إيداع حكم التحكيم رخصة وليس واجباً - في القانون اليمني

*إيداع حكم التحكيم رخصة وليس واجباً*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن إيداع المحكم لحكم التحكيم رخصة وليس واجباً، فلا يترتب على عدم الإيداع بطلان حكم التحكيم، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 31-3-2015م في الطعن رقم (56906)، وقد ورد في أسباب هذا الحكم أنه: ((والدائرة بعد الرجوع إلى مشتملات الملف وجدت أن ما نعاه الطاعن في عريضة الطعن غير سديد، فالنعي بعدم قيام المحكمين بإيداع حكم التحكيم لدى محكمة الاستئناف غير مؤثر، لأن نص المادة (50) تحكيم يدل على أن إيداع حكم التحكيم، لا تعد أن تكون بمثابة رخصة لإنهاء مسئولية المحكم وإخلاءها))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الاول: التنظيم القانوني لإيداع حكم التحكيم:*

➖➖➖➖➖

*▪️نصت المادة (50) من قانون التحكيم على أنه: (على لجنة التحكيم إيداع أصل الحكم والقرارات التي تصدرها في موضوع النزاع مع إتفاق التحكيم قلم كتاب المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً التالية لإصدار الحكم ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الإيداع ويحق لأطراف التحكيم الحصول على نسخ منه)، ومع ان سياق النص يوحي بأن إيداع حكم التحكيم واجب بحسب صيغة النص (على لجنة التحكيم إيداع...)، إلا أن مخالفة هذا النص لا يترتب عليها بطلان حكم التحكيم مثلما كان يطلب الطاعن، لأن الإيداع إجراء لاحق للنطق بحكم التحكيم وتحرير، فإذا التزم المحكم عند إصداره لحكم التحكيم بالشروط والإجراءات القانونية المقررة في قانون التحكيم وقانون المرافعات فإن حكم التحكيم يكون صحيحاً، لأن الإيداع للحكم ليس ركنا أو شرطا لصحة حكم التحكيم حسبما قضى الحكم محل تعليقنا إضافة إلى أنه من غير المقبول في منطق القانون والحق والعدل ان يتحمل المحكوم له بموجب حكم التحكيم جزاء البطلان لعدم الإيداع، لان المكلف بالإيداع هو المحكم وليس الخصم، فخطأ عدم الايداع صادر من الأمين وليس من الطرف المحكوم له، إضافة إلى أن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم هو إجراء لاحق لصدور حكم التحكيم له، وهذا الإجراء اللاحق له أغراضه وحدوده .*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: إيداع النسخة الأصلية للحكم إجراء لاحق ومستقل عن حكم التحكيم:*

➖➖➖➖➖

*▪️حسبما سبق بيانه في الوجه الاول فقد نص القانون على قيام لجنة التحكيم بإيداع حكم التحكيم خلال الثلاثين يوماً التالية لصدور الحكم مع إتفاق التحكيم، والغرض من الإيداع كما يقول أستاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفاء هو التأكيد على إنتهاء ولاية المحكم بإصداره لحكم التحكيم، فالايداع يكون نوعا من رقابة القضاء على أحكام التحكيم للتحقق من ان المحكم قد أصدر الحكم واستنفذ ولايته وبذلك فقد انتهت ولايته، فيجب عليه ان يقوم بإيداع أصل نسخة الحكم مع إتفاق التحكيم، ولا يترتب على عدم الإيداع بطلان حكم التحكيم (عقد التحكيم وإجراءاته، أ.د.أحمد أبو الوفاء، ص304) ويقول الدكتور فتحي والي (ويلاحظ ان عدم إيداع الحكم لا يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم، إذ أن الإيداع إجراء لاحق على صدور الحكم، فلا يؤدي عدم القيام به أو تعيبه إلى بطلان الحكم الصادر قبله)، (الوسيط في قانون القضاء المدني، د.فتحي والي، ص1021)، والله اعلم.*