأرض الزراعية إستقلالاً عنها:*
➖➖➖➖➖
*▪️سبق القول: بأنه يتعذر الإنتفاع بالأرض الزراعية بدون الرهق التابع لها، وبناءً على ذلك لا يجوز بيع مسقى الأرض على حدة أو الطريق إليها بصفة مستقلة عن الأرض الزراعية، لأن التابع لا يجوز التصرف فيه إستقلالاً عن المتبوع، وفي هذا المعنى نصت المادة (1363) مدني على أن (حق الشرب يورث ويوصى بالانتفاع به, ولا يباع الا تبعا للارض ولا يوهب ولا يؤجر الا لعرف). وقد علقنا على أكثر من حكم في هذا الموضوع، ولكن إذا تحولت الأرض الزراعية إلى عرصات للبناء فيجوز عندئذ التصرف في رهقها إستقلالاً، لان أرض البناء لا تحتاج إلى مساقي وصبابات.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: تحديد مساحة الرهق في الفصل أو البصيرة:*
➖➖➖➖➖
*▪️في بعض الحالات يتم ذكر الرهق التابع للأرض الزراعية في بصيرة شرائها أو في الفصل الخاص بالوراث، فيتم ذكر الرهق التابع للأرض عن طريق ذكر قدر مساحة الرهق في البصيرة أو الفصل مثل عشرين لبنة مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، وفي بعض الحالات يتم تحديد مساحة الرهق عن طريق ذكر حدود الرهق التابع للأرض مثل (ويلحق بها الصبابات أو المنحدر أو الرهق حتى حيد كذا أو ضاحة أو قوز أو جبل أو تلة أو تبه شمالاً وجنوباً السائلة العظمى..إلخ .)، وفي بعض الحالات يتم دمج مساحة الرهق بمساحة الأرض الزراعية كأن يذكر المساحة الإجمالية للأرض الزراعية مع الرهق التابع لها فيذكر حدود الأرض المبيعة كاملة مع الرهق.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: تقسيم الرهق عند عدم ذكره في البصيرة والفصل:*
➖➖➖➖➖
*▪️كان جانب من النقاش في الحكم محل تعليقنا بشأن تقسيم الرهق على الأرض الزراعية، والمعلوم أن الرهق في الغالب يتم تقسيمه إذا لم يتم تحديد نصيب كل أرض من الرهق في البصيرة أو الفصل، ففي هذه الحالة يتم تقسيم الرهق المشترك بين ملاك الأرض الزراعية على قدر مساحة الأرض الزراعية لكل مالك ، وفي بعض الحالات يتم تقسيم الرهق على أساس ان لكل مالك ما يقابله أو يحيط به من الرهق، وقد رفض الحكم محل تعليقنا طلب الطاعن تقسيم الرهق على أساس مساحة كل مالك من الأرض الزراعية، لأن مساحة الرهق التابع للمطعون ضدهم وحدود ذلك الرهق قد تم ذكرها في فصولهم، وكان ذلك الرهق اكثر من مساحة الأرض الزراعية التي آلت إلى كل واحد من المطعون ضدهم.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الخامس: عدم جواز منازعة المالك إذا تضمنت وثيقة ملكيته مساحة الرهق أو حدود الرهق التابع لارضه الزراعية:*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز منازعة المالك أو المطالبة بالرهق على خلاف ما ورد في فصله أو بصيرته إذا كانت قد تضمنت تحديد مساحة الرهق التابع لأرضه أو تضمنت وثيقة الملكية حدود الرهق التابع للمالك حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، ويستند قضاء الحكم محل تعليقنا إلى اسانيد واعتبارات عدة منها: أن إرادة البائع والمشتري قد انصرفت إلى تحديد مساحة الرهق التابع وكان لذلك إعتبار في تحديد ثمن الأرض المبيعة، وكذلك الحال عند تحديد مساحة الرهق التابع وحدوده في الفصول، لأن إرادة المتقاسمين قد اتجهت إلى ذلك لإعتبارات تمت مراعاتها حين إجراء القسمة وتحديد الأنصبة ، كما أن تضمين وثيقة الملكية مساحة الرهق وحدودها قد يرجع تقديره إلى إرادة الأطراف وتقديرهم في ان الإنتفاع الغالب من الرهق المذكور في الوثيقة لمالك الأرض المذكورة في الوثيقة، وكذا قد يرجع ذلك إلى إرادة الأطراف في حسم النزاع مستقبلاً بين الجيران في الأرض الزراعية على الرهق المجاور، ولهذه الإعتبارات نلاحظ بكثرة أن بعض الأراضي يكون الرهق التابع لها أكثر من الرهق التابع للأرض المجاورة لها، والله اعلم.*