*صفة المنصب في التقاضي نيابة عن القاصرين*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن من ضمن واجبات المنصب عن القاصرين المحافظة على أموالهم وحقوقهم بما في ذلك رفع الدعاوى أمام القضاء للمطالبة بحقوقهم والدفاع عنهم حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-5-2016م في الطعن رقم (57596)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فالثابت أن الشعبة بذلت جهداً واضحاً في مناقشة طلبات الطاعن، ومن ذلك دفعه بعدم صفة المطعون ضده في رفع الدعوى، حيث تضمنت أسباب الحكم الاستئنافي ان المطعون ضده منصب من قبل محكمة..... عن الورثة القاصرين، فقد التزمت الشعبة بتوجيه المحكمة العليا في قرارها بالإرجاع، فمن خلال مناقشة الشعبة لهذه المسألة فقد ثبت لديها صفة المطعون ضده القانونية في رفع الدعوى كونه منصباً عن القاصرين من قبل المحكمة الابتدائية))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الوضعية الشرعية والقانونية للقاصرين:*
➖➖➖➖➖
*▪️القاصر أما أن يكون غير مميز (عديم الأهلية) اوفاقد الأهلية كالمجنون، كما قد يكون ناقص الأهلية كالصبي غير المميز الذي لم يبلغ السن القانونية، فهؤلاء القاصرون ليسوا من أهل التكليف، فلا يعتد بأقوالهم أو تصرفاتهم، ولذلك يباشر اولياؤهم واوصياؤهم والمنصبون عنهم التصرفات نيابة عنهم.*
➖➖➖➖➖
*▪الوجه الثاني: الوضعية الشرعية والقانونية للمنصب عن القاصرين:*
➖➖➖➖➖
*▪️وفقاً لقانون الأحوال الشخصية يتم التنصيب عن القاصر إذا لم يكن له ولي أو وصي، حيث يتم التنصيب عن القاصر من قبل المحكمة المختصة حسبما اشار الحكم محل تعليقنا، ويتأسس التنصيب عن القاصر على أساس ان الحاكم ولي من لا ولي له، ويباشر المنصب التصرفات ذاتها التي يباشرها الولي الشرعي أو الوصي على القاصر، ويتقيد المنصب بالتصرفات التي يتقيد بها الولي الشرعي والوصي، ومؤدى ذلك ان المنصب يباشر التصرفات النافعة للقاصر نفعاً محضاً كقبول الهبات ولا يحق له ان يباشر التصرفات الضارة بالقاصر ضرراً محضاً كالهبة والوقف من مال القاصر، ويباشر المنصب نيابة عن القاصر التصرفات الدائرة بين النفع والضرر كالبيع والشراء بإذن المحكمة التي نصبته عن القاصر.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: التقاضي عن القاصرين بين النفع والضرر:*
➖➖➖➖➖
*▪️كان جانباً من الجدل المثار في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان بشأن صفة المنصب في مباشرة حق التقاضي ورفع الدعوى نيابة عن القاصر، ولا ريب ان الحكم على التقاضي نيابة عن القاصر من حيث النفع والضرر الذي يلحق بالقاصر من إجراءات التقاضي تختلف بإختلاف المركز القانوني للقاصر، وما إذا كان القاصر في مركز المدعي أو المدعى عليه، كما أن ذلك يختلف بإختلاف الحق المدعى به وكذا يختلف بحسب نوع الأدلة التي تقوي جانب القاصر وبحسب الأدلة التي يتمسك بها خصم القاصر، فإذا كان حق القاصر محققاً ولديه الأدلة الكافية للدفاع عن حقه فيحق للمنصب ان يرفع الدعوى أمام القضاء للدفاع عن حق القاصر إذا تم الإعتداء على حق القاصر، وكذلك يحق للمنصب ان يرفع الدعوى للمطالبة بحق القاصر إذا ما تعرض القاصر نفسه للإعتداء عليه فيطالب المنصب نيابة عن القاصر بارش القاصر وتكاليف العلاج والغرامات، ولذلك لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد قضى بقبول دعوى المنصب عن القاصرين للدفاع عن العمارة المملوكة للقاصرين من اعتداء الغير عليها، أما إذا كان المنصب في مركز المدعى عليه فأنه يجب على المنصب ان يقوم بالمرافعة والمدافعة نيابة عن القاصر، لأن المنصب إذا لم يقم بذلك فسوف تقضي المحكمة لصالح المدعي على القاصر.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: إذن المحكمة للمنصب برفع الدعوى نيابة عن القاصر:*
