وقت التوكيل الخاص بالتحكيم - في القانون اليمني

*وقت التوكيل الخاص بالتحكيم*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️اشترط القانون المدني وقانون المرافعات ان يكون التوكيل بالتحكيم توكيلاً خاصاً، وينبغي ان تتضمن وثيقة التوكيل الخاص النص على ان الوكيل مخوّل بإختيار المحكم أو هيئة التحكيم علاوة على أنه ينبغي ان يتضمن التوكيل الخاص موضوع التحكيم أي النزاع المراد حسمه عن طريق المحكم وشروط المحتكم في هذا الشأن ، وينبغي ان يصدر هذا التوكيل الخاص قبل انعقاد إتفاق حكم التحكيم حتى تكون للوكيل صفة عند توقيعه على إتفاق التحكيممن، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-4-2014م في الطعن رقم (54631)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد جاء موافقاً من حيث النتيجة للقانون لقضائه ببطلان حكم التحكيم لما علل به وأستند عليه لقضائه بإنعدام صفة الطاعنين في التحكيم لعدم وجود وكالتين لهما خاصتين بالتحكيم، اما ماورد من الطاعنين وهو صورتا الوكالتين المرفقتين بعريضة طعنهما بالنقض فقد ظهر من تاريخهما انهما لاحقتان لحكم التحكيم، ومن ثم يترتب على عدم الصفة للطاعنين بطلان وثيقة التحكيم وبطلان حكم التحكيم الصادر بموجبهما، فما بني على الباطل باطل))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: وجوب صدور توكيل خاص بالتحكيم:*

➖➖➖➖➖

*▪️من المعلوم ان إتفاق التحكيم يعد عقدا مثل غيره من العقود، ولذلك ينبغي أن تتوفر الصفة العقدية في اطرافه، فلا تتحقق هذه الصفة الا اذا كان الخصم الأصيل نفسه هو الذي يقوم بالتوقيع على إتفاق التحكيم أو ينوب عنه وكيل بموجب توكيل خاص، فقد اشترط القانون المدني للوكالة في التحكيم توكيلا خاصا يصدر من الأصيل يصرح فيه الأصيل بأنه قد وكل الوكيل بالتوقيع على إتفاق التحكيم نيابة عنه، وفي هذا المعنى نصت المادة (913) على أن (الوكالة الخاصة لابد فيها من النص في كل عمل ليس من اعمال الادارة وبوجه خاص البيع والرهن والتبرعات والصلح والاقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والخصومة)، ومن خلال استقراء هذا النص يظهر ان التحكيم من ضمن التصرفات التي تحتاج إلى توكيل خاص حسبما اشترط هذا النص ، وينبغي ان يتضمن التوكيل الخاص اسم الاصيل واسم الوكيل وتصريح الأصيل بأنه قد وكل عنه الوكيل بإختيار هيئة التحكيم للفصل في موضوع الخلاف الناشب فيما بينه وبين خصمه، ويجب ان يذكر في التوكيل اسم هذا الخصم والموضوع محل الخلاف، ويجب ان يتضمن التوكيل توقيع الأصيل وتاريخ صدور التوكيل الخاص، وعلى هذا الأساس فإن الوكالة العامة لا تصلح للتحكيم نظراً لخطورة الآثار المترتبة على التحكيم.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: التوكيل الخاص بالتحكيم والصفة العقدية للوكيل:*
➖➖➖➖➖

*▪️تنص المــادة(912) مدني على أن ( الوكالة نوعان : –
*1. وكالة تفويض تخول للوكيل التصرف في كل ما تصح النيابة فيه من الحقوق المالية وغيرها الا الاقرار وما استثناه الموكل منها او دل العرف على عدم اندراجه فيها.*
*2. ووكالة خاصة يخول فيها للوكيل التصرف في شيء خاص بالنص او بالعرف اذا وقعت الوكالة بالفاظ عامة لا تفويض فيها ولا تخصيص فانها لا تخول الوكيل صفة الوكالة الا في الاعمال التي تتعلق بادارة المال وما هو لازم لذلك من تصرفات، ويعد من اعمال الادارة الايجار الذي لا تزيد مدته على ثلاث سنوات واعمال الحفظ والصيانة واستيفاء الحقوق ووفاء الديون وبيع المحصول وبيع البضاعة وبيع المنقول الذي يسرع اليه التلف وشراء ما يلزم لحفظ الشيء محل الوكالة واستغلاله)، وفي هذا السياق فقد بينت المادة (913) مدني التصرفات التي تحتاج إلى توكيل خاص حيث نصت المــادة (913) على أن (الوكالة الخاصة لابد فيها من النص في كل عمل ليس من اعمال الادارة وبوجه خاص البيع والرهن والتبرعات والصلح والاقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والخصومة)، ومن خلال استقراء هذا النص يظهر ان التحكيم من ضمن التصرفات التي تحتاج إلى توكيل خاص، فإذا كان هناك توكيل خاص بالتحكيم فقد تحققت الصفة العقدية الواجبة لقيام الوكيل بإبرام إتفاق التحكيم والتوقيع عليه، حيث يجب ان تكون للوكيل في التوقيع على إتفاق التحكيم صفة عقدية سابقة تؤهله للتوقيع على إتفاق التحكيم المتضمن إختيار المحكم وتحديد موضوع الخلاف أو موضوع التحكيم، خاصة ان إتفاق التحكيم هو بمثابة عقد حسبما نص عليه قانون التحكيم في المادتين (2 و3)، فصفة الوكيل في التوقيع على إتفاق التحكيم يستمدها الوكيل من التوكيل الخاص الصادر له من الأصيل.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: وقت تحقق الصفة العقدية في إتفاق التحكيم:*
➖➖➖➖➖

*▪️عرفت المادة (2) إتفاق التحكيم بأنه: (موافقة الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم والتي تشملها وثيقة التحكيم [أي عقد مستقل] أو شرط التحكيم [أي بند في عقد])، ونصت المادة (4) تحكيم على أن: (ينعقد التحكيم بأي لفظ يدل عليه وقبول من المحكم ولا يجوز إثبات التحكيم إلا بالكتابة)، ودلالة الاقتضاء في النصين السابقين أنه: يجب ان تتحقق الصفة العقدية في الوكيل الخاص بالتحكيم قبل إبرام إتفاق التحكيم، حيث يجب ان تكون الوكالة الخاصة بالتحكيم قد صدرت للوكيل قبل تاريخ قيام الوكيل بالتوقيع على إتفاق التحكيم نيابة عن الأصيل، لأن المحكم يستمد ولايته في نظر الخصومة التحكيمية من توقيع الخصوم على إتفاق التحكيم، فإتفاق التحكيم هو الذي يمنح المحكم أو هيئة التحكيم ولايتهم في نظر الخصومة التحكيمية ، وعلى هذا الأساس ينبغي ان يكون التوكيل الخاص بالتحكيم قد صدر قبل توقيع الوكيل على إتفاق التحكيم، وبناءً على ذلك فإن هيئة التحكيم يتم تشكيلها كنتيجة أو أثر من آثار إتفاق التحكيم، وبناءً على ذلك فلا يجدي صدور التوكيل الخاص بالتحكيم بعد التوقيع على إتفاق التحكيم حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.*