وقت الإعراض أو الرجوع عن البيع - في القانون اليمني

*وقت الإعراض أو الرجوع عن البيع*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن إعراض البائع عن البيع بعد إنعقاده لا يؤثر في عقد البيع حتى لو لم يتم تسليم المبيع وغالب الثمن حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-6-2012م في الطعن رقم (45676)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وما أشار إليه الطاعن من أن المستند المؤرخ.... لم يكن بيعاً وإنما هو إتفاق على البيع ويؤيد ذلك عدم استلامه للثمن وعدم تسليم للمبيع وعدم تعطيل البصيرة بحسب المتعارف عليه في البيع...إلخ ما ذكر الطاعن في عريضة الطعن ، والدائرة تجد أن محكمة الموضوع قد ناقشت في حكمها هذه الواقعة نقاشاً مستفيضاً وبينت ان الإعراض من الطاعن والرجوع حصل بعد إنعقاد البيع، ومن ثم لا يؤثر في صحة العقد، مما يتعين معه رفض الطعن موضوعاً))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: إنعقاد البيع ووقت الإنعقاد:*
➖➖➖➖➖

*▪️كانت هذه المسألة هي أساس الحكم محل تعليقنا الذي تأسس على أساس أن عقد بيع العقار قد انعقد في مجلس العقد الذي تم فيه تحرير السند الذي يثبت إستلام البائع لجزء من الثمن ففي هذا الوقت تم التلفظ بصيغة الإيجاب والقبول وتم الإتفاق بين البائع والمشتري على ان يسلم البائع المنزل لاحقاً وان يسلم المشتري غالب الثمن لاحقاً وتم تحرير سند يثبت إستلام البائع لجزء بسيط من الثمن وتضمن هذا السند أن المبلغ المدفوع هو جزء من ثمن المنزل المبيع، وعلى هذا الأساس فقد تحققت أركان البيع وشروطه المنصوص عليها في القانون المدني وتحديداً في المواد (452 و453 و454 و455)، فالبيع قد تم وأحدث آثاره الشرعية والقانونية وهي: إلتزام المشتري بدفع بقية الثمن وإلتزام البائع بتسليم العقار المبيع لاحقا ، ولذلك يجوز حمل العاقدين على تنفيذ ذلك، فلا يشترط ان يتم تسليم الثمن والمبيع وقت التلفظ بصيغة الإيجاب والقبول، خاصة ان القانون المدني اجاز تعليق البيع إلى اجل أو على شرط مستقبلي، وعلى هذا الأساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن عقد بيع المنزل قد انعقد وقت تلاقي الإيجاب والقبول في مجلس العقد.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: لا يجوز لأي من طرفي عقد البيع الإنفراد بالرجوع عن البيع بعد تلاقي الإيجاب والقبول:*
➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا يحق لأي من طرفي العقد الإنفراد وحده بالرجوع عن البيع بعد تلاقي الإيجاب والقبول في مجلس العقد، لأن المادة (454) مدني قد نصت على أنه: (يشترط في صيغة عقد البيع ما يأتي: -5- ان لا يتخلل بين الإيجاب والقبول إعراض من أحد العاقدين أو رجوع من المبتدي منهما)، حيث يفهم من هذا النص ان وقت الرجوع أو الإعراض يكون قبل تلاقي الإيجاب والقبول، اما بعد ذلك فإن العقد يصير لازماً، فلا يحق لأي من الطرفين العدول عن العقد إلا برضاء الطرف الآخر.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: حجية السند الموقع عليه من البائع والمشتري المثبت تراضيهما على البيع:*
➖➖➖➖➖

*▪️تم إثبات البيع في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا تم إثباته عن طريق سند تم التوقيع عليه من قبل البائع والمشتري، فقد تضمن هذا السند : ان البائع ملتزم بتسليم المنزل خلال ستة اشهر وان المشتري ملتزم بسداد باقي الثمن وقت تسليم المنزل، ولم ينكر الطاعن البائع توقيعه على ذلك السند، لذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن توقيع الطاعن على السند حجة عليه طالما أنه لم ينكره وإنما حاول ان يكيفه على أنه وعد بالبيع وليس بيعا بالفعل، وبما ان الطاعن لم ينكر توقيعه على السند فأنه حجة عليه وفقاً لصريح المادة (104) إثبات، أما تكييفه بأنه عبارة عن وعد بالبيع، فإن ذلك التكييف مردود عليه : بأن الوعد بالبيع لا تصدر فيه صيغة البيع( الإيجاب والقبول )وإنما تكون الصيغة صيغة وعد بالبيع ، في حين ان الواقعة التي كان ينازع فيها الطاعن كانت بيعاً تمت صيغته في حينه، وإنما آثار البيع تقع مستقبلاً وهي تسليم البائع للمنزل وتسليم المشتري الثمن، والله اعلم.*