معنى تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصلت فيه محكمة اول درجة - قي القانون اليمني

*معنى تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصلت فيه محكمة اول درجة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️من خلال مطالعتنا لكثير من الأحكام نجد أن غالبية الطعون أمام محاكم الاستئناف تثار فيها الطلبات التي كانت مطروحة أمام المحكمة الابتدائية التي لم تفصل فيها بمنطوق حكمها، على أساس أن إثارة تلك الطلبات في عريضة الاستئناف من ضمن تطبيقات مبدأ الأثر الناقل للإستئناف أو الاستئناف يعيد طرح النزاع على محكمة الاستئناف، مع أن هذا الفهم يناقض مبدأين هما مبدأ: تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصلت فيه المحكمة الابتدائية، ومبدأ التقاضي على درجتين حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5/11/2014م في الطعن رقم (55742)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أما من حيث الموضوع فإن الدائرة تجد أن الطاعن قد نعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للمادتين (965 و 982) مدني بشأن أحكام العارية والحكم للمطعون ضدهم بفائدة الأرض والقول بأن طلبهم متفق مع روح الشريعة والقانون، والدائرة تجد أن الحكم الاستئنافي المطعون فيه لم يكن موافقاً من حيث النتيجة للقانون لقضائه بتعديل الحكم الابتدائي على النحو الثابت بمنطوقه، وبذلك يكون الحكم الاستئنافي قد خرج عما قضى به الحكم الابتدائي مخالفاً بذلك المادة (288/ب) مرافعات، فكان يجب على الشعبة الاستئنافية ان لاتنظر وتفصل إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الاستئناف فقط وفي حدود ما فصلت فيه محكمة الدرجة الأولى من تلك الوجوه والحالات، حيث ان حكم الدرجة الأولى لم يفصل أو يناقش موضوع (العارية) التي وصلت إليها الشعبة الاستئنافية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف المادة( 288) مرافعات)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: السند القانوني للحكم بوجوب تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة:*
➖➖➖➖➖

*▪️أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادة (288) مرافعات التي نصت على أن: (يطرح الاستئناف القضية المحكوم فيها أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد في الواقع والقانون مع مراعاة الاحكام الأتية: -ب- يجب على محكمة الاستئناف إلا تنظر إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الاستئناف فقط وفي حدود ما فصلت فيه محكمة الدرجة الأولى من تلك الوجوه والحالات)، فهذا النص صريح في أنه يجب على محكمة الاستئناف وهي تنظر في خصومة الاستئناف ان تتقيد بحدود ما فصل فيه الحكم الابتدائي وانه يجب على محكمة الاستئناف أن لاتنظر في طلبات أو حالات أو وجوه لم يفصل فيها الحكم الإبتدائي في منطوقه.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: معنى ما فصل فيه الحكم الابتدائي:*

➖➖➖➖➖

*▪️تثار أمام محكمة أول درجة طلبات عدة من الخصوم، فإذا فصل الحكم الابتدائي في كل الطلبات فإن الاستئناف اذا كان كليا فأنه يعيد طرح جميع الطلبات والحالات التي فصل فيها الحكم الابتدائي إعمالاً لمبدأ الأثر الناقل للإستئناف أو الاستئناف يعيد طرح النزاع أمام محكمة الاستئناف ، أما إذا لم يفصل الحكم الابتدائي في بعض طلبات  الخصوم لأي  سبب  كان، فإذا  لم  يفصل  الحكم الابتدائي في  منطوقه في  بعض الطلبات المثارة أمام المحكمة الابتدائية، ومع  ذلك  قام  المستأنف  باثارتها  في عريضة إستئنافه فإن محكمة الاستئناف في  هذه الحالة تكون متقيدة بعدم النظر في  الطلبات  والوجوه  التي لم يفصل  فيها  الحكم  الابتدائي إعمالاً لمبدأ تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة، وفصل المحكمة الابتدائية في الطلبات محله فقرات منطوق الحكم الابتدائي التي تبين الطلبات التي فصل فيها الحكم الابتدائي، فالحكم والفصل هو المنطوق، وهناك من يذهب إلى أن الفصل قد يرد في أسباب الحكم بالإضافة إلى ما يرد في منطوق الحكم الابتدائي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: مصير الطلبات المثارة أمام محكمة أول درجة التي لم يفصل فيها الحكم الابتدائي:*
➖➖➖➖➖

*▪️سبق القول أن الخصوم يثيروا  في  مرافعاتهم أمام محكمة أول درجة طلبات عدة، وفي بعض الحالات لايفصل الحكم الابتدائي في بعض تلك  الطلبات  حيث  يتجاهل الحكم بعضها ويسهو عن الفصل في بعضها الأخر، أما لأن هذه الطلبات لم تقرع سمع المحكمة ولم يصر عليها المدعي أو الطالب أو ان محكمة أول درجة قد تجاهلتها عمداً أو سهواً، وعندئذ لا يجوز إثارة هذه الطلبات التي لم يفصل فيها الحكم الابتدائي في  عريضة  الاستئناف، فلا يجوز إثارة تلك  الطلبات أمام محكمة الاستئناف عملاً بمبدأ تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة، لأن إثارة هذه الطلبات أمام محكمة الاستئناف ومطالبتها بالفصل فيها يؤدي إلى حرمان الخصوم درجة من درجات التقاضي وذلك محظور لمخالفته لمبدأ التقاضي على درجتين، وهذا المبدأ متعلق بالنظام العام حسبما هو مقرر في قانون المرافعات، فإذا كان من غير الجائز إثارة الطلبات التي لم يفصل فيها الحكم الابتدائي أمام محكمة الاستئناف، للاعتبارات السابق ذكرها إلا أنه يجوز للخصم ان يرجع إلى المحكمة الابتدائية مطالبا بالفصل في الطلبات التي تجاهلتها المحكمة  الإبتدائية ولم تفصل فيها بمنطوق حكمها، لأن المحكمة الابتدائية لم تستنفذ ولايتها بشأن هذه الطلبات التي اهملتها  ولم  تفصل فيها في حكمها السابق.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: التوفيق بين مبدأ تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة ومبدأ الاستئناف يعيد طرح النزاع:*
➖➖➖➖➖

*▪️من المؤكد أنه ليس هناك ثمة تعارض بين المبدأين المشار إليهما، ولكن الخلط بينهما يحدث في اذهان البعض عند إستئناف الحكم الابتدائي، مع أن المبدأين متوافقين، فمبدأ الاستئناف يعيد طرح النزاع يتم إعماله بمراعاة مبدأ تقيد محكمة الاستئناف بحدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة، وذلك يعني ان الطلبات التي سبق إثارتها أمام محكمة أول درجة وفصلت فيها يعاد طرحها أمام محكمة الاستئناف عند  الطعن  فيها  بالاستئناف، لأن محكمة أول درجة قد استنفذت ولايتها بشأن تلك الطلبات التي فصلت فيها، ومن جانب آخر لا يجوز إثارة الطلبات التي كانت أمام محكمة أول درجة ولم تفصل فيها، فلا يجوز إثارتها أمام محكمة الاستئناف واذا تمت  إثارتها، فلايجوز لمحكمة الاستئناف  الفصل  فيها  حتى لايتم  هدر مبدأ التقاضي على درجتين، والله اعلم.*