*يد الخلف الخاص على العقار لا تثبت إلا بثبوت يد السلف*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الخلف الخاص (المشتري) لا يستطيع التمسك بثبوت يده على العقار إلا إذا كان السلف البائع له ثابتاً على ذلك العقار قبل بيعه له، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 25-6-2012م في الطعن رقم (45923)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن المعتبر في القانون أن يد الخلف الخاص لا تثبت شرعاً إلا بثبوت يد السلف البائع، وحيث لم يتمكن الطاعن من إثبات يد سلفه بالرغم من طول مدة الخصومة أمام محكمتي الموضوع فأنه من المتعين رفض الطعن وإقرار الحكم الاستئنافي)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: إنتقال الثبوت (الحيازة) من السلف إلى الخلف الخاص:*
➖➖➖➖➖
*▪️بينت ذلك المادة (1110) مدني التي نصت على أن: (تنتقل الحيازة للخلف العام (الوارث) وللخلف الخاص (المشتري ونحوه) بصفاتها إلا أنه يجوز للخلف الذي يجهل أن سلفه كان غير مالك (غاصب) للشيء الذي يحوزه ان يتمسك بأنه مالك إلى ان يثبت العكس)، وكذا اشترطت المادة (471) مدني في المبيع (4- أن يكون في ملك البائع في حال العقد إلا في السلم والصرف وبيع مافي الذمة -7- أن يكون مقدور التسليم) وفي السياق ذاته نصت المادة (1108) مدني على أن: (تنتقل حيازة الملك من شخص إلى آخر بنفس الأسباب التي تنتقل بها الملكية كالميراث والتصرف الناقل للملكية) - ومن خلال إستقراء النصوص القانونية السابق ذكرها يظهر انها تشترط أن يكون البائع (السلف) ثابتاً على المبيع عند بيعه إلى المشتري (الخلف الخاص) حتى ينتقل الثبوت إلى المشتري ، واستناداً إلى النصوص القانونية السابقة فقد اشترط قانون السجل العقاري وقانون التوثيق والأدلة والأنظمة التنفيذية لهما اشترطت أن يكون المتصرف بالعقار تصرفاً ناقلاً للملكية أن يكون ثابتاً على العقار الذي يتصرف فيه إلى الغير (الخلف الخاص)، وقد اشترط الفقه الإسلامي أيضاً أن يكون البائع حائزاً للعين عند تصرفه فيها إلى الخلف، فقد عبر الفقهاء عن ذلك بشرط أن تكون العين المبيعة مقدورة التسليم، لأن العين إذا لم تكن تحت يد السلف فأنه لن يقدر على تسليمها الى الخلف (فقه المعاملات المالية، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص134)، وبناء على ما تقدم فإن الثبوت لا ينتقل إلى الخلف الخاص من السلف الا اذا كان السلف ثابتا على العين المبيعة قبل بيعها، فإذا لم يتحقق الثبوت للسلف أصلاً فلا وجود له حتى يقال بإنتقاله إلى الخلف حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: بيع العقار المغصوب الذي ليس بحوزة مالكه:*
➖➖➖➖➖
*▪️اختلف الفقه الإسلامي في هذه المسألة إختلافاً متشعباً خلاصته أن بعض الفقهاء اجازوا بيع العقار المغصوب من غاصبه الذي بحوزته العقار ، لأن العقار المغصوب في حيازة الغاصب لا يحتاج إلى تسليم، والفقهاء الذين ذهبوا إلى جواز بيع العقار من غاصبه اجازوا ذلك قضاءً أما ديانة فإن الغاصب المشتري آثم، لأنه قد تملك العقار المغصوب من غير طيب نفس المالك، وكذا اجاز بعض الفقهاء بيع العقار المغصوب من غير غاصبه إذا القصد من ذلك إخلاء العين من يد الغاصب، لأن ذلك من قبيل النهي عن المنكر وهو الغصب، وذلك في حالة إذا كان السلطان (ضعيفاً) غير قادر على الأخذ على ايدي الغاصبين واجبارهم على رد الأموال المغصوبة ، أما القانون المدني وقانون التوثيق وقانون السجل العقاري والأنظمة والأدلة والتعميمات الصادرة تنفيذاً لها فأنها تصرح بعدم جواز بيع العقار المغصوب سواء للغاصب نفسه أو لغيره، نظراً للإشكاليات الخطيرة التي ترتب على قيام المشتري بنزع يد الغاصب بالقوة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الطرق القانونية لإسترداد المالك (السلف) للحيازة قبل تصرفه إلى الغير (الخلف):*
➖➖➖➖➖
*▪️سبق القول بأن القوانين النافذة لا تسمح للمالك بالبيع أو التصرف في عقاره المغصوب، وسبق لنا ان قمنا بالتعليق على حكم بشأن طرق إسترداد المالك لعقاره المغصوب الذي ليس في حيازته، منها الدعاوى المستعجلة إذا تحققت شروطها وكذا الدعاوى الموضوعية، فهذه الطرق هي الطرق الجائزة قانوناً، أما تصرف المالك في عقاره المغصوب فأن القانون يمنع ذلك حسبما ورد في النصوص السابقة، والله اعلم.*