*الفراغات في مذكرات الخصوم*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️في بعض الحالات لا تخلو مذكرات الخصوم وعرائضهم من الفراغات كترك تاريخ يوم التصرف أو الواقعة فارغاً أو ترك رقم المادة القانونية أو نصها فارغاً...إلخ، وقد أشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30-10-2016م في الطعن رقم (58384)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة تورد الملاحظات الآتية: -1- اورد مدعي البطلان في عريضته ثم في حافظة المستندات ثلاثة مستندات، ولكن الدائرة لم تجد كل المستندات مرفقة بعريضة الدعوى مع ان الإجراء الواجب اتباعه ان يؤشر على كل مستند ادعاء ورقمه ومطابقة الصورة مع الأصول ان وجدت وفقا للمادة (104) الفقرة (ب) مرافعات بشأن مطابقة الصور على الأصول -2- كما ان بالملف صورة حافظة مستندات مرفقة من مدعي البطلان لكن مستنداتها مبعثرة وبعضها غير موجودة بالملف -3- قبول الشعبة لعرائض من اطراف الخصومة تتضمن فراغات، وهذه يفترض عدم قبولها إلا بعد ملء الفراغات سواء بالنسبة لنصوص قانونية أو لأسباب أخرى، كذلك لاحظت الدائرة عدم ترقيم صفحات محضر الجلسات بحسب التسلسل التاريخي مع محتويات الملف كل ذلك يسهل على الدائرة مراقبة الإجراءات، وهذه الملاحظات وقع فيها الطاعن نفسه في عريضة الطعن مع أنه قد انتقد الطرف الآخر لهذا الخطأ ولكنه وقع في نفس الخطأ، فترك الفراغات معيب ومنتقد، وعلى محامي كل طرف مراعاة ذلك مستقبلاً، لأن الجودة في الادعاء مطلوبة والوكيل أمين في اداء عمله)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: المقصود بالفراغات في العرائض والمذكرات:*
➖➖➖➖➖
*▪️الفراغات: هو عن ترك مساحة أو مساحات فارغة من غير كتابة، في العريضة أو المذكرة المقدمة إلى المحكمة، فعدم ذكر بعض البيانات في العرائض والمذكرات وترك مكانها فارغا كتاريخ عقد او تصرف او واقعة او اسم شاهد او عميل او مبلغ او رقم المادة التي استشهد بها الخصم، حيث يترك الخصم في محل هذه البيانات فراغاً على أساس ان الخصم سيقوم بتعبئة بتلك البيانات لاحقاً، غير أنه يفوت على الخصم كتابة البيانات في الفراغات، فيقدم الخصم العريضة إلى المحكمة من دون كتابة البيانات في الفراغات المحددة لها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الآثار المترتبة على وجود فراغات في العريضة او المذكرة المقدمة إلى المحكمة:*
➖➖➖➖➖
*▪️تترتب على ذلك آثار سلبية عدة من اهمها جهالة بعض بيانات الدعوى المتصلة بالبيانات الناقصة التي تم تركها فراغاً من غير كتابة، إضافة إلى أن تلك الفراغات في العريضة أو الصحيفة او المذكرة دليل على عدم عناية الخصم في كتابتها والتأكد من استيفاء البيانات اللازمة، علاوة على ان ترك الفراغات يجعل الصحيفة او العريضة عرضةً للإدراج من الغير في الفراغات المتروكة، وكذا فإن ترك الفراغات في العريضة يعني ان الخصم قد فوض المحكمة لاستيفاء البيانات لاسيما في النصوص والمسائل القانونية وذلك مخل بمبدأ حياد القاضي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الوضعية القانونية للفراغات الواردة في المذكرات:*
➖➖➖➖➖
*▪️اشترطت المادة (...) مرافعات على المحكمة استيفاء البيانات الضرورية في صحيفة افتتاح الدعوى البيانات المتروك محلها فراغ، لأن الخصم عندما اثار أو ذكر في عريضته او مذكرته وقائع او تصرفات قد أراد الخصم الاستشهاد بالبيانات التي ترك محلها فراغاً أي أنه قد اثار تلك المسائل في عريضته او مذكرته فصار عليه لزاماً ان يستوفي تلك البيانات حتى تتمكن المحكمة من مناقشتها، وحتى تتم مواجهة الخصم الآخر بها وتمكين من الرد أو التعقيب عليها، ومن ناحية أخرى حتى تتمكن محكمة الطعن من الرقابة على سلامة الإجراءات وسلامة الاستناد إلى القانون وتطبيقه على الوقائع تطبيقاً صحيحاً.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: استيفاء الفراغات في مذكرات الخصوم شرط لقبولها:*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يجب على الخصم استيفاء الفراغات في عريضته أو مذكرته قبل تقديمها إلى المحكمة، وهذا الوجوب يقع أيضاً على عاتق المختصين في المحكمة كقلم الكتاب وأمين السر، حتى يكون الاستشهاد بالبيانات واضحاً وحتى تتأكد المحكمة من صحة البيانات ومطابقتها للوقائع أو النصوص القانونية، لأنه لا يجوز للمحكمة ان تستوفي تلك البيانات الفارغة من تلقاء ذاتها، إضافة إلى ان المحكمة لا تستطيع الاستناد في حكمها على وقائع مجهولة إذا كان من شأن البيانات الفارغة والناقصة التجهيل بالوقائع أو التصرفات، والله اعلم.*