المنازعة في الأرض المراد إستملاكها للمنفعة العامة تحال إلى المحكمة الابتدائية - في القانون اليمني

*المنازعة في الأرض المراد إستملاكها للمنفعة العامة تحال إلى المحكمة الابتدائية*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️من المعلوم ان إجراءات الإستملاك القضائي للمنفعة العامة تتم بنظر محكمة الاستئناف وفقاً لقانون الإستملاك للمنفعة العامة، هذا إذا كانت الأرض المطلوب إستملاكها خالية من النزاع ويحوزها المطلوب الإستملاك منه ولديه مستندات الملكية القاطعة في دلالتها على ان الأرض المطلوب إستملاكها ملك خاص وخالص له، ففي هذه الحالة تتم إجراءات الإستملاك عن طريق محكمة الاستئناف، لكن إذا وقع نزاع أمام محكمة الاستئناف بشأن ملكية أو حيازة الأرض المطلوب إستملاكها فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن القواعد القانونية العامة تقتضي إحالة القضية إلى المحكمة الابتدائية المختصة للفصل في الخلاف بشأن ملكية الأرض المطلوب إستملاكها حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-5-2012م في الطعن رقم (45638)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ثبت ان لمحكمة الاستئناف ان تتحقق من الشروط القانونية للاستملاك للمنفعة العامة من حيث توفر المنفعة العامة والاضطرار إلى الإستملاك للمنفعة العامة كموقع لمحطة تحويل الطاقة.... المنقولة من محطة....، وحيث تبين لها ان هناك مدعين ومتدخلين آخرين يدعون الملك في الأرض التي يدعي الطاعن ملكيتها ويطالب بالتعويض عنها، ولما كان تصدي محكمة الاستئناف للفصل في تلك الدعوى سيفوت على الأطراف المنازعة على ملكية الأرض درجة من درجات التقاضي فإن قرار محكمة الاستئناف المطعون فيه بإحالة الموضوع إلى المحكمة الابتدائية المختصة كان سديداً، وجاء موافقاً للشرع والقانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية الاستملاك للمنفعة العامة:*

➖➖➖➖➖

*▪️نصت المادة (1) من قانون الإستملاك للمنفعة العامة على أنه: (يجوز للوزارات والهيئات والمصالح والمؤسسات العامة عند الاضطرار ان تستملك للمنفعة العامة وبتعويض عادل، وفقاً لأحكام هذا القانون العقارات بما فيها الأراضي وذلك لتنفيذ مشاريعها ذات النفع العام)، و الإستملاك للمنفعة العامة انواع عدة: فهناك إستملاك إداري وإستملاك رضائي وإستملاك قضائي، فالإستملاك الإداري يتم فيما بين الجهات الحكومية بعضها البعض وفقا لإجراءات الإستملاك الإداري المحددة في المادتين (4 و5) من قانون الاستملاك، ويتم الاستملاك الرضائي عن طريق الإتفاق والتراضي فيما بين الجهة الحكومية طالبة الاستملاك والمواطنين المالكين للأراضي والعقارات بحسب الإجراءات المحددة في المادة (6) من قانون الإستملاك، وكذلك يتم الاستملاك عن طريق الاستملاك القضائي الذي حدد القانون إجراءاته في المواد (من 7 إلى 11) من قانون الاستملاك، وفي كل أحوال الاستملاك يتم تقدير القيمة الفعلية للأرض أو العقار المطلوب إستملاكه، حيث تقوم الجهة المستملكة بدفع قيمة العقار لمالكه بحسب الإجراءات المحددة في القانون، وفي القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كانت وزارة... قد أرادت استملاك قطعة أرض للمنفعة العامة وهي انشاء محطة تحويل، فتعذر الإستملاك عن الطريق الرضائي، فقامت الوزارة المختصة بتقديم طلب الإستملاك إلى محكمة الاستئناف، وعندما شرعت المحكمة في نظر طلب الإستملاك تدخل مجموعة من الأشخاص حيث ادعوا بأن الأرض المطلوب إستملاكها من املاكهم، فحدث أمام محكمة الاستئناف النزاع بشأن ملكية الأرض المطلوب إستملاكها، ولذلك فقد تعذر على محكمة الاستئناف الفصل في طلب الإستملاك بسبب النزاع على ملكية الأرض المطلوب إستملاكها، ولذلك فقد قررت محكمة الاستئناف إحالة القضية إلى المحكمة الابتدائية المختصة للفصل في النزاع بشأن ملكية الأرض المطلوب إستملاكها للمنفعة العامة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: المنازعة في الأرض المطلوب استملاكها للنفعة العامة:*
➖➖➖➖➖

