المحكمة التي تنظر المنازعة في تنفيذ حكم التحكيم

*المحكمة التي تنظر المنازعة في تنفيذ حكم التحكيم*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن المحكمة التي تنظر المنازعة في تنفيذ حكم التحكيم هي المحكمة الابتدائية المختصة وليس محكمة الاستئناف،  مع ان  الإختصاص  في  تنفيذ  حكم التحكيم منعقد لمحكمة الاستئناف، حسبما  قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية في  المحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-2-2014م في الطعن رقم (92919)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وبالنظر إلى الحكم المطعون فيه بالنقض ظهر أن الشعبة بعد أن رفع إليها طلب تنفيذ حكم التحكيم وتمت مواجهة الطلب بالإستشكال، قد سارت الشعبة في إجراءاتها على نحو ماهو مشار إليه في صدر هذا الحكم إلى ان أصدرت حكمها المطعون فيه، وظهر ان الشعبة استعملت ماهو مقرر لها في قانون التحكيم الذي جعلها المحكمة المختصة بتنفيذ أحكام التحكيم وليس في ذلك أي حرج قانوني عليها، لكنها بشأن نظرها منازعة التنفيذ لم تطبق القانون  التطبيق الصحيح، حيث ذهبت في نظر طلب التنفيذ والإستشكال على أنه منازعة تنفيذ مباشرة وذلك غير سديد وفقاً للمادة (501) مرافعات المعدلة، لأن التعديل قيد سلطة الشعبة ومنعها من نظر أية منازعة تنفيذية مباشرة بالنسبة للمنازعات المتعلقة بأحكام التحكيم حيث يلزم ان تنظر المنازعات بالتوفيق بين حكم المادة (501) مرافعات والقواعد العامة في القانون، فسلطة محاكم الاستئناف في تنفيذ أحكام التحكيم يلزم أن تقتصر محكمة الاستئناف على تنفيذ أحكام التحكيم التي تسير سيراً طبيعياً دون ان تثار بشأنها أية منازعة تنفيذ مالم فإن عليها لزوماً إستعمال ما قرره لها القانون في الإنابة إلى المحكمة الابتدائية، لأن القانون بتقريره الإنابة لمحكمة الاستئناف في تنفيذ أحكام التحكيم إنما اراد بذلك تنزيهها وابعادها عن الحرج الواقع في التنفيذ، ومن هنا تظهر الغاية من جعل الاختصاص بتنفيذ أحكام التحكيم لمحكمة الاستئناف المختصة كون المفترض في أحكام التحكيم ان تصدر بناء على اختيار طرفي التحكيم حتى في سلطة الفصل في منازعات التحكيم بأن تكون للقضاء الاختياري أي بإختيار أطراف النزاع والتوافق على مخرجاته والتوافق على تنفيذ حكم التحكيم، وفي مقابل ذلك قرر القانون بأن يتم التنفيذ بمعرفة الاستئناف الأمر الذي يكون من شأنه إمتناع المحاكم الابتدائية عن قبول أي منازعة متجردة في قضية تنفيذية تمت بمعرفة محكمة إستئناف، فإذا ما لاحظت أية محكمة استئناف عندما يرفع إليها طلب تنفيذ حكم تحكيم ظهور اللدد من جانب الخصوم  بتقديم  منازعة تنفيذ فإن عليها في هذه ان تستعمل حق الإنابة في  التنفيذ مباشرة حتى دون ان تستدعي المنفذ ضده للحضور لديها، لأن إستعمال حق الإنابة يمنع من الدفع بعدم إختصاص المحكمة الابتدائية بتنفيذ أحكام التحكيم لمجرد عرقلة إجراءات التنفيذ وما يقتضيه ذلك من الحكم في الدفع ثم استئنافه، وحيث أن الحكم المطعون فيه قد خلا من شروطه الأنفة الإشارة إليها فإن الحظر المقرر في حكم المادة (501) تنفيذ معدلة لا يحصنه من الطعن بالنقض، وبالنظر إلى ما قرره الحكم الاستئنافي المطعون فيه فقد تحقق سبب الطعن فيه لمخالفته لأحكام القانون وتعرضه لحجية قضاء حكم التحكيم بحكم ابتدائي صادر عن محكمة إستئناف وهو غير جائز قانوناً وهو ما يلزم صدوره من محكمة ابتدائية أولاً ثم نظره من محكمة الاستئناف)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: إختصاص محكمة الاستئناف بتنفيذ أحكام التحكيم:*
➖➖➖➖➖