➖➖➖➖➖
*▪️كان من ضمن اسانيد دفع المطعون ضده في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا ان المنصب عن القاصرين قام من تلقاء ذاته برفع الدعوى نيابة عن القاصرين من غير إذن من المحكمة المختصة التي نصبته عن القاصرين، أما الحكم محل تعليقنا فقد ذهب إلى ان صفة المنصب في رفع الدعوى نيابة عن القاصرين متحققة، لأن الدعوى كانت عبارة عن واجب محتم على المنصب في المحافظة على أموال القاصرين والدفاع عنها في مواجهة المعتدين عليها، وان المحكمة المختصة قد تحققت من خطورة الإعتداء على عمارة القاصرين وتحققت أيضاً من سلامة وملائمة الدعوى المرفوعة نيابة عن القاصرين، ومن خلال ذلك ثبت للمحكمة ان الدعوى المرفوعة نيابة عن القاصرين كانت الوسيلة المناسبة لمواجهة إعتداء الطاعن على عمارة القاصرين، وتخريجاً من ذلك فإن المحكمة قد اجازت تصرف المنصب ورفعه للدعوى نيابة عن القاصرين (الولاية على الطفل، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص 72).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الخامس: رقابة المحكمة المختصة على المنصب في تقاضيه نيابة عن القاصرين:*
➖➖➖➖➖
*▪️وفقاً لقانون الأحوال الشخصية فإن المحكمة التي قامت بالتنصيب عن القاصرين فأنها تتولى الرقابة على أداء المنصب في التقاضي نيابة عن القاصرين، بإعتبار ان المنصب يستمد ولايته من قرار المحكمة بتنصيبه، ولرقابة المحكمة اهميتها البالغة في المحافظة على حقوق القاصرين ومصالحهم اثناء التقاضي، وفي هذه المسألة تظهر إشكالية إذا كان القاضي الذي قام بتنصيب المنصب هونفسه الذي ينظر القضية التي يكون القاصر طرفاً فيها، فكيف يجمع القاضي في هذه الحالة بين مبدأ حياد القاضي الذي ينظر النزاع وبين ولايته الافتراضية عن القاصرين (الحاكم ولي من لا ولي له)، ولذلك فأننا نوصي الجهات المعنية بمعالجة هذه الإشكالية واسناد الرقابة على أموال وحقوق القاصرين لهيئة مستقلة عن القضاء (الهيئة العامة للقاصرين ومن في حكمهم)، وقد تناولنا هذه المسألة في بحثنا المحكم (رقابة القضاء في اليمن على أموال القاصرين، أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين، ص46، مجلة كلية الشريعة والقانون، جامعة الازهر مصر).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه السادس: تصالح المنصب نيابة عن القاصرين:*
➖➖➖➖➖
*▪️المنصب عن القاصرين ولايته قاصرة على إدارة أموال القاصرين وحمايتها فلايجوز له ان يصالح في أموال القاصرين، لان الصلح إسقاط، وكذلك الحال بالنسبة للتحكيم في أموال القاصرين، ومع ذلك فقد اجاز القانون المدني للولي علي القاصرين أو المنصب عنهم ان يصالح نيابة عن القاصرين في حالتين فقط حيث نصت المــادة (671) مدني على أنه (لا يصح الصلح ممن لا يملك التبرع كالصبي الماذون له وولي الصغير وناظر الوقف ومن اليهم الا في حالتين : –*
*1 . اذا كان مدعيا لمن يمثله وكان المدعى عليه منكرا ولا بينة للمدعي فله ان يتصالح على بعض الحق ولا تبرا ذمة الغريم من الباقي.*
*2 . اذا كان من يمثله مدعى عليه ولدى المدعي بينة وحكم بثبوت الحق فيصالح عنه بما امكنه)، والله اعلم.*