*▪️ذكرنا في الوجه الأول ان إجراءات الاستملاك الرضائي والقضائي تتم أمام محكمة الاستئناف وفقاً لقانون الإستملاك للمنفعة العامة، هذا ان لم تكن هناك منازعة بشأن الأرض المطلوب إستملاكها للمنفعة العامة، اما إذا حدثت منازعة بشأن ملكية تلك الأرض فإن الأمر يستدعي الفصل في النزاع بشأن ملكية الأرض لتحديد المالك الشرعي والقانوني للأرض الذي تتم إجراءات الإستملاك في مواجهته وفقاً لقانون الإستملاك، ففي حالة حدوث نزاع بشأن ملكية الأرض المطلوب إستملاكها أمام محكمة الاستئناف، فأنه ينبغي على محكمة الاستئناف إحالة هذا النزاع الموضوعي إلى المحكمة الابتدائية المختصة للنظر في هذا النزاع والفصل فيه وتحديد المالك الحقيقي والشرعي والقانوني للأرض المراد إستملاكها، ففي هذه الحالة لا يجوز لمحكمة الاستئناف النظر والفصل في النزاع الموضوعي بشأن ملكية الأرض المراد إستملاكها، لأن الفصل في هذا النزاع يحتاج إلى تحقيق موضوعي تجريه محكمة أول درجة، فعندئذٍ ينبغي على محكمة الاستئناف إحالة هذا النزاع إلى محكمة أول درجة حتى لا تفوت على الخصوم درجة من درجات التقاضي، لأن مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الحاكمة للقضاء والتقاضي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: طبيعة قرار محكمة الاستئناف في إجراءات الاستملاك للمنفعة العامة:*
➖➖➖➖➖

*▪️في حالة الإستملاك القضائي تتقدم الجهة الحكومية طالبة الإستملاك بطلبها أمام المحكمة الاستئنافية، ووفقاً للمادة (7) من قانون الإستملاك يجب أن يتضمن طلب الإستملاك تحديد المشروع ذي النفع العام المطلوب الإستملاك لأجله وكذا يتضمن الطلب بيانات مالكي العقار المطلوب إستملاكه حسبما نصت عليه المادة (7) من قانون الإستملاك، وتنص المادة (8) من القانون ذاته على أنه يجب على محكمة الاستئناف ان تتحقق في أول جلسة من توفر الشروط الواردة في هذا القانون وبالذات فيما يتعلق بالمنفعة العامة والاضطرار للإستملاك وخلو طلب الإستملاك من التعسف، ثم تكلف محكمة الاستئناف لجنة لتقدير قيمة التعويض، وفي ضوء ذلك تفصل محكمة الاستئناف في طلب الإستملاك، ومن خلال ماتقدم فإن عمل محكمة الاستئناف يقتصر على التأكد من توفر طابع الضرورة في طلب الإستملاك، وبناءً على ذلك فإن قضاء محكمة الاستئناف في طلب الإستملاك له طابع خاص يميزه عن القضايا والنزاعات الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الاستئناف كمحكمة درجة ثانية، وعلى هذا الأساس فإن حكم محكمة الاستئناف بقبول طلب الإستملاك أو رده له طابعه الخاص الذي يميزه عن غيره من الأحكام التي تصدر ها محكمة الاستئناف ، والله اعلم.*