بطلان الحكم الاستئنافي إذا لم يناقش حالات بطلان حكم التحكيم - في القانون اليمني

*بطلان الحكم الاستئنافي إذا لم يناقش حالات بطلان حكم التحكيم*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا ببطلان الحكم الاستئنافي إذا لم يناقش مناقشة تفصيلية حالات بطلان حكم التحكيم المدعى بها المذكورة في دعوى البطلان المرفوعة أمام محكمة الاستئناف، وأشار الحكم محل تعليقنا إلى أنه يجب على الحكم الاستئنافي ان يبين أسباب قبوله أو رفضه لحالات البطلان المدعى بها حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا بتاريخ 4-10-2017م في الطعن رقم (58813)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وقد تبين للدائرة أن المناعي التي ساقها الطاعن في عريضة الطعن قد سبق له ان عرضها في دعوى بطلان حكم التحكيم التي رفعها الطاعن أمام الشعبة، ولذلك فقد كان من الواجب على الشعبة ان تناقش تلك الأسباب مناقشة تفصيلية، وحيث ان الشعبة لم تقم بذلك فإن قضائها برفض دعوى البطلان موضوعاً لعدم قيام سببها هو قضاء غير قائم على أساس صحيح لعدم بيان المصدر الذي استمدت منه الشعبة قضائها كونها لم تناقش أسباب دعوى البطلان وترد عليها بأسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها في منطوق حكمها، ولما كان الأمر كذلك فإن قضائها برفض دعوى البطلان موضوعاً معيب بالقصور في التسبيب، مما يتعين نقض الحكم))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الاول: حالات بطلان حكم التحكيم التي يجب على الحكم الاستئنافي مناقشتها اذا ما اثيرت في دعوى البطلان:*
➖➖➖➖➖

*▪️لا تجوز مطالبة القضاء ببطلان حكم التحكيم الا اذا تحققت أية حالة من حالات بطلان حكم التحكيم، وفي هذا الشأن حدد قانون التحكيم حالات الادعاء ببطلان حكم التحكيم وذلك في المادة (53) التي نصت على أنه (مع مراعاة أحكام هذا القانون لا يجوز طلب إبطال حكم التحكيم إلا في الأحوال التالية : - أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو انتهت مدته أو كان باطلا وفقا للقانون – ب- إذا كان أحد أطراف التحكيم فاقد الأهلية – ج- إذا كانت الإجراءات غير صحيحة – د- إذا تجاوزت لجنة التحكيم صلاحيتها – ه- إذا تم تشكيل لجنة التحكيم بصورة مخالفة لإتفاق التحكيم – و-إذا لم يكن حكم التحكيم مسببا – ز- إذا خالف حكم التحكيم أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام، وفيما عدا هذه الأحوال المبينة في هذا القانون فإن احكام التحكيم التي تصدر وفقا لهذا القانون لا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية).*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: دعوى بطلان حكم التحكيم وحالات بطلان حكم التحكيم:*
➖➖➖➖➖

*▪️سبق القول: أنه لا يجوز الإدعاء أو المطالبة بإبطال حكم التحكيم إلا إذا تحققت حالة من حالات بطلان حكم التحكيم المنصوص عليها في المادة (53) السابق ذكرها، حيث يقوم الخصم المدعي ببطلان حكم التحكيم بتضمين دعواه حالة أو حالات بطلان حكم التحكيم التي يدعي وجودها،وفي هذا السبيل يذكر المدعي في دعواه الأدلة والأسانيد على تحقق أو وجود حالة البطلان المدعى بها، حيث تتولى الشعبة الاستئنافية التحقق من صحة الإدعاء بحالة البطلان من خلال ما يرد في دعوى البطلان من بيانات وأدلة، ومن خلال أوجه الدفاع التي يبديها المدعى عليه بالبطلان، وقد سميت دعوى البطلان بهذا الاسم حتى يلزم المدعي بالبطلان إثبات صحة حالة البطلان المدعى بها، وحتى لا يقدم المدعي بالبطلان الدعوى إلا بعد أن يتحقق من وجود حالة البطلان المدعى بها وان يقدم في دعواه الأدلة الشاهدة على توفر حالة البطلان.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: دور محكمة الاستئناف في تحقيق حالات البطلان المدعى بها في دعوى بطلان حكم التحكيم:*
➖➖➖➖➖

*▪️من المتفق عليه أن محكمة الاستئناف فيما يتعلق بدعوى بطلان حكم التحكيم تكون محكمة قانون يقتصر دورها على التحقق من وجود حالة أو حالات البطلان المدعى بها في ضوء الأدلة والأسانيد التي يسوقها المدعي في دعوى البطلان، وفي ضوء دفاع المدعى عليه بالبطلان، فمن خلال مرافعات المدعي والمدعى عليه الكتابية والشفوية المثبتة في محاضر جلسات المحاكمة وملف القضية تقوم الشعبة الاستئنافية بالتحقق من مدى وجود حالة البطلان، فإذا ثبت للشعبة من خلال ذلك وجود حالة البطلان المدعى بها فعليها عندئذٍ ان تذكر في أسباب حكمها الأدلة والأسانيد التي جعلت الشعبة تقبلها، وفي الوقت ذاته يجب على الشعبة ان ترد على أدلة وأسانيد المدعى عليه بالبطلان التي ساقها للإستدلال على نفي وجود حالة البطلان المدعى بها حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، وهذا هو المقصود بالمناقشة التفصيلية التي أشار إليها الحكم محل تعليقنا، فلا تكفي المناقشة الإجمالية لهذه المسألة كالقول: بأنه قد تبين للشعبة تحقق حالة البطلان المدعى بها دون ذكر الأدلة والأسانيد على ذلك، حتى وان ذكر الحكم ذلك فإنه غير كافٍ لأنه يجب ان يناقش الحكم الاستئنافي أدلة وأسانيد الدفاع التي يبديها المدعى عليه التي اتجهت إلى نفي وجود حالة البطلان حتى لايخالف الحكم القانون، فتجاهل الحكم لأوجه دفاع المدعى عليه ببطلان حكم التحكيم أمر مخالف للقانون يسبب بطلان الحكم الاستئنافي ، ولا شك ان للمناقشة التفصيلية لحالات بطلان حكم التحكيم المدعى بها أهمية بالغة لتحقيق الرقابة القانونية لمحاكم الاستئناف على أحكام التحكيم، وفي الوقت ذاته لتحقيق العدالة وبث الاطمئنان في النفوس بأن الحكم قد احاط بكافة تفاصيل القضية وانزل حكم الشرع والقانون فيها من غير إهمال أو إغفال، ولذلك نلاحظ كيف يتفنن القضاة في مناقشاتهم التفصيلية لدعاوى بطلان أحكام التحكيم، والله اعلم.*