*▪️تختص محكمة الاستئناف بتنفيذ حكم التحكيم، حيث تتم إجراءات التنفيذ أمام محكمة الاستئناف ولكن القانون اجاز لها أن تنيب غيرها للنظر في إجراءات تنفيذ حكم التحكيم، وفي هذا الشأن نصت المادة (58) تحكيم على أن: (تختص محكمة الاستئناف أو من تنيبه بتنفيذ أحكام التحكيم)، ومن خلال إستقراء هذا النص نجد أنه مرن حيث اجاز لمحكمة الاستئناف إنابة غيرها، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن محكمة الاستئناف تنظر في طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم ينازع في  التنفيذ المنفذ ضده أي لم يقدم منازعة تنفيذية تستوجب الحكم فيها، أما إذا قدم المنفذ ضده منازعة تنفيذية أمام محكمة الاستئناف عند  نظرها  في  طلب  تنفيذ حكم التحكيم فإنه يجب على محكمة الاستئناف في هذه الحالة أن تنيب المحكمة الابتدائية المختصة بنظر المنازعة التنفيذية والحكم فيها بقرار ابتدائي يكون قابلاً للاستئناف وفقاً لقانون المرافعات، لأنه لا يجوز لمحكمة الاستئناف ان تصدر قرارا ابتدائياً في منازعة التنفيذ التي تعرض عليها عند تنفيذها لحكم التحكيم حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: حق الخصوم في الطعن في القرارات الصادرة في منازعات التنفيذ:*
➖➖➖➖➖

*▪️صرح قانون المرافعات بأحقية الخصوم في الطعن في القرارات الصادرة في منازعات التنفيذ، حيث نصت المادة (501) مرافعات على أنه: (للخصوم الطعن في الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أمام الاستئناف خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم في المنازعة، وعلى محكمة الاستئناف الفصل في الطعن خلال عشرة أيام من تاريخ رفعه إليها، ويعتبر حكمها في المنازعة الوقتية غير قابل للطعن بالنقض، ويجوز للخصوم الطعن في الأحكام الموضوعية الصادرة من محاكم الاستئناف أمام المحكمة العليا وفقاً للقواعد العامة) فهذا النص صريح في احقية الخصوم في إستئناف القرار الصادر في المنازعة التنفيذية، وهذا الحق يسري أيضاً على القرار الصادر في منازعة تنفيذ حكم التحكيم، وهذا يعني أن محكمة الاستئناف إذا قامت بالفصل في المنازعة التنفيذية اثناء تنفيذ حكم التحكيم فأنه يترتب على ذلك حرمان الأطراف من إستئناف قرار الفصل في المنازعة التنفيذية، خاصة وأنه لا يجوز الطعن بالنقض في القرار الصادر في منازعة التنفيذ الوقتية حسبما ورد في المادة (501) مرافعات السابق ذكرها، ولذلك قضى الحكم محل تعليقنا بأنه إذا تم رفع منازعة تنفيذ أمام المحكمة الاستئنافية حين نظرها في طلب تنفيذ حكم التحكيم فأنه يجب عليها في  هذه  الحالة أن تنيب المحكمة الابتدائية المختصة حتى تنظر وتفصل في المنازعة التنفيذية بقرار ابتدائي قابل للطعن بالاستئناف، فهذا المسلك يحقق التوفيق بين نصوص القانون حسبما عبر الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.*