*المحرر القديم المجهول التاريخ*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️في الماضي كان تحرير وثائق الملكية العقارية وغيرها كان يتم بنظر كل من يجيد القراءة والكتابة، فكانت بعض تلك المحررات تفتقد لبعض البيانات المهمة كتاريخ البيع أو التصرف، إضافة إلى أن بعض المحررات لايتم التعرف على خط كاتبها، حسبما أشار إلى ذلك الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18-3-2012م في الطعن رقم (45842)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((ولما كان البين من أسباب وحيثيات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الاستئنافي المطعون فيه أنها قد أبانت وأوضحت ان مستند الدعوى لا يحمل تاريخ العام الذي تم فيه شراء فيه الجبل، كما ان الخطوط في المحررات الأخرى لم تتطابق مع خط الكاتب المنسوب إليه المحرر...إلخ، لذلك فإن أسباب الحكم المطعون فيه سائغة وصائبة ومنسجمة مع منطوق الحكم)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: وضعية محررات الملكية العقارية القديمة:*
➖➖➖➖➖
*▪️سبق القول ان محررات الملكية العقارية القديمة كان يتولى تحريرها كل من يجيد الكتابة، فلم يكن هناك أشخاص مكلفون من الدولة بتحرير التصرفات، علاوة على أن مناهج تحرير العقود والتصرفات تتفاوت من كاتب إلى آخر، إضافة إلى أن بعض الكتبة كان يغفل ذكر بعض البيانات في تلك المحررات، ولذلك من المألوف أن تجد بعض المحررات كانت وتغفل بعض البيانات المهمة مثل إغفال اليوم او الشهر أو السنة التي تم فيها التصرف، وبعض المحررات لا يتم التعرف على خط الكاتب الذي حررها رغم مضاهاة ومقارنة الخط فيها بخطوط المحررات الصحيحة النسبة للكاتب المنسوب له المحرر مثلما وقع في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، فعندئذٍ ينظر في القضية، فإذا كان المحرر الناقص البيانات مؤيد بثبوت وحيازة المتمسك بالمحرر الناقص، وتوفرت في ثبوته الشروط والأحكام المقررة في القانون المدني وقانون الإثبات، ففي هذه الحالة يكون هذا المحرر قرينة على أن الثابت على الأرض قد وضع يده عليها بطريقة صحيحة وليس غاصبا ، أما إذا لم يكن المتمسك بالمحرر الناقص ثابتاً أو حائزاً فلا يقبل منه الاستدلال بالمحرر الناقص الا اذا استكمل نقصه على النحو المبين فيما سيأتي مثلما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: جهالة تاريخ المحرر:*
➖➖➖➖➖
*▪️كان المحرر الذي أشار إليه الحكم محل تعليقنا قد تضمن تاريخ اليوم الذي تم فيه التصرف وكذا تاريخ الشهر غير انه لم يتضمن تاريخ السنة ، فعندئذ تعتري المحرر بعض الجهالة، فقد تكون الجهالة لعدم ذكر بيانات التاريخ كاملة (اليوم والشهر والسنة) أو بعض هذه البيانات، كما قد تكون الجهالة لعدم وضوح التاريخ الذي كتبه الكاتب في المحرر، وجهالة التاريخ تبطل التصرف إذا عجز المتمسك بالمحرر عن إثبات التاريخ الناقص بوسائل الإثبات الأخرى مثلما قضى الحكم محل تعليقنا، فقد كلفت المحكمة المدعي الذي تمسك بالمحرر الذي لم يذكر فيه السنة التي تم فيها التصرف كلفته المحكمة بإثبات تاريخ التصرف، فعندما عجز عن ذلك لم يعتمد الحكم المحرر الناقص.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: عدم التعرف على خط الكاتب:*
➖➖➖➖➖
*▪️المحرر الذي أشار إليه الحكم محل تعليقنا كان كاتبه قد ذكر اسمه في ذيل المحرر وعند المضاهاة بين خط المحررات الأخرى الصحيحة النسبة للكاتب وخط المحرر المستدل به، كانت هناك فروق واضحة في الخط بين المحرر المستدل به وخطوط المحررات الصحيحة النسبة للكاتب، ولذلك فقد أهدر الحكم محل تعليقنا المحرر الذي لم يدل خطه على أنه يماثل خط الكاتب في المحررات الأخرى.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: دور الشهادة في إكمال البيانات الناقصة في المحرر:*
➖➖➖➖➖
*▪️كان المتمسك بالمحرر الناقص (تاريخ السنة)، كان المتمسك بذلك المحرر قد حاول إكمال البيانات الناقصة عن طريق شهادات الشهود إلا أن الشهود ذكروا انهم لا يعلموا سنة البيع، فلو شهد الشهود بوقوع البيع وحددوا السنة التي تم فيها البيع ، ولو حتى على وجه التقريب لقبلت المحكمة المحرر، لأن الشهادة دليل كامل إذا توفر نصابها وشروطها ، ويتم اللجوء إلى الشهادة في إكمال الناقص في الدليل الكتابي، لأن المعتاد أن التصرفات الناقلة للملكية لا تثبت إلا بالكتابة، والله اعلم.*