منع الموثق والأمين من توثيق وتحرير المحررات الخاصة به واقاربه

*منع الموثق والأمين من توثيق وتحرير المحررات الخاصة به واقاربه*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️كان قانون التوثيق السابق قبل تعديلات 2010م كان ينص في المادة (14) على أنه (لا يجوز للموثق أو الأمين أن يحرر محرراً إذا كان هذا المحرر يخصه في حق له أو لقرابة له في الدرجة الأولى أو مصاهرة مباشرة)، وبعد تعديلات 2010 م تم تعديل المادة( 14) السابق ذكرها إلى  مادتين هما  المادة(12 و20)، حيث بينت  المادة( 12) المحررات التي يحظر على  الموثق  توثيقها، فقد نصت  المادة (11) على أنه  ( لا يجوز للموثق أن يحرر أو يوثق محرراً يخصه شخصياً أو يخص من تربطه به صلة قرابة إلى الدرجة الرابعة)*
*اما المادة (20) فقد بينت الحالات التي لا يجوز فيها  للأمين  الشرعي تحرير العقود والتصرفات له  واقاربه ، حيث نصت المادة (20) على أنه (لا يجوز للأمين أن يحرر محرراً إذا كان هذا المحرر يتعلق بحق له أو لزوجه أو أحد فروعه أو أصوله إلا برضا جميع من لهم علاقة بذلك ويستثنى من ذلك عقود الزواج فيجوز للأمين تحريرها إذا كان طرفا العقد أو أحدهما من أصوله أو فروعه)، وقد أشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12-11-2014م في الطعن رقم (55719)، حيث ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي: ((فقد ظهر عدم جدوى تذرع المستأنف بأن البيع من والد المستأنف لما تحكيه بصيرة المستأنف ضده قد ثبت وإن كان كاتب البصيرة الذي شهد بصحتها أخ للمدعي المستأنف ضده فإن الكاتب قريب أيضاً للبائع والد المستأنف، ولأن شاهد البصيرة الذي لا زال على قيد الحياة قد اثبت في شهادته وقوع البيع من والد المستأنف لما تحكي بصيرة المستأنف ضده وفي نطاق حدودها وتأكد ذلك بقبض وثبوت المستأنف ضده للمبيع لسنوات طويلة دون معارضة كما ورد في شهادة الشاهد.... والشاهد.....)) وأمام المحكمة العليا اثار الطاعن في عريضة الطعن بالنقض قرابة الكاتب للبصيرة للمطعون ضده إلا أن المحكمة العليا رفضت الطعن وأقرت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((افاضت الشعبة بما أوردته من الأسباب والحيثيات في مناقشتها للنزاع وادلته ومن قبلها محكمة أول درجة، ولا يعدو الطعن عن كونه مجرد جدل فيما سبق طرحه وتمت مناقشته من قبل الشعبة الاستئنافية)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: انواع المحررات التي يحررها الموثق والأمين:*

➖➖➖➖➖

*▪️وفقاً لقانون التوثيق فإن الأمين يتولى تحرير وإنشاء كل العقود والتصرفات مثل عقود بيع الأراضي والعقارات وعقود الزواج وتحرير وثائق الطلاق والإرجاع والوكالات وعقود الإيجارات...إلخ، اما الموثق فقد  اجاز له قانون  التوثيق  بالإضافة إلى  التوثيق  اجاز له  القانون تحرير العقود والتصرفات، ولذلك نخلص إلى القول بأن الموثق والأمين يحررا كل العقود والتصرفات عدا العقود التي تحدد القوانين الأخرى الجهات المختصة بتحريرها كعقود مناقصات ومزايدات الدولة والعقود الإدارية والعقود النموذجية التي تعدها جهات الدولة المختلفة مثل عقود تأسيس الشركات والمؤسسات والجمعيات والاحزاب والتنظيمات.*
 
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: القرابة المانعة للموثق والامين من  تحرير العقود وتوثيقها  في قانون التوثيق:*
➖➖➖➖➖

