قاعدة بقاء ما كان على ما كان وإعادة الحال إلى ماكان عليه

*قاعدة بقاء ما كان على ما كان وإعادة الحال إلى ماكان عليه*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه المستعجل ببقاء الحال على ما كان عليه أستند في ذلك إلى قاعدة (بقاء ما كان على ما كان عليه)، وهي قاعدة في أصول الفقه الإسلامي، تجد أساسها المتين في الأدلة الاجمالية المعتمدة لدى علماء الأصول، كما أنها أيضاً قاعدة قانونية نصت عليها المادة (11) من القانون المدني حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-8-2017م في الطعن رقم (59104)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث تبين أن محكمة الاستئناف قد ناقشت ما فصلت فيه محكمة أول درجة بحكم وقتي، ومن له دعوى بالملك فعليه إتباع الطرق العادية لرفع الدعوى، وحيث المعتبر في القانون بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيره فكان قضاء محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي في محله)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الاتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية قاعدة بقاء ما كان على ما كان عليه ومصدرها:*
➖➖➖➖➖

*▪️أصل هذه القاعدة هو دليل (الاستصحاب) في الشريعة الإسلامية باعتباره من الأدلة الاجمالية في الشريعة الإسلامية التي تستنبط منها الأحكام الفقهية الفرعية، ويعني الاستصحاب :الحكم بثبوت أمر أو نفيه في الزمان الحاضر أو المستقبل بناء على ثبوته أو عدمه في الزمان الماضي لعدم قيام الدليل على تغيره فيبقى في الحاضر على ما كان عليه في الماضي، ومن خلال ذلك يظهر أن قاعدة (بقاء ما كان على ما كان) هي قاعدة فقهية مستفادة من دليل الاستصحاب المقرر عند علماء الأصول في الشريعة الإسلامية.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: قاعدة بقاء ما كان على ما كان عليه في القانون:*
➖➖➖➖➖

*▪️لمكانة هذه القاعدة وشرعيتها، ولانها في الأصل قاعدة شرعية ضابطة للتصرفات أو التكاليف فقد نص عليها القانون المدني في بدايته وضمن (القواعد الأصولية والعامة والكلية في تطبيق القانون) حيث جعل القانون المدني هذه القاعدة ضابطة من ضمن ضوابط تطبيق القانون، وفي هذا الشأن نصت المادة (11) على أنه: (والأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت غيره).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: تطبيق قاعدة بقاء ما كان على ما كان عليه في حماية الوضع الظاهر أو إعادة الحال إلى ما كان عليه:*
➖➖➖➖➖

*▪️وردت هذه القاعدة في الحكم محل تعليقنا في سياق الاستدلال على حماية الوضع الظاهر لحائز العقار على أساس أن المادة (240) مرافعات تنص على أنه: ((يعتبر من المسائل المستعجلة في الحالة التي يخشى عليها من فوات الوقت ما يأتي: (7- الطلبات المتعلقة بحماية الوضع الظاهر وإعادة الحال إلى ما كان عليه)، وقد كانت صيغة هذه الفقرة قبل تعديلها عام 2021م كانت: (منع التعرض وإزالة العدوان)، وقد قصد التعديل الأخير في القانون أن يقتصر القضاء المستعجل الوقتي على القضاء ببقاء الوضع الظاهر عند رفع الدعوى أو إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل رفع الدعوى، ويثير تطبيق هذا النص إشكاليات في فهمه وتطبيقه من حيث إعادة الحال إلى ما كانت عليه، لأن ذلك قد يقتضي إزالة الاستحداثات في العقار حتى تعود الحال إلى ما كانت عليه في حين أن الهدف من القضاء المستعجل الوقتي بقاء الحال على ماهي عليه والإزالة تتناقض مع بقاء الوضع الظاهر وحمايته ، إضافة إلى أن المقصود بإعادة الحالة في النص القانوني السابق إلى ما كانت عليه غير محدد المدة حيث لا ضابط للوقت، بمعنى هل الإعادة قبل رفع الدعوى بأيام أم أشهر... إلخ ، ومهما كان الأمر فإن إعادة الحال إلى ما كانت عليه يقتضي أن الإعتداء أو الإستحداث قد كان قبل مدة يسيرة من تاريخ رفع الدعوى المستعجلة ، كما أن ذلك يقتضي أن تكون الحال قد ثبتت في الماضي حتى يحكم ببقائها في الحاضر أو إعادتها إلى ماكانت عليه في الماضي، والله اعلم.*