عدم تمثيل الوارث في القسمة الرضائية الشفهية يبطلها - في القانون اليمني

*عدم تمثيل الوارث في القسمة الرضائية الشفهية يبطلها*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️القسمة الرضائية عقد بين الورثة يقوم على تراضي جميع الورثة وقبولهم بعقد القسمة وإجراءاتها، وإثبات رضاء المقاسم يكون سهلا اذا قام الورثة بإبرام عقد مكتوب وقاموا بالتوقيع عليه وبعدئذ تمت إجراءات القسمة بموجبه، لكن في حالات كثيرة يتم الاتفاق بين الورثة على إجراء القسمة شفاهة، حيث يستدل في هذه الحالة على موافقة الوارث بالقسمة بمشاركة الوارث وتمثيله في إجراءات القسمة، حيث يستدل من ذلك على انه موافق وقابل بالقسمة واجراءاتها وانه أو وكيله كان مطلعا على كافة إجراءات القسمة ومتابعا لها اولا بأول، وان الوارث كان يقف على إجراءات القسمة بنفسه أو عن طريق وكيله الذي يمثله في إجراءات القسمة، ولكن إذا ثبت أن الوارث لم يحضر إجراءات القسمة بنفسه أو عن طريق وكيله فإن ذلك يجعل القسمة باطلة حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-8-2015م في الطعن رقم (55395)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان الحكم الاستئنافي المطعون فيه لم يكن موافقاً من حيث النتيجة للشرع والقانون فيما قضى به وأستند إليه، حيث الثابت مما اثارته الطاعنة انها لم تمثل في إجراءات القسمة ولم تحصل منها إجازة للقسمة ، كما أن المطعون ضدهم قد عجزوا عن إثبات إستلام الطاعنة فصلها))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية عدم تمثيل الوارث في إجراءات القسمة:*

➖➖➖➖➖

*▪️المقصود بتمثيل الوارث في إجراءات القسمة: هو عدم حضور الوارث إجراءات القسمة سواء بنفسه أو عن طريق وكيل عنه، حيث يتم حصر موجودات التركة وتثمينها بواسطة العدول المختارين، ويتم تحديد الأنصبة والسهام وتقسيمها على الورثة ثم تحرير الفصول الخاصة بكل وارث من غير ان يمثل الوارث عند مباشرة هذه الاجراءات ، اما إذا كان الوارث قد حضر هذه الإجراءات بنفسه أو قام بتوكيل غيره للنيابة عنه، فإن ذلك دليل على موافقته ورضاه بالقسمة وإجراءاتها وأنه لايحق بعد ذلك الادعاء بابطال القسمة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: عقد القسمة بدون مشاركة الوارث:*
➖➖➖➖➖

*▪️المقصود بعقد القسمة هنا الإتفاق الشفهي السابق على إجراءات القسمة، وقد اشترط القانون المدني لصحة عقد القسمة الرضائية حضور وموافقة جميع الورثة عليها، لأن عقد القسمة يتم إبرامه قبل مباشرة إجراءات القسمة حيث تتم هذه الإجراءات لاحقا وفقاً لما هو مقرر في عقد القسمة، وبناءً على ذلك فإن عدم مشاركة الوارث في القسمة التي لايسبقها عقد قسمة مكتوب يعني أنه ليس طرفاً في العقد أو الإتفاق الشفهي ولم يوافق على إجراء القسمة، علماً بأن عقد القسمة قد يكون مكتوباً كما قد يكون شفاهة، وفي القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان الطاعنون يجادلون بأن القسمة كانت رضائية وان الإتفاق عليها كان شفاهة بين جميع الورثة إلا أن المطعون ضدها بحكم أنها امرأة لم تحضر إجراءات القسمة ولم تبصم عليها، ولكنها كانت موافقة على القسمة، والدليل على ذلك انها استلمت فصلها حسبما ذكر الطاعنون.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الجهالة الفاحشة في القسمة الرضائية الشفهية إذا لم يشارك الوارث في إجراءات القسمة:*

➖➖➖➖➖

*▪️سبقت الإشارة إلى أن إجراءات القسمة تتضمن تحديد وحصر موجودات التركة وبيان اماكنها ومدى صلاحيتها وتعيين العدول وتثمين موجودات التركة وتحديد الأنصبة والسهام، ومن ثم تحديد وفرز ما يخص كل وارث في وثيقة تسمى (الفصل أو الفرز)، ولذلك فإن عدم مشاركة الوارث اصالة أو عن طريق الوكالة يجعل القسمة الرضائية الشفهية مجهولة بالنسبة له جهالة فاحشة.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: قبول الفصل قرينة على موافقة الوارث أو المقاسم للقسمة الرضائية:*
➖➖➖➖➖

*▪️كان جوهر النقاش في الحكم محل تعليقنا وأساسه هو قبول الوارثة لفصلها واستلامها للفصل، حيث نفت المطعون ضدها نفياً قاطعاً استلامها لفصلها وافادت بأنها لم تحضر إجراءات القسمة ولا تعلم كيف تمت القسمة، كما أنها لم توكل أحدا لتمثيلها في إجراءات القسمة، ومن جانب آخر فقد كان بقية الورثة يجادلوا بأن الوارثة المشار إليها كانت عالمة بإجراءات القسمة ولو لم تحضر تلك الإجراءات، وانها كانت موافقة على القسمة وان استلامها لفصلها دليل قاطع على موافقتها على تلك القسمة إلا أنهم عجزوا عجزاً تاماً عن إثبات استلامها لفصلها، ولذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا ببطلان القسمة، فلو اثبت الطاعنون إستلام الوارثة لفصلها المتضمن الأموال التي صارت لها ارثاً بعد مؤرثها لقضى الحكم محل تعليقنا بصحة القسمة، لأن استلامها للفصل ومطالعتها له وعدم اعتراضها على ما ورد فيه دليل على رضاها وموافقتها على القسمة الرضائية.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الخامس: مدى جواز إجازة القسمة من قبل غير المشارك في إجراءات القسمة الرضائية الشفهية:*
➖➖➖➖➖

*▪️من خلال مطالعة أسباب الحكم محل تعليقنا نجد أنه قد ورد ضمن أسبابه رفض الحكم لقول الطاعنين بصحة القسمة، لأنه من خلال مطالعة الدائرة والشعبة الاستئنافية من قبلها لاوراق القضية فقد ثبت عدم وجود إجازة من الوارثة للقسمة التي لم تحضرها ولم تشارك فيها، وهذا يعني أنه لو كانت هناك إجازة من الوارثة للقسمة لقضى الحكم بصحة تلك القسمة، ووفقاً للقواعد العامة فإن القسمة عقد يقبل إجازة من لم يسبق له الموافقة عليه عملاً بقاعدة (الإجازة اللاحقة كالموافقة السابقة)، والله اعلم.*