*إذا لم يتم استصلاح ارض الدولة الصحراوية انفسخ العقد*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن المشتري أو المستأجر أو المنتفع بارض الدولة الصحراوية إذا لم يقم باستصلاحها أو الإنتفاع بها خلال مدة خمس سنوات من تاريخ العقد مع هيئة الأراضي فإن عقد البيع أو الإنتفاع أو التأجير ينفسخ تلقائياً من غير حاجة لأي إجراء آخر وفقا لقانون أراضي وعقارات الدولة حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-8-2015م في الطعن رقم (56801)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان الطاعنة الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني تدعي إمتلاكها للأرض بقوة القانون باعتبار الأرض مواتاً صحراوية، وحيث أن العقد الذي يتمسك به المطعون ضده قد كان في ظل سريان القانون رقم (21) لسنة 1995م بشأن أراضي وعقارات الدولة، وحيث أن هيئة الأراضي هي الجهة صاحبة الولاية والاختصاص في التصرف بالأرض المشار إليها، وحيث ان مورث المطعون ضدهم ومنذ تاريخ شرائه الأرض من الهيئة لم يثبت عليها ولم ينتفع بها منذ عام 1405هـ، لذلك فإن العقد الذي يتمسك به مفسوخ من تلقاء ذاته وفقاً للمادة (34) من قانون أراضي الدولة باعتباره القانون الواجب التطبيق على هذا النزاع))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: السند القانوني للحكم بإنفساخ عقد البيع أو التأجير أو الإنتفاع بأرض الدولة الصحراوية إذا لم يتم إستصلاحها أو الإنتفاع بها خلال خمس سنوات من تاريخ العقد:*
➖➖➖➖➖
*▪️أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه بإنفساخ العقود التي تبرمها هيئة الأراضي للإنتفاع بأرض الدولة الصحراوية إذا لم يقم المشترى أو المستأجر باستصلاح الأرض أو الإنتفاع الفعلي بها خلال مدة خمس سنوات من تاريخ العقد ، أسند الحكم في ذلك إلى المادة (34) من قانون أراضي وعقارات الدولة التي نصت على أنه: (يجب على كل من اشترى أو استأجر أرضاً من الأراضي الصحراوية بأي طريقة كانت أو سلمت إليه على سبيل الإنتفاع إستصلاحها واستزراعها خلال خمس سنوات من تاريخ الشراء أو الاستئجار مالم اعتبر العقد المحرر له مفسوخاً من تلقاء ذاته دون حاجة إلى إتخاذ أي إجراء قضائي، مع مراعاة إسترداده للنفقات التي يكون قد تكبدها، وفي حدود ما زاد بسببها في قيمة الأرض بالإضافة إلى ما قد يكون قد أداه من ثمن في حالة البيع)، فهذا النص صريح في تقرير إنفساخ العقود المشاراليها في النص اذا لم يقم باستصلاح الأرض أو زراعتها خلال المدة المحددة في النص وهي خمس سنوات تبدأ من تاريخ التوقيع على عقد الشراء أو الإيجار أو الانتفاع.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: إنفساخ العقد إذا لم يقم المشتري أو المنتفع بإستصلاح الأرض الصحراوية خلال مدة خمس سنوات:*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن العقد ينفسخ من تلقاء ذاته إذا لم يقم المشتري أو المستأجر للأرض الصحراوية بإستصلاحها خلال خمس سنوات من تاريخ التوقيع على عقد شراء الأرض أو استئجارها وفقاً لنص المادة (34) السابق ذكره، وهذا الإنفساخ يقع بقوة القانون دون حاجة إلى أية إجراء قضائي، إذ لايلزم هيئة الأراضي ان تلجاء إلى القضاء لطلب فسخ العقد وإنما يكفي الهيئة ان تخطر المتعاقد معها بعد مضي المدة المشار إليها بأن العقد قد انفسخ بحكم القانون، وهذا ما يميز الإنفساخ بقوة القانون عن الفسخ الرضائي للعقد الذي يقع برضاء وإختيار المتعاقدين، وإذا لم يتم ذلك التراضي يتم اللجوء إلى القضاء للحكم بإنهاء العقد.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: التراد إلى ما قبل إبرام العقد فيما بين هيئة الأراضي والمتعاقد معها:*
