إجراء القسمة من غير خبراء ععدول - في القانون اليمني

*إجراء القسمة من غير خبراء عدول*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه إذا كان من ضمن الورثة نساء وظهر تجنيب بعض الأموال من التركة وثبت إجراء القسمة من قبل الورثة الذكور أنفسهم من غير الاستعانة بخبراء عدول لحصر وتثمين موجودات التركة يجعل القسمة باطلة غير مستوفية شروط صحتها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-4-2013م في الطعن رقم (48216)، وقد قضى الحكم الاستئنافي بأنه: ((وقد كان الرجوع والإطلاع على الفصل المؤرخ.... فلم تجد الشعبة في الفصل ما يدل على وجود عدول للقسمة وتقويم اثمان المواضع وبيان المقاسمين الحاضرين، وبيان كامل التركة، فالقسمة هي معرفة مقدار كل ما لكل شريك في المال وافرازه بعد موازاة السهام عملاً بنص المادة (1197) مدني إضافة إلى أنه قد ثبت عدم صحة الاربع البصائر التي يتمسك بها الطاعنون التي تم بموجبها إستبعاد بعض أموال التركة، لذلك لم تكن القسمة شرعية مستوفية شروط صحتها القانونية والشرعية ))، وقد أقر حكم الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((وبالتأمل وإمعان النظر في حيثيات وأسباب الحكم الاستئنافي وفيما تضمنته أسباب الطعن والرد عليها، فقد تبين للدائرة ان ما توصلت إليه محكمة الاستئناف في أسباب حكمها بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من بطلان القسمة المدعى بها والحكم بإجراء قسمة جميع أموال التركة بين جميع الورثة ذكورا واناثا، فتلك أسباب شرعية وقانونية صحيحة لما استندت إليه وعللت به، لذلك فإن الحكم الاستئنافي جاء موافقاً للشرع والقانون فيما قضى به)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: اهمية العدول في إجراء القسمة:*
➖➖➖➖➖

*▪️الخبراء العدول: هم عبارة عن أشخاص من ذوي الخبرة والاختصاص يتم اختيارهم من قبل الورثة أو الشركاء المتقاسمين حيث يتولى هؤلاء حصر موجودات التركة والتأكد من ملكية المورث لها، وبيان أموال التركة وانواعها وحالاتها واماكن وجودها واثمانها وبيان مساحات العقارات، وبيان العقارات القابلة للقسمة العينية والعقارات غير القابلة لذلك، وكذا حصر الديون والالتزامات القائمة على التركة وكذا إستخراج الوصايا والديون من وعاء التركة، والتأكد من صحة ادعاءات بعض الورثة بالإختصاص ببعض أموال التركة، وبعد ذلك وفي نهاية القسمة يقوم الخبراء العدول بتحديد أموال التركة القابلة للقسمة على الورثة، ويتميز عمل الخبراء العدول في القسمة بالحيادية والاستقلالية والتجرد من المصلحة، لأنهم ليسوا من الورثة، فلايجلبوا لأنفسهم نفعا ولايدفوعوا عن أنفسهم ضررا عند إجراء القسمة ، وتزداد اهمية الخبراء العدول عندما يكون من ضمن الورثة نساء اميات ، حيث يكون الخبراء ضمانة من أهم ضمانات القسمة العادلة وعدم التحيز والانتقائية في تقسيم أموال التركة على الورثة بحسب الأنصبة الشرعية خاصة في الحالات التي يوجد فيها ضمن الورثة نساء غير مطلعات على تفاصيل أموال التركة وأحوالها ، وقد لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد أشار إلى هذه المسألة، لأنه كان من ضمن الورثة (اختين)، ولذلك ناسب ان تتم القسمة في هذه الحالة بنظر خبراء عدول، اما اذا كان جميعهم من الذكور فإن الشركاء أنفسهم يكونوا أفضل من الخبراء في حصر وتصفية الشراكة أو التركة، وذلك عندما يكون الشركاء أو الورثة من الذكور هم المشتغلون في الشراكة أو إدارة التركة، ففي هذه الحالة يكون هؤلاء أكثر خبرة ودراية بالشراكة أو التركة حيث يكون الحصر والتثمين من قبلهم أكثر واقعية إضافة إلى أنه في هذه الحالة لا يخشى من التلاعب في الحصر اوالتثمين أو تحديد الأنصبة جميع الورثة أو الشركاء يعرفون التفاصيل الدقيقة لاموال التركة وأحوالها فيتعذر التلاعب والتواطؤ في القسمة وفي توزيع أموال التركة بحسب الأنصبة والفرائض الشرعية.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الشكوك التي تعتري القسمة التي لم يتم فيها اختيار خبراء عدول:*
➖➖➖➖➖

*▪️اجاز القانون المدني للورثة ان يتولوا القسمة الرضائية بأنفسهم أو بواسطة خبراء عدول، حيث نصت المادة (1211) مدني على أنه ( للشركاء البالغين ان يقسموا المال المشترك بينهم اختياريا بالطريقة التي يرتضونها ويجوز فيها جمع الاشياء المتماثلة والمختلفة, كما يجوز فيها جمع نصيب اثنين او اكثر في قسم واحد, ولهم ان يقسموا بانفسهم او بواسطة عدلين، كما يحق لهم تعديل الحصص بالنقد, ولا تسمع من حاضر دعوى غبن في القسمة الا لامر قطعي ولا تجوز قسمة اختيارية فيها قاصر او مجنون او غائب)، ولا شك أن القانون اجاز للورثة البالغين إتخاذ أي من الطريقتين للقسمة وقد اناط بالورثة اختيار أي من الطريقين بحسب حال الورثة فإذا كان المتقاسمون ذكوراً شركاء عاملين مطلعين على موجودات التركة أو الشركة، فلهم ان يباشروا إجراءات القسمة بأنفسهم، أما إذا كان من ضمن الورثة نساء فأنه ينبغي إختيار عدول لإجراء القسمة كضمانة لرعاية حقوق ومصالح النساء الوارثات ، لأن قيام الشركاء أو الورثة انفسهم بإجراء القسمة وبينهم نساء لا يؤمن في هذه الحالة من الإحتيال على النساء والإضرار بهن في القسمة حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، سيما أن الورثة الذكور في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان الورثة الذكور قد اصطنعوا محررات أربعة اخرجوا بموجبهن بعض أموال التركة حتى لا تحصل النساء على نصيبهن من تلك العقارات الأوفر قيمة في التركة، والله اعلم.*