لا شفعة بعد القسمة - في القانون اليمني

*لا شفعة بعد القسمة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️التركة والشركة تؤديان إلى الخلطة والشيوع بين الورثة أو الشركاء، والخلطة في الأموال أو الطريق أو الشرب ذريعة لبغيان الورثة أو الشركاء بعضهم على بعض، ولذلك جعلت الشريعة وكذا القانون الخلطة في أصل العين أو الطريق إليها أو الشرب من أسباب الشفعة دفعاً لمضار الخلطة والإشتراك بين الورثة ولمنع بغيان بعضهم على بعض، ولكن بعد ان تتم القسمة بين الورثة أو الشركاء ويتم فرز وتعيين الأنصبة لكل شريك أو وارث ويزول الشيوع والخلطة، فلا مجال للإدعاء بالشفعة لإنعدام سببها وهو الخلطة حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-1-2014م في الطعن رقم (52736)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين للدائرة أن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه مخالفته لأحكام الشرع والقانون وبطلان أسبابه لمخالفته للنصوص والأدلة والبراهين المقدمة منها إلى محكمتي الموضوع، والدائرة: من خلال ماجاء في حكم محكمة أول درجة الذي أيدته محكمة الاستئناف بحكمها المطعون فيه فقد تبين للدائرة أن القسمة تمت بين المدعية واخوتها وبقية الورثة، وان بعض الورثة قد تصرف بجزء من نصيبه، وان الشراكة والخلطة قد انتهت بانتهاء القسمة، ولذلك فقد انعدم سبب الشفعة، وقد كان المطعون ضدهما قد ابرزا أمام محكمتي الموضوع الفصول التي حددت ما تعين لكل واحد من الورثة، وأنه قد تم تحرير فصل لكل واحد منهم بما تعين له)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الحكمة من تقرير الشفعة:*
➖➖➖➖➖

*▪️الحكمة من ذلك هو دفع مضار واضرار الخلطة والشراكة بين الخلطاء والشركاء الذين يبغوا في الغالب بعضهم على بعض، قال تعالى {..وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ...}[سورة ص آية (24)]، فقد ابانت هذه الآية الكريمة ان الشفعة شرعت لدفع مضار الخلطة بين الخلطاء في الأموال حسبما هو ظاهر في سياق الآية؛ وبناءً على ذلك فإن الورثة أو الشركاء قبل القسمة أو تصفية الشراكة يخالطوا بعضهم بعضاً في الأموال فتلحقهم اضرار الخلطة، أما بعد القسمة فتزول الخلطة ويزول معها سبب الشفعة، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: القسمة انهاء للخلطة بين الورثة:*
➖➖➖➖➖

*▪️تتم إجراءات القسمة للتركة عن طريق حصر أموال التركة أو الشركة وتوزيعها وفقا لإجراءات محددة بحسب الفرائض والانصبة الشرعية أوبحسب مقدارمساهمات أو حصص الشركاء، وبعد ذلك يتم تحرير الفصول أو الفروز التي تميز وتعين نصيب كل وارث أو شريك في وثيقة مستقلة تسمى (الفصل – أو الفرز)، كما يتم تعيين وتمييز نصيب كل وارث على حدة عن طريق وضع العلامات التي تميز ما آل إلى كل وارث أو شريك ، وبناء على ذلك فإن القسمة تكون بمثابة انهاء وتصفية للخلطة والشيوع والشراكة التي هي سبب الشفعة، وبعد تمام القسمة وتحديد وتعيين نصيب كل وارث على الواقع ينعدم سبب الشفعة وهو الخلطة، ولذا قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا شفعة بعد قسمة لانتهاء سببها.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: لا شفعة بعد قسمة لإنعدام سبب الشفعة وفقاً للقانون المدني:*
➖➖➖➖➖

*▪️أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادة (1260) مدني التي نصت على أنه: (يشترط لصحة الشفعة ما يأتي: 2- أن تكون في عقد صحيح فلا تصح في عقد باطل ولا تصح بميراث أو إقرار أو قسمة أو وصية أو هبة بغير عوض)، حيث صرحت هذه المادة بأنه: لا تصح الشفعة في قسمة أي عقد باطل بعد تمام القسمة فلا تصح الشفعة بين المتقاسمين إذا تعين وتميز نصيب كل مقاسم، والله اعلم.*