*▪️كان قانون التوثيق السابق قبل  تعديلات 2010م ينص في المادة (14) على أنه (لا يجوز للموثق أو الأمين أن يحرر محرراً إذا كان هذا المحرر يخصه في حق له أو لقرابة له في الدرجة الأولى أو مصاهرة مباشرة)، وبعد  تعديلات 2010 م تم  تعديل المادة(14) السابق  ذكرها إلى  مادتين هما  المادة(12 و20)، حيث بينت  المادة(12) المحررات الخاصة ب الموثق واقاربه التي يحظر على  الموثق تحريرها أو  توثيقها ، فقد نصت  المادة (11) على أنه  (لا يجوز للموثق أن يحرر أو يوثق محرراً يخصه شخصياً أو يخص من تربطه به صلة قرابة إلى الدرجة الرابعة).*
*• اما المادة (20) فقد بينت الحالات التي لا يجوز فيها  للأمين  الشرعي تحرير العقود والتصرفات الخاصة به واقربائه ، حيث نصت المادة (20) على  أنه (لا يجوز للأمين أن يحرر محرراً إذا كان هذا المحرر يتعلق بحق له أو لزوجه أو أحد فروعه أو أصوله إلا برضا جميع من لهم علاقة بذلك ويستثنى من ذلك عقود الزواج فيجوز للأمين تحريرها إذا كان طرفا العقد  أو أحدهما من أصوله أو فروعه) ومن خلال  استقراء  النصين السابقين نجد ان القانون حظر على  الموثق تحرير أو توثيق كافة العقود أو التصرفات  الخاصة  به وباقاربه ، فهذا  الحظر  مطلق بالنسبة للموثق بخلاف الحال  بالنسبة للأمين الشرعي  الذي  اجاز له القانون ان يحرر  عقود  الزواج الخاصة به  واقاربه من غير  حاجة لقبول الأطراف الأخرى لان عقود الزواج نموذجية  تتضمن  بيانات  محددة سلفا، كما أن عقد  الزواج يتم  اشهاره  واعلانه  بوسائل  تكفل  عدم  التلاعب  في  هذه  العقود  النموذجية  النمطية، إضافة إلى أن القانون قد  اجاز للأمين  الشرعي  ان  يحرر  كافة العقود الخاصة به أو لزوجه أو أحد فروعه أو أصوله  اذا كان  ذلك برضا جميع من لهم علاقة بذلك-اي الأطراف الأخرى المتعاقدة  مع الأمين أو أقاربه ، ويرجع تشدد القانون بالنسبة للموثق لأهمية وخطورة  المهام  المناطة بالموثق  الذي  يتولى التحقق والتثبت من صحة العقود والتصرفات  ومن  صفات  وشخصيات  المتعاقدين، وعلى  أساس أن  التوثيق  يحيل  المحرر من محرر  عرفي  إلى محرر  رسمي  بخلاف  العقود  والتصرفات  التي  يحررها  الأمين  الشرعي، أما بالنسبة لقرابة الموثق والأمين فقد بينها  القانون المدني حيث عرف القانون المدني القرابة في المــادة (42) التي  نصت على أن (اقارب الشخص هم الذين يجمعهم معه اصل مشترك ويحدد القانون الخاص درجة القرابة)، اما المــادة (43) فقد بينت  المقصود  بالقرابة  المباشرة وغير  المباشرة، حيث  نصت على  أن (القرابة المباشرة هي الصلة بين الاصول والفروع، والقرابة غير المباشرة هي الصلة بين شخصين يجمعهما اصل مشترك دون ان يكون احدهما فرعا للاخر ).*
*وفي  هذا  السياق  بينت المــادة (44) كيفية إحتساب درجات القرابة حيث  نصت  هذه المادة على أن (تحسب صلة القرابة المباشرة على اساس ان كل فرع درجة عند الصعود للاصل بخروج الاصل الذي تحسب القرابة اليه وتحسب درجة القرابة غير المباشرة باعتبار الفرع درجة صعود الى الاصل المشترك ثم نزولا منه الى الفرع الاخر ولا يحسب الاصل المشترك)، ومن خلال استقراء  هذا  النص  يظهر ان أقارب الدرجة الأولى هم: الآباء والأمهات والأجداد والجدات وإن علوا، وان أقارب الدرجة الثانية هم: الأولاد وأولادهم وإن نزلوا، وان أقارب الدرجة الثالثة هم: الإخوة والأخوات الأشقاء أو لأب أو لأم وأولادهم، وان أقارب الدرجة الرابعة هم: الأعمام والعمات وأولادهم والأخوال والخالات وأولادهم،  اما المقصود بقرابة المصاهرة فهي قرابة الزوج مع أهل زوجته، والزوجة مع أهل زوجها، وتكون درجة قرابة المصاهرة كالتالي: أب وأم الزوج، وأب وأم الزوجة.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: اسانيد منع الموثق والأمين من تحرير العقود والتصرفات التي تخصهما أو تخص قرابتهما:*
 
➖➖➖➖➖

*▪️يستند هذا المنع إلى أسانيد عدة منها: تنزيه مهنة الموثق والامين من الشبهات والتهم وسد ذريعة إتهام  الموثق والأمين بالتجاوز عن بعض  الشروط في  العقود والتصرفات وتضمينها بنود  وشروط لصالح  الموثق أو  الامين، لأن الموثق والأمين عندما يقوم بتوثيق أو تحرير العقود والتصرفات التي تخصه أو تخص اقاربه  ربما يقوم بتغليب مصلحته ومصالح اقاربه عند تحريره للعقود والتصرفات، فلا يكتب بالعدل كما امره الله سبحانه وتعالى {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} كما أن  الكاتب  عندما يكتب لنفسه ربما  يقوم باستثناء  نفسه  واقاربه  من  كل  أو بعض  الشروط  القانونية اللازمة  للتوثيق  اوتحرير  العقود، إضافة إلى أن تحرير أو كتابة العقود والتصرفات أو توثيقها هو صنع لدليل لإثبات وقوع العقود والتصرفات، ومن المقرر في  الشرع والقانون أنه لا يجوز للشخص أن يصطنع دليلاً لنفسه، علاوة على أن تحرير الشخص للعقود والتصرفات الخاصة به أو اقاربه يتعارض مع التصور الشرعي لعدالة الكاتب الذي يشترط فيه أن لايكون قريباً أو خصماً باعتباره في مقام الشاهد على العقد أو التصرف، والله اعلم.*