تكليف أمين سر المحكمة بالاستماع إلى الشهادة - في القانون اليمني

*تكليف أمين سر المحكمة بالاستماع إلى الشهادة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الشهادة ينبغي ان تتم في مجلس قضاء في جلسة المحكمة أمام القاضي الذي ينظرها وينبغي ان يسمعها القاضي المختص ، وفي حالات معينة يتم إنتقال القاضي لسماع الشهادة إذا تعذر حضور الشاهد، غير أنه لا يجوز تكليف أمين سر المحكمة للإستماع للشهادة حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-12-2015م في الطعن رقم (57043)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((حيث أنه من الواضح أن محكمة الاستئناف اسست حكمها على دليل لم يقدم في مجلس قضائها ولم يتم التحقق منه، وهو شهادة الشاهدين على المحرر اللذين انكرا شهاداتهما عليه وهما كبيران في السن ولم تتم شهادتهما في مجلس القضاء أو الإرعاء وإنما تم إنتداب أمين السر للإستماع الى شهادتيما ، وهذا مخالف للمادة (26) إثبات)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الأصل أن الشهادة تكون في مجلس القضاء أي في جلسة المحكمة التي تنظر القضية:*
➖➖➖➖➖

*▪️أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادة (26) إثبات التي نصت على أن: (الشهادة إخبار في مجلس القضاء) ومؤدى ذلك أنه يجب أن يحضر الشاهد إلى المحكمة التي تنظر القضية ويدلي بشهادته امامها، ويؤيد ذلك ما ورد في المادة (41) إثبات التي نصت على أنه: (يشترط في الشهادة ما يأتي: -1- ان تكون في مجلس القضاء في حضور المشهود عليه أو وكيله أو المنصوب عنه)، ومن خلال هذه النصوص وغيرها يظهر أن الأصل أن يحضر الشاهد إلى المحكمة بناء على تكليف له بذلك، حيث يدلي بشهادته، ومعلوم أن المقصود بمجلس القضاء هو جلسة المحكمة أو القاضي الذي ينظر القضية وليس أمين السر.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: عدم جواز إنتقال أمين سر المحكمة لسماع شهادة الشاهد الذي تعذر عليه الحضور إلى المحكمة:*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بنقض الحكم الاستئنافي الذي أستند في قضائه على محضر إستماع أمين السر لشهادة الشاهدين خارج المحكمة، لأن الإستماع إلى الشهادة عمل قضائي محض يبنى عليه القاضي قناعته ويستند إليه في حكمه حيث يناقش القاضي الشاهد ويسمح للخصوم بسؤاله حتى يفصل الشاهد الالفاظ المجملة والوقائع الغامضة الواردة في شهادته للوقوف على الحقيقة، وقد صرح القانون بأن الإستماع إلى شهادة الشهود مسألة قضائية يختص بها القضاة حصرا، حيث نصت المادة (58) إثبات على أن: (يكون أداء الشهادة أمام المحكمة أو من تنتدبه لذلك من اعضائها أو من قضاة المحكمة)، فالنص صريح في حصر الإستماع للشهادة خارج المحكمة للقضاة وليس أمين السر، فإذا تيسر للقاضي الذي ينظر القضية الإنتقال لسماع شهادة الشاهد خارج مقر المحكمة وإلا قام القاضي الذي ينظر القضية بتكليف القاضي أو المحكمة المختصة في المكان الذي يقيم فيه الشاهد للإستماع إلى أقواله وإرسال محضر الإستماع إلى المحكمة التي تنظر القضية، وعلى هذا الأساس لا يجوز لأمين السر الإنتقال إلى مكان إقامة الشاهد للإستماع إلى أقواله أو تكليفه للقيام بهذه المهمة.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: جواز قيام الشاهد بكتابة شهادته وإرسالها إلى المحكمة التي تنظر القضية وجواز الإرعاء:*

➖➖➖➖➖

*▪️قد يتعذر على الشاهد الحضور إلى المحكمة للأدلاء بشهادته، وعندئذٍ اجاز له القانون الإرعاء وهو الإشهاد على شهادته، وفي هذا الشأن نصت المادة (37) على أنه: (يجوز في غير الحد والقصاص ان يرعي الشاهد عدلين يقول لهما: اشهدا على شهادتي أني اشهد بكذا، فيكون الشاهد أصلاً وهما فرعان عنه ولا يصح الارعاء بشاهد واحد)، وقد صرحت المادة (38) إثبات على أن: الإرعاء يقبل من معذور عن الحضور بمرض ونحوه أو ميت اثناء حياته، أما المادة (39) إثبات فقد اجازت للشاهد أن يكتب شهادته وارسالها إلى المحكمة التي تنظر القضية حيث نصت المادة (39) على أن( يقوم مقام الإرعاء كتابة الشاهد لشهادته بخطه المعروف أو املاؤها على آخر خطه معروف مع إشهاد شاهدين على الكتابة إذا لم يكن الخط معروفاً صدق عليه من جهة رسمية)، وبناء على ذلك فقد حدد القانون كيفية إتصال القاضي الذي ينظر القضية بالشهادات اذا تعذر حضور الشاهد إلى مجلس القضاء أو جلسة المحكمة وهي إنتقال القاضي إلى الشاهد أو تكليف المحكمة التي يقيم الشاهد في نطاق إختصاصها بالاستماع إلى شهادته ، أو قيام الشاهد بكتابة الشهادة وإرسالها إلى المحكمة أو الأرعاء على النحو السابق بيانه، حيث حصر القانون طرق ووسائل اتصال القاضي الذي ينظر القضية بالشهود اذا تعذر حضورهم وليس من بين هذه الطرق إنتقال أمين السر إلى مقر إقامة الشاهد للإستماع إلى شهادته وافراغها في محضر إستماع وتقديمها للقاضي الذي ينظر القضية، ولذلك قضى الحكم محل تعليقنا بأن هذه الطريقة مخالفة للقانون، والله اعلم.*