حجز القضية للحكم مع إعتراض الخصوم

*حجز القضية للحكم مع إعتراض الخصوم*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*


➖➖➖➖➖

*▪️اجازت المادة (172) مرافعات للقاضي ان يحجز القضية للحكم إذا رأى أن ما قدمه الخصوم من أدلة كافٍ لإصدار الحكم في الدعوى على الرغم من معارضة الخصوم لقرار الحجز، وقد اشترط ذلك النص على المحكمة في هذه الحالة ان تبين في حكمها الأسباب التي جعلتها تقرر حجز القضية للحكم رغم معارضة الخصوم، وقد تناول هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-5-2015م في الطعن رقم (56931)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أما قول الطاعن أن محكمة الاستئناف قد قررت حجز القضية للحكم فيها متجاهلة إعتراضه على ذلك لأنه لا زالت لديه أدلة نفي، حيث حجزت المحكمة القضية للحكم بعد ان انتهت من حجزها للإطلاع مباشرة، فالدائرة تجد أن ذلك في إطار السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، فالمادة (172) مرافعات قد اشارت إلى ذلك بقولها إذا كان إعتراض الخصوم غير ذي جدوى)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: سند الحكم محل تعليقنا في جواز حجز القضية رغم معارضة الخصم:*
➖➖➖➖➖

*▪️أستند الحكم في قضائه إلى المادة (172) مرافعات التي نصت على أنه: (يجوز للمحكمة أن تقرر قفل باب المرافعة في الخصومة وتحجزها للحكم في نفس الجلسة في الحالتين التاليتين: - 1- إذا اتفق الخصوم على ذلك ووقعوا على محضر الجلسة بما يفيد الاتفاق. -2- إذا رأت المحكمة أن ما قدم من أدلة كافٍ لإصدار الحكم في الدعوى وان اعتراض الخصوم غير ذي جدوى، وعليها أن تبين في حكمها الأسباب التي دعتها إلى تقرير ذلك رغم معارضة الخصوم أو أحدهم وتسلم لكل من الخصوم صورة من محضر الجلسات بناءً على طلب الخصم)، وهذا النص صريح في جواز حجز المحكمة القضية للحكم فيها في الجلسة ذاتها رغم معارضة الخصوم لذلك، شريطة أن تكون هذه المعارضة غير ذات جدوى، وان تذكر المحكمة في حكمها أسباب حجزها للحكم والنطق بالحكم في الجلسة ذاتها رغم اعتراض الخصوم، وشريطة أن تكون الادلة التي سبق للخصوم تقديمها للمحكمة كافية لإقامة الحكم، ويثير هذا النص انتقادات واسعة من بعض الباحثين والمحامين الذين ذهبوا إلى أن هذا النص قد فتح الباب واسعا أمام بعض القضاة لحجز القضية والحكم فيها في الجلسة ذاتها من غير مداولة حقيقية وبصورة مفاجأة للخصوم من غير ان يكون الخصوم قد استكملوا مالديهم من أدلة أو طلبات.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: وجوب تضمين الحكم أسباب حجز القضية رغم إعتراض الخصوم:*
➖➖➖➖➖

