*حق اليد العرفية في الوقف العام يورث للنساء*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️الأصل أن حق اليد العرفية يرتبط بالأعمال التي يقوم بها اجير الوقف في الأرض الوقف المؤجرة له من الاوقاف، وطالما ان حق اليد العرفية يباع ويشتري وتتساوى قيمته في احيان كثيرة مع قيمة الأرض الحر، لذلك فإن حق اليد العرفية ينتقل إلى ورثة المستأجر للوقف ومن ضمنهم النساء، فحق اليد العرفية من ضمن حقوق المورث التي تنتقل إلى ورثته بعد وفاته، وتبعا لذلك يحق للمرأة الوارثة ان تستأجر من الاوقاف العامة ما آل إليها ارثا من حق اليد العرفية في الوقف العام، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14-3-2018م في الطعن رقم (59498)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن محكمة الموضوع قد فتحت باب المرافعة لتمكين محامي وزارة الأوقاف من تقديم ما لديه، وحيث أن محامي الأوقاف قدم صورة طبق الأصل لمسوّدة الأوقاف حول الموضوع الذي تدعي المدعيات ملكه، وحيث أن الوثائق التي قدمنها المدعيات تفيد أن الأرض التي آلت اليهن من ابيهن وقف ولا خلاف حول ذلك، وحيث جاء في أسباب الحكم الابتدائي قول المحكمة: وكون المواضع هي ملك للأوقاف وليس لمورث المدعيات سوى حق اليد العرفية عليها، وهو ما يسمى عرفاً بالشقية فإن الثابت ملكية موضع النزاع للأوقاف وإستحقاق المدعيات بإعتبارهن وارثات لوالدهن اجير الأوقاف لما يسمى بحق اليد العرفية لموضع النزاع، وهو ما يستلزم أولاً إلزامهن بالإستئجار من الأوقاف للمواضع والرهق بما فيه المنزل الشعبي الخاص بهن حسب دعواهن لعدم وجود المنازع في موضع النزاع مما يستوجب رفض الطعن موضوعاً)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الاول: حق اليد العرفية في الوقف:*
➖➖➖➖➖
*▪️المقصود بمسمى حق اليد العرفية: هو إستحقاق المستأجر من الاوقاف العامة لمقابل الأعمال التي قام بها اجير الوقف العام للمحافظة على أرض الوقف المؤجرة له وحمايتها وزرعها واصلاحها وتطويرها وتوسيعها وتنميتها،، والأصل أن يتم تقدير حق اليد العرفية بنظر خبراء عدول من اهل المنطقة، لان حق اليد العرفية حسب هذا المفهوم يتداخل مع العناء، ويطلق على حق اليد العرفية في مناطق كثيرة في اليمن (حق الشقية العرفية)، ومع ان حق الشقية أو اليد العرفية يكون مقابل أعمال حقيقية مفيدة ظاهرة قام بها المستأجر من الأوقاف في أرض الأوقاف الموجرة له من الاوقاف، الا ان حق اليد العرفية يساء فهمه وتطبيقه في الواقع العملي حيث أن المستأجر من الاوقاف يتمسك بحق اليد العرفية ولم لو لم يقم باي عمل للمحافظة على أرض الوقف واصلاحها، حيث يتقاضى اجير الوقف هذا الحق ولم يقم بأي شيء في الأرض، حيث يستند هولاء إلى أن الناس قد تعارفوا على هذا الأمر، فمصدر حق اليد هو العرف الذي تعارف عليه الناس في هذا الشأن، ولاشك ان مفهوم الشقية العرفية أو حق اليد العرفية بهذا المفهوم يخالف أحكام الشريعة لانه يكون من قبيل اكل اموال الناس بالباطل، لان اخذ حق اليد العرفية يكون من غير مقابل قام به المستأجر لارض الوقف العام ، ومن هذا المنطلق فقد نصت المادة (86) من قانون الوقف الشرعي على أنه: (ليس لمستأجر عين الوقف أو املاكه حق اليد إلا في العناء الظاهر كالغرس والبناء والإصلاح إذا كان ذلك بإذن المتولي على أن يقرره الحاكم بإحالة من الجهة المختصة)، حيث يظهر من إستقراء هذا النص أنه يمنع حق اليد وفي الوقت ذاته اجاز النص لأجير الوقف العام المطالبة بالعناء الظاهر الذي تستطيع العين مشاهدته وتقدير عوضه للمستأجر بحسب الشروط المنصوص عليها في المادة السابق ذكرها، ومن هذه الشروط أن يكون الغرس أو الإصلاح في أرض الوقف بموجب إذن من الأوقاف وان يتم ذلك من قبل خبراء عدول وان يتم إقرار تقدير العناء من قبل القاضي المختص بناء على طلب او إحالة من الأوقاف، علماً بأن العناء الظاهر يتداخل في الواقع العملي مع مصطلح اليد العرفية حيث يطلق على حق اليد العرفية الشقية أي اجرة الشقاء والتعب الذي بذله المستأجر في أرض الوقف، وهذا هو المفهوم ذاته الذي يطلق على العناء.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مدى قابلية حق اليد العرفية للتوريث:*
➖➖➖➖➖
*▪️سبق القول أن حق اليد أو الشقية في أرض الوقف العام يباع ويشترى، حيث يقوم المستأجر لارض الوقف بالتصرف بحق اليد في أرض الوقف إلى غيره، فينتقل هذا الحق إلى الغير عن طريق البيع، ويتم تحرير وثيقة بيع لحق اليد العرفية من شخص إلى آخر، وعلى هذا الأساس فإن حق اليد أو الشقية يورث وينتقل إلى الورثة طالما أن هذا الحق قابل للبيع والتصرف اثناء حياة المورث فأنه ينتقل إلى الورثة من ضمن الحقوق التي يتركها المورث بعد ثبوت وفاته حيث يستحق هذا الحق ورثته الشرعيين بمن فيهم النساء.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: إنتقال حق اليد إلى النساء الوارثات واستئجارهن للوقف العام:*
➖➖➖➖➖
*▪️تقدم القول بأن حق اليد أو الشقية ينتقل إلى الورثة بمن فيهم النساء، حيث يتم تقسيم حق اليد أو الشقية بين الورثة بحسب الأنصبة الشرعية، ومن مقتضيات إنتقال حق اليد على الوقف إلى ورثة المستأجر للعين الموقوفة أنه يجب على الورثة في هذه الحالة الاستئجار من الأوقاف كلا للجزء الذي صار من نصيبه، فتتم قسمة الإنتفاع بالعين الموقوفة بين جميع ورثته، حيث قضى الحكم محل تعليقنا بأحقية النساء في استئجار الوقف العام والإنتفاع به مثلهن في ذلك مثل الرجال، وتكمن القيمة العلمية والعملية للحكم محل تعليقنا في أنه قد قضى بأحقية النساء في الارث في حق اليد العرفية وفي الاستئجار من الأوقاف، فهذا الحكم يفند الأعراف السائدة في بعض المناطق التي لا تورث المرأة من حق اليد العرفية في الأوقاف العامة، أما الوقف الذري أو الوقف على ذرية الواقف، فإنه من المقرر ان النساء لا يرثن لأنهن لسن من الذرية (بنونا بنو أبنائنا/ وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد) في حين يذهب فريق من الفقه إلى جواز توريث البنات الصلبيات لان هن من ذرية ابيهن اما اولاد البنت وان نزلوا فلايرثوا لانهم ليسوا من ذرية الواقف، وقد سبق لنا التعليق على مدى جواز توريث النساء في الوقف، وذلك في تعليق مستقل، والله اعلم.*