ملكية الحد الفاصل بين الأراضي - في القانون اليمني

*ملكية الحد الفاصل بين الأراضي*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️اغلب الخلافات والنزاعات بين الجيران تقع بسبب النظرة القاصرة للحد الفاصل بين الأراضي، والقصور في فهم الوضعية القانونية للحد الفاصل من حيث ملكيته والإنتفاع به وعدم الإعتداء عليه ، وقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى هذه المسألة المهمة حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-3-2015م في الطعن رقم (56694)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين للدائرة ان ما ذكره الطاعن غير سديد وفي غير محله، حيث حصرت الشعبة الخلاف في (العبيلة) التي قلعها الطاعن وحكمت بإعادة بنائها كفاصل ترابي بين المالكين، الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية الحد الفاصل بين الأراضي:*
➖➖➖➖➖

*▪️الحد الفاصل بين الأراضي: هو علامة يتم وضعها لتحديد حدود الأراضي المتلاصقة، من حيث ابعادها ومساحاتها ولمنع اختلاطها وتداخلها مع بعضها، وللحيلولة من الخلافات والنزاعات بين الملاك المتجاورين، وهذا الفاصل قد يكون جداراً وقد يكون عريماً أو عبيلة مثلما ورد في الحكم محل تعليقنا، فالعبيلة كوم ترابي ممتد للفصل بين الأراضي المتلاصقة لاسيما الأراضي الزراعية. ، كما قد يكون الحد الفاصل بين الأراضي المتلاصقة ساقية تشرب منه الأراضي الملاصقة لها، كما قد يكون الفاصل أو الحد بين الأراضي شجرة أو حجرة يتم تثبيتها في الأرض للفصل بين الأراضي المتلاصقة، كما قد يكون الفاصل صخرة كبيرة ظاهر أو نابتة في الأرض، وقد يكون الحد الفاصل طريقا، وقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى ان الخلاف الذي وقع بين مالكي المزرعتين المتلاصقتين كان بشان الإنتفاع بالعبيلة ثم تطور الخلاف إلى قلع العبيلة لاحقا، حيث كان كل خصم يتهم الاخر بأنه يعتدي على أجزاء من العبيلة من جهته ويقوم بتجريف اجزاء منها حتى انتهى الأمر إلى قلع العبيلة كلها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الوضعية القانونية للحد الفاصل بين الأراضي:*
➖➖➖➖➖

*▪️الحد الفاصل بين الأراضي المتلاصقة: هو علامة يتم وضعها لبيان بداية ونهاية الأراضي المتلاصقة، والأصل أن الحد الفاصل لايتبع اي من الارضيتين المتجاورتين، لأن القاعدة أن الحد لا يدخل في المحدود، فلا يدخل الحد في أي من الأراضي التي يفصل بينها، وهذا هو الأصل عملاً بقاعدة (الحد لا يدخل في المحدود)، غير أنه في بعض الحالات يكون الحد ملكاً لأحد الجيران، وذلك حينما يثبت أن الفاصل أو الجدار أو العبيلة أو العريم قد قام ببنائه الجار المالك لفصل وتمييز ملكه عن ملك جاره وتمييزه عن ملكية جاره، فعندئذٍ يكون الحد الفاصل مملوكاً بالكامل لمن ثبت انه اقامه، فيمتد ملك وإنتفاع صاحب الحد الفاصل إلى الناحية الأخرى من الحد الفاصل من جهة جاره، لأن الحد الفاصل بالكامل ملكه، فيجوز له الإنتفاع بالحد الفاصل بإعتبار الحد الفاصل ملكاً خاصاً وخالصاً لمن أقامه في ملكه ، فإذا كان هذا الفاصل (عبيلة أو عريم) فلا يجوز للجار الملاصق أن يحتش حشيشه أو يضع عليه زربه أو اخشابه أو ينصب على الجدر بابه أو غير ذلك من أوجه الإنتفاع، أما إذا كان الحد الفاصل مشتركاً بين الجيران، كأن يكون عبيلة أو جدارا، فإنه يكون حداً مستقلا فاصلا بين الارضيتين المتلاصقتين، فلايجوز لأي منهما الإعتداء عليه بالهدم أو التجريف أو الإنتقاص منه، فليس لأي منهما إلا الإنتفاع بالجزء المقابل لملكه فقط غير أنه لايجوز له ان يعتدي على الجزء المقابل له من الفاصل أو الحد بالحفر فيه أو تجريفه أو إستبداله بفاصل اخر.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: الاعراف القبلية النبيلة في حماية الحدود الفاصلة بين الأراضي الزراعية المتلاصقة (نزفة المحر):*
➖➖➖➖➖

*▪️في المدرجات الزراعية يكون الحد الفاصل بين الأملاك هو الجدار الذي يقيمه صاحب الموضع الأعلى حفظاً لماله، ويسمى في غالب المناطق (بالحرة)، وتبعاً لذلك تكون الحرة أو الجدار الفاصل ملكاً لصاحب الأرض الأعلى من الجدار التي التي تستند إلى الجدار الذي يحميها من الانجراف ، فلا يجوز لصاحب الأرض الاسفل من الجدار ان يحفر إلى عرض الجدار حتى لا يضر الجدار الفاصل، وإنما يجب عليه ان يترك مسافة ما يساوي (نزفة المحر) حتى يستطيع صاحب الأرض ان يحر بالأثوار أو غيرها أرضه إلى عرض الجدار السائد للأرض، وتكون هذه المسافة في الغالب ما بين نصف متر إلى متر بحسب مساحة الأرض، والله اعلم.*