*إثبات ملكية الأرض الزراعية إثبات لتبعية الرهق لها*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن المدعي إذا اثبت ملكيته للأرض الزراعية التي اشتراها فإن ذلك يستتبع إثبات ملكية الرهق التابع للأرض المشتراة ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26-10-2015م في الطعن رقم (56901)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين أن الطعن في غير محله لما ثبت لهذه الدائرة ان المطعون ضدهما قد اثبتا صحة الملكية للارض المشتراة، وإذا ثبتت صحة الملكية ثبتت صحة الدعوى في الرهق ذلك أن الرهق من الحقوق التي تتبع ملكية الأرض، فلا ينفرد الرهق بحكم مستقل فإذا ثبت الملك ثبت الحق مما يتعين رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: تحرير موضع النزاع في القضية التي فصل فيها الحكم محل تعليقنا:*
➖➖➖➖➖
*▪️كان النزاع فيما بين الخصوم بشأن ملكية المدعي للرهق المنحدر الملاصق لأرضه الزراعية، حيث قدم المدعي أمام محكمة الموضوع المستندات المطلوبة التي اثبتت ملكيته للأرض المتصلة بالرهق الملاصق لها وهو محل النزاع، غير أن المدعى عليه لم يقتنع بذلك، لأن المستندات المقدمة من المدعي لم تشمل الرهق فلم يرد فيها ذكر الرهق، فمن وجهة نظر المدعى عليه أن المدعي عجز عن إثبات ملكيته للرهق الذي هو أصلاً محل النزاع وليس الأرض الزراعية التي يحوزها المدعي ويزرعها، خاصة ان الأرض المشار إليها كانت مشتراة من مورث المدعى عليه الذي ذكر: أن بيع مورثه للأرض لا يعني أنه قد باع الرهق الواسع الذي تزيد مساحته أضعاف الأرض الزراعية المباعة إلى مورث المدعي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: وضعية المراهق الخاصة التابعة للأراضي الزراعية والنزاع بشأنها:*
➖➖➖➖➖
*▪️في حالات كثيرة تكون مساحة الرهق الخاص التابع للأرض الزراعية اضعافاً مضاعفة قياسا بمساحة الأرض التي تنتفع بالرهق، ونتيجة لإرتفاع اسعار الأراضي خاصة بعد إنكماش النشاط المصرفي في اليمن، لذلك يقوم بعض البائعين السابقين أو ورثتهم بمنازعة المشترين منهم في الرهق التابع بمبررات عدة منها: أن البيع قاصر على المساحة المحددة في البصيرة، ومن الأعذار ما يسمى بحد وبلد وغير ذلك من المبررات، ويزداد تطلع البائعين السابقين إلى الرهق التابع للأراضي إذا لم تتم الإشارة في البصيرة أو وثيقة البيع إلى الرهق، أما إذا تضمنت البصيرة الإشارة إلى الرهق وحدوده كالضاحة أو السائلة أو الملك المجاور فلا يستطيع البائع السابق أو خلفه الإدعاء بأن الرهق خارج عن المبيع.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الرهق التابع للأرض الزراعية المبيعة في القانون المدني:*
➖➖➖➖➖
*▪️الرهق التابع للأرض أما أن يكون مساقي أو صبابات يصب منها الماء إلى الأرض الزراعية فيسقيها، وأما ان يكون سواقي وأما أن يكون طريقاً إلى الأرض وغير ذلك، وقد بيّن القانون المدني حكم المراهق التابعة للأرض المبيعة وذلك في المادتين (516 و518) حيث نصت المادة (516) على أن: (يدخل في المبيع ما يندرج تحت اسمه عرفاً وما كان متصلاً به اتصال قرار تبعاً بلا ذكر ولا يقابله شيء من الثمن كفناء الدار وما يوجد في الأرض من أشجار، وكل مالا يتناوله اسم المبيع عرفاً وليس متصلاً به اتصال قرار لا يدخل في المبيع إلا بذكره إن كان من حقوق المبيع ومرافقه)، وبناء على هذا النص فإن الرهق الملاصق للأرض الزراعية المبيعة يدخل فيها حتى لو لم يتم ذكره في البصيرة لأنه متصل بالأرض المبيعة إتصال قرار حسبما ورد في النص كما أنه تابع لها، وفي هذا السياق نصت المادة (518) مدني على أن: (يدخل في بيع الأرض الماء من سيل وغيل مالم يكن مستخرجاً بيد عامله أو بعرف قاض بعدم الدخول، وتدخل السواقي والمساقي والجدران والطرق المعتادة كما يدخل الشجر النابت فيها مما يراد به البقاء لا ما يراد به ذلك من غصن أو ورق أو ثمر أو زرع فأنها لا تدخل إلا بالنص عليها) وهذا النص صريح في دخول الرهق الذي يستعمل عادة كمساقي للأرض يصب منه الماء إلى الأرض وقد يستعمل الرهق طريقا إلى الأرض.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: لا رهق تابع للأرض المبيعة للبناء (أرض البناء):*
➖➖➖➖➖
*▪️اغلب أراضي اليمن زراعية كانت لها مراهق خاصة تتبعها تزيد في حالات كثيرة على مساحة الأراضي الزراعية التي تتبعها، وقد تقدم القول بأن الأرض المبيعة عندما تباع على أنها أرض زراعية فان تلك المراهق تكون تابعة لها ومخصصة لها مهما كانت مساحتها، لأن تلك المراهق تابعة للأراضي الزراعية شرعاً وقانوناً وعرفاً، أما إذا زحفت العمران على الأراضي الزراعية وصارت عرصات للبناء فلا مجال للقول بأن هناك مراهق لها كالمساقي والصبابات حيث يقتصر رهق أراضي البناء على الطريق إلى أرض البناء فقط، وعلى هذا الأساس يحق لمالكها ان يقوم ببيع الرهق بمعزل عن الأرض التي كان الرهق يتبعها، والله اعلم.*