*عدم الرد على الطعن بالنقض لا يمنع المحكمة العليا من نظر الطعن*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️مع أن قانون المرافعات صرح بأنه للمطعون ضده ان يودع قلم كتاب المحكمة في مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بصحيفة الطعن مذكرة بدفاعه مشفوعة بما يرى تقديمه من مستندات...إلخ حسبما ورد في المادة (296) مرافعات، مع ذلك فإن هذا الميعاد لا يتم احترامه في غالب الاحيان، حيث يتعمد المطعون ضده في غالب الحالات عدم الرد على الطعن في الميعاد المشار إليه، وإذا قامت محكمة الاستئناف برفع ملف الطعن إلى المحكمة العليا من غير ان يتضمن الملف رد المطعون ضده فإن الأمانة العامة للمحكمة العليا تقوم بإعادة الملف إلى محكمة الاستئناف لتكليف المطعون ضده مرة أخرى بالرد على الطعن ، ولذلك تطول الإجراءات، وهذا سبب اضافي من أسباب ظاهرة تطويل إجراءات التقاضي ، وتظهر القيمة العلمية للحكم محل تعليقنا في أنه: قد قضى بعدم لزوم رد المطعون ضده على عريضة الطعن بالنقض، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-8-2017م في الطعن رقم (59097)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((ولما كان الطعن قد استوفى شروط قبوله شكلاً فقد لزم الفصل في أسباب الطعن من حيث الموضوع، والدائرة بعد دراسة الأوراق التي اشتمل عليها ملف خصومة النقض وجدت ان المطعون ضده لم يرد على الطعن، ومع ذلك فإن عدم الرد لا يمنع المحكمة العليا من الفصل في أسباب الطعن كونها تتعلق بمخاصمة الحكم المطعون فيه، وبالنظر والتأمل لما ورد في أسباب الطعن فقد لوحظ عدم سلامة ما ورد في مسمى السبب الأول وان ذلك غير سديد وان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي لم يقض بغير ما طلبه للخصوم كون الطلب كان واضحاً في عبارة الطلب بالإخلاء، وأما ما ورد في السبب الثاني فغير سديد أيضاً لإنتفاء الرابطة بين النزاع المدني في هذا القضاء وبين النزاع التجاري المرفوع من قبل الطاعن لدى المحكمة التجارية، وما ذكره الطاعن في السبب الثالث لا تأثير له في الإختصاص بملكية العقار للمطعون ضده واخيه، مما يتعين معه رفض الطعن وإقرار الحكم الاستئنافي)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الرد على الطعن بالنقض في قانون المرافعات:*
➖➖➖➖➖
*▪️تقدم القول: بأن الرد على الطعن بالنقض جوازي وليس وجوبياً حيث جاءت صيغة النص بصيغة الجواز حيث نصت المادة (296) مرافعات على أنه: (للمطعون ضده بالنقض ان يودع قلم كتاب المحكمة في مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بصحيفة الطعن مذكرة بدفاعه مشفوعة بما يرى تقديمه من مستندات ويجب على المحكمة ان تأمر بإدخال من كان طرفاً متضامناً مع المطعون ضده إذا كان موضوع الحكم المطعون فيه غير قابل للتجزئة، فإذا لم يدخل خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه اعتبر الحكم الصادر في الطعن حجة عليه، ولرافع الطعن خلال خمسة عشر يوماً من انقضاء الميعاد المذكور ان يودع مذكرة برده مشفوعة بما يرى تقديمه من مستندات، ثم يمكن المطعون ضده من التعقيب خلال خمسة أيام من تاريخ تبليغه بالرد وتقدم جميع مذكرات اطراف النزاع وحوافظ مستنداتهم من أصل وصور بعدد الخصوم)، ومن خلال إستقراء هذا النص نلاحظ ان الرد على الطعن بالنقض جوازي وليس وجوبيا ، فللمطعون ضده ان يرد على الطعن أو لا يرد، فلا يجوز حمل المطعون ضده على الرد.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الطعن بالنقض مخاصمة للحكم الاستئنافي:*
➖➖➖➖➖
*▪️ورد في الحكم محل تعليقنا بأنه لا يلزم ان يرد الخصم على الطعن بالنقض، لأن الطعن بالنقض هوعبارة عن مخاصمة للحكم الاستئنافي حيث تكشف عريضة الطعن عن أوجه المخالفة للقانون والخطأ في تطبيق القانون التي شابت الحكم الاستئنافي المطعون فيه، وبناء على ذلك تبسط المحكمة العليا رقابتها القانونية على الحكم الاستئنافي باعتبار المحكمة العليا محكمة قانون تتولى الرقابة القانونية على الأحكام للتثبت من التزامهما واحترامها لنصوص القانون ، وهذه هي الوظيفة الرئيسة للمحكمة العليا، فالمحكمة العليا ليست محكمة موضوع يتداعى أمامها الخصوم بالقول والإجابة ويقدموا أمامها المذكرات والردود والأدلة، فهي لا تحقق في المسائل الموضوعية وإنما تتحقق من صحة ما ورد في الطعن الذي يخاصم الحكم الطعين، لذلك لا يلزم ان يرد المطعون ضده على الطعن بالنقض.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: عدم إحترام الميعاد المقرر لتقديم مذكرة المطعون ضده على الطعن بالنقض:*
➖➖➖➖➖
*▪️في الواقع العملي نلاحظ ان الميعاد المقرر لتقديم المطعون ضده مذكرة الرد على الطعن بالنقض لا يُحترم، فمن النادر ان يقدم المطعون ضده تلك المذكرة في الميعاد المقرر (15) يوماً، وهذا سبب من أسباب بطء إجراءات التقاضي، حيث ان محكمة الاستئناف تقوم بإعلان المطعون ضده للرد على الطعن وتمنحه الفرصة تلو الفرصة وكأن الرد على الطعن بالنقض أمر وجوبي لابد منه، بل ان الأمانة العامة للمحكمة العليا كانت في بعض الحالات تقوم بإعادة ملفات بعض القضايا المرفوعة إلى المحكمة العليا لعدم وجود رد على الطعن، ولذلك تظهر القيمة العلمية للحكم محل تعليقنا في قضائه بعدم لزوم الرد على الطعن بالنقض، والله اعلم.*