لا تقبل دعوى إبطال القسمة إذا قبض المقاسم فصله وتصرف ببعضه - في القانون اليمني

*لا تقبل دعوى إبطال القسمة إذا قبض المقاسم فصله وتصرف ببعضه*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن دعوى القسمة لا تقبل إذا كان المدعي المقاسم قد استلم فصله وبموجب ذلك الفصل تصرف ببعض ما تضمنه فصله حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 2-8-2015م في الطعن رقم (55521)، حيث قضى الحكم الاستئنافي بأنه: ((وبتأمل الشعبة لكل ما ورد في ملف القضية فقد ظهر جلياً وجاهة الاستئناف، لأن القسمة كانت قد تمت، وتعقبها تحديد فروز القسمة حسبما تحكيه محررات الفروز (الفصول)، وقد أكدت شهادات شهود المستأنفة بأن التحديد تم بحضور المدعية المستأنف ضدها، كما تبين للشعبة أنه قد تعقب فروز القسمة ان قامت المستأنف ضدها بالتصرف ممافي باطن فرزها، ولذلك فقد قضت الشعبة بقبول الاستئناف ورفض دعوى إبطال القسمة ولزوم التوقف على تلك القسمة)، وعند الطعن بالنقض بالحكم الاستئنافي أقرت الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((وحيث ان الشعبة الاستئنافية قد ردت على جميع ما اثارته الطاعنة بالقول: أنها كانت حاضرة عند القسمة وعند إجراء التحديد وانها قد قبضت فرزها، وبعد ذلك قامت بالتصرف ببعض ما تضمنها فرزها، حيث تصرفت للغير، ومن ذلك تصرفها للمدخلين في الدعوى، ولذلك فأنه بعد تعيين وتحديد ما يخص المتقاسمين في القسمة وإستلامهم لفرزهم وقبضهم وثبوتهم على مايخصهم لايجاب طلبهم إبطال القسمة، ومن ثم لا يعوّل على ما جاء في طعن الطاعنة)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: القسمة عقد لازم للمتقاسمين:*
➖➖➖➖➖

*▪️صرحت المادة (1200) مدني بأن القسمة عقد لازم للمتقاسمين لا يجوز لأحدهما الرجوع عنه حيث نصت هذه المادة في بدايتها على أن: (القسمة عقد لازم لجميع الشركاء فلا يجوز لأحدهم الرجوع فيه إلا برضاء سائر الشركاء) فإذا تم عقد القسمة وتوفرت أركانه وشروطه فأنه يكون لازم، ولذلك قضى الحكم محل تعليقنا برفض دعوى إبطال القسمة، لأن القسمة كانت صحيحة توافرت كافة اركانها وشروطها، وأنه من الواجب على المتعاقدين في أي عقد من العقود بما في ذلك عقد القسمة أن ينفذ العقد بحسن نية.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الاستدلال بحضور المقاسم إجراءات القسمة على رضاء المقاسم وموافقته على عقد القسمة:*
➖➖➖➖➖

*▪️عقد القسمة المتضمن إجراءات القسمة وبيان كيفيتها قد يكون كتابة كما قد يكون شفاهة، وعندما يكون شفاهة يتم الاستدلال على موافقة المقاسم على إجراءات القسمة من خلال حضور المقاسم ومشاركته في إجراءات القسمة كالحصر وتعيين العدول والتثمين لموجودات التركة وتحديد انصبة وسهام كل وارث، وعلى هذا الأساس فقد استدل الحكم محل تعليقنا على موافقة الطاعنة على عقد القسمة بحضورها ومشاركتها في إجراءات القسمة وعند تحديد وفرز وتعيين انصبة وسهام كل وارث بما في ذلك تحديد فرز الطاعنة.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الاستدلال بإستلام المقاسم لفرزه أو فصله على رضاء وموافقة المقاسم على القسمة:*
➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن إستلام الوارث المقاسم لفصله أو فرزه: وهو الوثيقة التي تتضمن نصيبه من أموال التركة قضى الحكم بأن ذلك دليل على رضاء الوارث المقاسم على القسمة وإجراءاتها التي انتهت بتسليمه فرزه أو فصله المتضمن ما يخصه من أموال التركة، لأن تحديد الفروز أو الانصبة وتعيينها بالنسبة لكل وارث على حدة هو هدف وغاية ونتيجة إجراءات القسمة السابقة على تحرير الفصول أو الفروز، ولذلك فإن إستلام الوارث لفرزه دليل على أن الوارث المقاسم كان موافقاً على عقد القسمة وعلى الإجراءات التي تمت بموجبه والتي كانت نتيجتها تحرير الفصول وتسليمها إلى كل وارث من غير اعتراض أو تحفظ.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: الاستدلال بقبض الوارث المقاسم للأموال المحددة له بالفرز أو الفصل على رضاه بإجراءات القسمة:*
➖➖➖➖➖

*▪️أستدل الحكم محل تعليقنا بأن قبض الوارث المقاسم للأموال المحددة في الفصول عن طريق تمييزها وتعيينها في الواقع العملي وإستلام المقاسم لها عن طريق محضر التسليم أو التخلية الشرعية يعد قبولاً منه وموافقة على عقد القسمة وإجراءات القسمة التي تمت بموجبه التي انتهت إلى تحرير الفصول وتسليم كل وارث ما يخصه في الواقع العملي - أي تطبيق الفصول على الواقع-.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الخامس: الاستدلال بتصرف المقاسم بالأموال الواردة في فصله على رضاه وموافقته على القسمة وإجراءاتها:*
➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن قيام الوارث المقاسم بالتصرف في الأموال التي تخصه التي تضمنها فرزه أو فصله دليل على رضاه وموافقته على عقد القسمة والإجراءات التي تمت بموجبه بما فيها تحرير الفصل الخاص به الذي تصرف بمقتضاه ببعض أمواله إلى الغير كالبيع والهبة والوقف...إلخ، فتصرف الوارث بما ورد في فصله إلى الغير دليل على قبوله بالقسمة وصحتها وقبوله ورضاه بما آل إليه من القسمة بحسب ما هو محدد في فصله، فلا يجوز له بعد ذلك الإدعاء بانه لم يوافق على القسمة أو لم يشارك فيها أو يدعي انها باطلة، ولذلك لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قضى برفض دعوى إبطال القسمة المرفوعة من الوارثة المقاسمة التي كانت حاضرة في إجراءات القسمة والتي استلمت فصلها وتصرفت ببعض أموالها بموجب ذلك الفصل، والله اعلم.*