➖➖➖➖➖
*▪️إذا كان الإنفساخ يختلف عن الفسخ على النحو السابق بيانه إلا أن المادة (34) من قانون الأراضي السابق ذكرها قد صرحت بأنه: يترتب على إنفساخ عقد المشتري أو المستأجر للأرض الصحراوية التراد كأثر من آثار إنفساخ العقد، والتراد يعني: عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانت سائدة بينهما قبل إبرام العقد، حيث يلزم المشتري أو المستأجر ان يعيد الأرض الصحراوية للدولة، في حين يلزم هيئة الأراضي ان تعيد إلى المتعاقد معها ثمن الأرض إذا كان قد اشتراها وكذا قيمة التحسينات التي ادخلها في الأرض إذا كان قد ترتب عليها زيادة ثمن الأرض حسبما ورد في المادة (34) من قانون أراضي الدولة السابق ذكرها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: الوضعية القانونية للأرض الصحراوية:*
➖➖➖➖➖
*▪️عرفت المادة (2) من قانون أراضي الدولة عرفت الأراضي الصحراوية بأنها: (الأراضي الرملية أو المغطاة بطبقة رملية)، وصرح القانون ذاته بأن الأراضي الصحراوية تعد من أراضي الدولة إذا لم يتعلق بها ملك ثابت لأحد المواطنين أو الجهات الإعتبارية ، حيث نصت المادة (6) من قانون أراضي الدولة على أنه: (يعد من أراضي وعقارات الدولة الخاضعة لأحكام هذا القانون ما يلي: -هـ- الأراضي الصحراوية مالم يتعلق بها ملك ثابت لأحد)، فعندما لا يتعلق بالأراضي الصحراوية ملك ثابت لأحد من المواطنين أو الجهات الإعتبارية فان هذه الأراضي تكون ملكاً للدولة، حيث يحق للدولة أن تتصرف فيها وفقاً للإجراءات والضوابط المقررة في قانون أراضي وعقارات الدولة ولائحته ، وفي الحكم محل تعليقنا كانت هيئة الأراضي قد باعت الأرض الصحراوية المشار إليها في الحكم محل تعليقنا إلى المطعون ضده لزراعتها إلا أنه لم يضع يده على تلك الأرض ولم يقم بزراعتها مما جعل الحكم محل تعليقنا يقضي بان العقد المبرم فيما بين هيئة الأراضي والمطعون ضده قد انفسخ بقوة القانون بعد مضي خمس سنوات من تاريخ التوقيع عليه ولم يقم المشتري المطعون ضده بزراعة تلك الأرض الصحراوية المشتراه من هيئة الأراضي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الخامس: الحكمة من تقرير إنفساخ العقد إذا لم يقم المشتري أو المنتفع بإستصلاح الأرض الصحراوية خلال خمس سنوات:*
➖➖➖➖➖
*▪️لا شك أن نص المادة (34) من قانون الأراضي قد صرح بإنفساخ عقد من سُلمت له الأرض الصحراوية إذا لم يقم بإستصلاحها خلال خمس سنوات من تاريخ شرائه لها أو استئجاره لها، ويرجع هذا الأمر إلى منع التحجر للأراضي الصحراوية، وهو أن يقوم الشخص بإستلام الأرض الصحراوية وتسويرها أو وضع الاسلاك عليها وعدم استثمارها بما يعود عليه وعلى الوطن بالخير، لأن غرض الدولة من التصرف بالبيع أو الايجار للأراضي الصحراوية هو حث الأفراد على استصلاحها واحيائها، فإذا لم يقم بذلك فقد انفسخ العقد لعدم تحقق الغاية التي ابتغاها القانون من التعاقد وتسليم الأرض الصحراوية إلى المتعاقد مع الدولة، والله اعلم.*