*معنى العذر المقبول المانع من طلب الشفعة في وقتها*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الخلاف أو النزاع بين الورثة لا يكون عذراً مقبولاً لتراخي الشفيع عن طلب الشفعة في ميعادها المقرر، لأن العذر المقبول هو الذي يمنع الشفيع من طلب الشفعة في ميعادها كالمرض والحبس والخوف، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-9-2015م في الطعن رقم (57041)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فالمقرر شرعاً وقانوناً أنه يجب على الشفيع المسارعة في طلب الشفعة فور علمه بالبيع مالم يكن له عذر مقبول، وإذا لم يستجب المطلوب منه الشفعة طوعاً كان على الشفيع المواكبة في مخاصمته أمام القضاء خلال ثلاثين يوماً من وقت الطلب وإلا اعتبر متراخياً وسقط حقه في الشفعة مالم يكن له عذر مقبول، فمن وقت زوال العذر، فالمعلوم أن العذر المعتبر والمقبول شرعاً وقضاءً هو العذر الذي يحول بين الشفيع وطلب الشفعة ومخاصمة المشفوع منه إذا لم يطرحها طوعاً كالمرض أو الحبس إذا لم يتمكن من توكيل من يقوم بذلك أو كان يخشى من ضرر محقق من قبل المطلوب الشفعة منه لظلمه وتجبره عند عدم وجود من يحميه وينصفه أو عند وجود ظروف استثنائية لا يتمكن خلالها من طلب الشفعة أو مخاصمة المشفوع منه، ومن ثم فإن النزاع بين المطعون ضده واخيه البائع إلى الطاعن بشأن صحة القسمة ليس عذراً مقبولاً حائلاً دون طلب الشفيع الشفعة من المشتري فور علمه بالبيع، ولذلك فإن الحكم الاستئنافي قد جانب الصواب))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: شرط طلب الشفعة والمخاصمة فيها في الميعاد القانوني المقرر:*
➖➖➖➖➖
*▪️حدد قانون الإثبات وقت تقديم طلب الشفعة بثلاثة أيام للحاضر العالم بالبيع وشهر للغائب خارج البلد، فقد نصت المادة (17) إثبات على أنه: (لا تسمع الدعوى في شفعة بعد مضي ثلاثة أيام للعالم بالبيع في البلد وشهر للغائب خارج البلد، وتعتبر المدة في الحالتين من وقت العلم)، ومقتضى هذا النص أن طالب الشفعة يقوم بتقديم طلبه الشفعة ويقيده لدى الأمين الشرعي المختص أو المحكمة المختصة فإن لم يستجب المشتري المشفوع منه فيقوم الشفيع برفع دعوى الشفعة خلال ثلاثين يوماً عملاً بالمادة (1275) مدني التي نصت على أنه: (اذا لم يستجب المطلوب للشفعة طوعاً كان للشفيع طلب مخاصمته امام القضاء لتملك العين المشفوعة وان لم يرافعه في مدة ثلاثين يوماً من وقت طلب الشفعة سقط حقه الا لعذر مقبول)*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: العذر المقبول لعدم تقديم طلب الشفعة في الميعاد المقرر قانوناً:*
➖➖➖➖➖
*▪️أشار القانون المدني إلى أن هناك عذر مقبول يحق لطالب الشفعة ان يتمسك به إذا حال هذا العذر دون تقديم الشفيع لطلب الشفعة في الوقت المحدد قانونا ، وفي هذا الشأن نصت المادة (1274) مدني على أنه: (يلزم الشفيع الحاضر مجلس العقد ان يطلب الشفعة في المجلس مالم يكن له عذر مقبول ويلزم الشفيع الغائب عن مجلس العقد ان يطلب الشفعة في مجلس علمه بالعقد مالم يكن له عذر مقبول ويلزم من كان له عذر مقبول ان يطلب الشفعة من وقت زوال العذر، ويكون طلب الشفعة من المشتري ولو كانت العين المشفوعة في يد البائع ويصح طلبها من وكيل المشتري اذا اضاف الشراء اليه فاذا سلم الوكيل العين المشفوعة للأصيل فلا يصح الطلب الا من الأصيل)، ومع أن هذا النص قد صرح بأن العذر المقبول يقطع ميعاد دعوى الشفعة إلا أنه لم يبين ماهية هذا العذر المقبول.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: معنى العذر المقبول من طالب الشفعة الذي حال دون تقديمه طلب الشفعة في الميعاد:*
➖➖➖➖➖
*▪️تصدى الحكم محل تعليقنا لبيان معنى هذا العذر أو المقصود بالعذر المقبول المذكور في المادة (1274) مدني السابق ذكرها، فقد ذكر الحكم أن المقصود بذلك العذر هو الذي يمنع الشفيع من طلب الشفعة في الميعاد سواء أكان هذا العذر يرجع إلى الشفيع كالمرض الشديد الذي يجعله يلزم فراش المرض (المستشفى) أو الحبس والإعتقال الذي لا يستطيع الشفيع فيه أن يوكل أو يكلف غيره بتقديم طلب الشفعة نيابة عنه أو حدوث زلزال أو فيضان أو حصار أو إقامة جبرية منعت الشفيع من تقديم طلب الشفعة، وصرح الحكم بأن خوف الشفيع من المشفوع منه (المشتري) أو من غيره يكون عذراً مقبولاً متى كان لخوف الشفيع ما يبرره كأن يكون المشتري من الظلمة ارباب الشر والفسوق والبطش أو كأن الشفيع يخشى على نفسه من الإعتقال أو الإعتداء ، أما عذر عدم علم الشفيع وعذر السفر فقد بين القانون حكمهما حسبما سبق بيانه عند عرضنا للنصوص القانونية ذات الصلة في الوجه السابق، والله اعلم.*