لا يجوز الإدخال في الخصومة أمام المحكم - في القانون اليمني

*لا يجوز الإدخال في الخصومة أمام المحكم*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️فكرة الإدخال في الخصومة تقوم على الاجبار، والتحكيم يقوم على الرضاء والاختيار من قبل الخصوم المحتكمين، ولذلك فإن فكرة الإدخال في الخصومة التحكيمية تتنافى مع فكرة التحكيم الاختياري حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة 2/10/2017 م في الطعن رقم (59056)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان الحكم الاستئنافي المطعون فيه لم يكن موافقاً من حيث النتيجة للشرع والقانون فيما قضى به وقبوله دعوى البطلان واستناده في ذلك إلى عدم إدخال المحكم للبائع للمدعي بالبطلان في القضية التحكيمية، وحيث أن نص المادة (190) مرافعات الذي استندت إليه محكمة الاستئناف قد قررت الحق للمحكمة في إدخال من تراه من الخصوم في موضوع النزاع، ولا تنطبق المادة المذكورة على حكم التحكيم محل دعوى البطلان كون المحكم عند نظره موضوع النزاع والفصل فيه يستمد ولايته الاستئنافية من واقع محرر وثيقة التحكيم واطرافها))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الرضاء في إتفاق التحكيم:*
➖➖➖➖➖

*▪️عرفت المادة (2) إتفاق التحكيم بأنه: (موافقة الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم والتي تمثلها وثيقة التحكيم – أي عقد مستقل – أو شرط التحكيم – أي بند في عقد) كما نصت المادة (4) من القانون ذاته على أن: (ينعقد التحكيم بأي لفظ يدل عليه وقبول من المحكم ولا يجوز إثبات التحكيم إلا بالكتابة)، وقريب من هذا ما ورد في المادة (16) من قانون التحكيم، ومن خلال هذه النصوص يظهر أن إتفاق التحكيم: هو عبارة عن عقد مكتوب ينبغي أن تتوفر فيه كافة الاركان والشروط المعتبرة في العقد بصفة عامة، وان هذا العقد يقوم ويعتمد على مبدأ سلطان الارادة والرضاء وموافقة الخصوم، حيث يتم الإفصاح في هذا العقد من قبل الخصوم برضاهم واختيارهم عن تعيين المحكم أو هيئة التحكيم وموضوع التحكيم الذي سيفصل فيه المحكم.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: إتفاق التحكيم هو أساس ولاية المحكم:*
➖➖➖➖➖

*▪️الأصل وفقاً للدستور والقانون ان القضاء هو السلطة المختصة في الفصل في المنازعات كافة، حيث يستمد القضاة ولايتهم من الدستور والقانون وقرارات تعيينهم في اعمالهم، أما التحكيم فهو: عبارة عن ولاية ترد استثناء من ولاية القضاء، حيث تتأسس ولاية المحكم أو هيئة التحكيم على أساس الإتفاق والتراضي فيما بين الخصوم على اختيار المحكم للفصل في نزاعاتهم.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: عدم جواز الإدخال في الخصومة التحكيمية:*
➖➖➖➖➖

*▪️من خلال ما تقدم في الوجهين السابقين يظهر ان المحكم يستمد ولايته من رضاء وموافقة الخصوم على اختياره للفصل في النزاع القائم فيما بينهم، وبناء على ذلك لا يجوز إدخال غير المحتكمين في الخصومة التحكيمية، لأن ذلك يتنافى مع مفهوم الرضاء الذي يقوم عليه إتفاق التحكيم وولاية المحكم التي تتأسس على أساس رضاء وموافقة الخصوم الذي عبروا عنه في إتفاق التحكيم، فالإدخال يقوم على إجبار المطلوب إدخاله في الخصومة التحكيمية أمام المحكم أو هيئة التحكيم على خلاف ارادته، فالإدخال في الخصومة مفهوم يتفق مع الخصومة القضائية التي يجوز الإجبار فيها، في حين أن الإدخال كما ذكرنا يتنافى مع الخصومة التحكيمية، غير أنه يجوز للشخص من تلقاء نفسه ان يتدخل في الخصومة التحكيمية إذا قام قبل ذلك بتحكيم المحكم الذي ينظر النزاع، لأن التدخل في هذه الحالة يقوم على الرضاء بخلاف الإدخال، والله اعلم.*