*▪️المادة (172) مرافعات التي اجازت للمحكمة حجز القضية للحكم رغم إعتراض الخصوم صرحت في الوقت ذاته على أنه: يجب على المحكمة في هذه الحالة أن تذكر في حكمها أسباب حجزها للقضية للحكم رغم إعتراض الخصوم على قرار الحجز، وبيان المحكمة لأسباب ذلك ضمانة للخصوم وللعدالة حتى تخضع أسباب قرار الحجز رغم الإعتراض لرقابة محكمة الطعن للتأكد من وجاهة أسباب الحجز في هذه الحالة ، وتتضمن أسباب حجز القضية رغم إعتراض الخصوم في العادة العبارات الآتية: القول: أنه تأكد للمحكمة صلاحية القضية للحكم فيها وان الادلة  التي سبق للخصوم تقديمها كافية لإقامة الحكم، أو القول: ان المحكمة قد عقدت جلسات عدة اتاحت فيها للخصوم تقديم ما لديهم وأنه من خلال الجلسات الأخيرة اتضح للمحكمة ان ما يقدمه الخصوم ماهو إلا تكرار لما سبق لهم أن قدموه،أو القول: ان الجلسات السابقة لقرار الحجز لم يقدم الخصوم خلالها أي جديد، أو القول: ان القصد من رفض الخصوم لقرار الحجز هو إطالة إجراءات التقاضي من غير موجب لذلك، وينبغي على محكمة الموضوع العناية بصياغة أسباب حجزها للقضية للحكم رغم إعتراض الخصوم  حتى لا يكون حكمها عرضة للطعن فيه بحجة إستعجال المحكمة في حجز القضية بالحكم وعدم الاستجابة لطلبات الخصوم بتقديم ما تبقى لديهم من أدلة أو غيرها ، فعدم تمكين الخصوم من تقديم ما لديهم يخل بحق الدفاع المكفول في الدستور والقانون، ونخلص من هذا الوجه إلى القول بأن تسبيب  المحكمة حجز القضية رغم إعتراض الخصوم  والنطق بالحكم في الجلسة من أهم الضمانات المقررة لترشيد قرار المحكمة في هذا الشأن، حتى ينزه قرار الحجز من  أو النطق بالحكم في الجلسة ينزه من الهوى والتعسف ، وحتى لا تكون السلطة التقديرية للمحكمة في هذا الشأن من غير ضابط أو رقيب، وحتى يمكن تلافي الانتقادات التي توجه للتطبيقات القضائية لحق المحكمة في حجز القضية رغم إعتراض الخصوم والنطق بالحكم في الجلسة من تدبر وتبصر وتأمل.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الإعتبارات التي جعلت القانون يجيز للمحكمة حجز القضية رغم إعتراض الخصوم:*

➖➖➖➖➖

*▪️من خلال إستقراء نص الفقرة (2) من المادة (172) مرافعات السابق ذكرها نجد أنها منحت محكمة الموضوع السلطة التقديرية في حجز القضية للحكم إذا كانت صالحة للحكم والنطق بها في الجلسة رغم إعتراض الخصوم إذا كان اعتراضهم غير ذي جدوى شريطة أن تذكر في حكمها الأسباب التي دعتها لحجز القضية والنطق بالحكم وفي الجلسة رغم معارضة الخصوم، ولا شك أن هناك اعتبارات عدة جعلت القانون يمنح المحكمة السلطة التقديرية في ذلك من اهمها ان كثيراً من الخصوم لا يريدوا أو يقبلوا أن تفصل المحكمة في القضية، فيود هؤلاء أن تظل القضية تراوح ومكانها من أن تحجز للحكم فيها ، فلو كان يترتب على اعتراض الخصوم منع المحكمة من حجز للقضية لما تم الفصل في أية قضية.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: السلطة التقديرية المقيدة للمحكمة في حجز القضية رغم إعتراض الخصوم:*
➖➖➖➖➖

*▪️من خلال إستقراء الفقرة (2) من المادة (172) مرافعات السابق ذكرها نجد أنها قد منحت المحكمة السلطة التقديرية في هذا الشأن، ولكن  تلك المادة اوردت على هذه السلطة بعض القيود التي تهدف إلى ترشيد قرار المحكمة في هذا الشأن، وهذه القيود هي وجوب ذكر أسباب حجز القضية رغم إعتراض الخصوم حسبما سبق بيانه، ومن القيود أيضاً إذا كان الإعتراض غير ذي جدوى كأن يعترض الخصم على حجز القضية بعد أن طلب من خصمه اليمين الحاسمة فحلف وعندما تقرر المحكمة حجز القضية يعترض طالباً من المحكمة تمكينه من تقديم وثيقة متعلقة بالواقعة التي حسمت باليمين الحاسمة أو يعترض الخصم على قرار الحجز على أساس أن هناك وثيقة لم يتم عرضها أو إحالتها إلى الإدارة العامة للأدلة الجنائية لبيان الرأي الفني عن سلامة التوقيع الوارد في ذيلها مع أن الدعوى قد ثبتت بأدلة كافية تغني عن الوثيقة المدعى بتزويرها، كما اشترطت الفقرة (2) من المادة (172) مرافعات السابق ذكرها اشترطت أن تكون الأدلة التي سبق للخصوم تقديمها إلى المحكمة كافية لإصدار الحكم أي كافية بحد ذاتها لإقامة الحكم عليها حتى لو كانت الأدلة التي يدعي المعترض أنه لم يقدمها قد تم تقديمها ونظرتها المحكمة فإن هذه الأدلة لا تفيد ولاتجدي في  تغيير وجهة الحكم لكفاية وقوة الأدلة  الموجودة التي سبق للخصوم تقديمها إلى المحكمة، والله اعلم.*