*عدم كتابة السؤال الموجه للشاهد في المحضر*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بوجوب كتابة السؤال الموجه للشاهد في محضر جلسة المحكمة التي تم فيها الإستماع لأقوال الشاهد حتى تتمكن المحكمة العليا من بسط رقابتها على سلامة الإستماع للشهادة وعلى تطابق إجابة الشاهد مع السؤال الموجه له ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-12-2013م في الطعن رقم (53484)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((كما أن الدائرة تود أن تنبه الشعبة إلى أنه من خلال إطلاعها على محضر جلسة الشعبة بتاريخ....... عند إستماع الشعبة لشهادة الشاهد.......، فبعد انتهاء الشعبة من الاستماع لأدلاء الشاهد بشهادته اثبتت الشعبة إجابة الشاهد في محضر الجلسة دون تدوين الأسئلة، حيث اكتفت الشعبة بالقول: حيث سأل...... الشاهد فأجاب أنه قد حضر......إلخ، حيث قامت الشعبة بتدوين ما جاء في اجابته في المحضر دون أن تقوم الشعبة بتدوين السؤال الذي تم توجيهه للشاهد، وهو ما تم أيضاً مع الشاهد......، الأمر الذي يتعذر على المحكمة العليا مراقبة سير الإجراءات وفحوى الردود على الاسئلة التي وجهت للشهود)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: سؤال الشاهد في قانون الإثبات:*
➖➖➖➖➖
*▪️تنص المادة (70) إثبات على أن: (يكون توجيه الاسئلة إلى الشاهد من رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب، ويجيب الشاهد أولاً عن اسئلة المحكمة ثم اسئلة الخصم الذي استشهد به، ثم عن اسئلة الخصم الآخر، ولا يجوز لأحد الخصوم أن يقطع كلام الآخر أو كلام الشاهد وقت اداء الشهادة، ويجوز للمحكمة أو لأي عضو من اعضائها عن طريق رئيس المحكمة أن توجه للشاهد ما تراه من اسئلة لكشف الحقيقة)، أما بشأن تسجيل الشهادة في المحضر فقد نصت المادة (73) إثبات على أن: (تسجل شهادة الشاهد في المحضر ثم تتلى على الشاهد ويوقعها بعد تصحيح ما يرى لزوم تصحيحه فيها وإذا امتنع عن التوقيع سجل ذلك وسببه في المحضر) وبشأن تسجيل الاسئلة الموجهة إلى الشاهد في محضر الجلسة، فقد نصت المادة (76) إثبات على أن: (يشتمل محضر التحقيق الذي يحرره الكاتب ويوقعه مع رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب على البيانات الأتية: -هـ- الاسئلة الموجهة إلى الشهود ومن تولى توجيهها وما نشأ عن ذلك من المسائل العارضة ونص شهادة الشاهد عن كل سؤال)، ومن خلال ما تقدم نخلص إلى أن القانون قد أوجب تدوين السؤال الموجه إلى الشاهد في محضر جلسة المحاكمة التي تم فيها الإستماع إلى شهادة الشاهد.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: أهمية الاسئلة الموجهة للشاهد في كشف الحقيقة:*
➖➖➖➖➖
*▪️صرحت المادة (70) إثبات السابق ذكرها بأن الغرض من سؤال الشاهد هو كشف الحقيقة كما شاهدها الشاهد، فالشاهد حينما يشهد يتكلم عن الأحداث والوقائع التي يرى أنه من الضروري أن يقولها، فلا يدلي بأقواله عن كل مشاهداته أو ماشاهده، ولذلك فإن الهدف من الاسئلة مناقشة الشاهد في تفاصيل ما شاهده أو طلب الشاهد بأن يشرح بعض التفاصيل عما شاهده الشاهد ، فكثيرا ماترد في شهادة الشاهد عبارات مجملة أو غامضة تحتاج إلى زيادة بيان أو إيضاح، ويتم ذلك طريق توجيه الأسئلة المناسبة للشاهد، كما قد تتجه الاسئلة إلى الشاهد لبيان علاقاته بالمشهود لهم والمشهود عليهم ومناسبة وجوده في مكان الواقعة المشهود عليها..إلخ ، فالأسئلة الموجهة إلى الشاهد لا يمكن حصر وجوهها، حيث تتجه إلى تفاصيل أخرى غير الواقعة المشهود عليها مثل سؤال الشاهد عن مستواه التعليمي، ونخلص من هذا الوجه إلى أن صيغ الأسئلة الموجهة إلى الشاهد ليست محصورة أو محددة وإنما تختلف بإختلاف الشهود والوقائع التي شهدوا عليها، وبحسب فطنة القاضي والخصوم المشهود لهم والمشهود عليهم الذين يستهدفون بأسئلتهم بيان تفاصيل الشهادة وكشف الحقيقة، غير أنه ينبغي ان تكون ذات صلة بالواقعة المشهود عليها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: أهمية ذكر السؤال الموجهة للشهادة في محضر الجلسة:*
➖➖➖➖➖
*▪️للوقوف على حقيقة إجابة الشاهد ومراميها وتفاصيلها يجب ان يذكر في محضر جلسة الإستماع السؤال الموجه للشاهد قرين إجابته على السؤال، ولذلك استخلص الفقه الإسلامي قاعدة (السؤال معاد في الجواب) التي تعني أنه: إذا ورد جواب بإحدى ادواته: نعم، بلى، أجل، بعد سؤال مفصل، فيعتبر الجواب مشتملاً على مضمون السؤال، لأن مدلولات هذه الأدوات تعتمد على ما قبلها من تفصيل، كما أن الجواب غير مستقل بنفسه عن السؤال في الإفادة (شرح مجلة الأحكام العدلية، علي حيدر، 2/152)، ولذلك يتعذر في حالات كثيرة فهم إجابة الشاهد من غير الوقوف على صيغة السؤال الموجه للشاهد.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: ذكر صيغة السؤال في محضر الجلسة ورقابة المحكمة العليا*
➖➖➖➖➖
*▪️صرح الحكم محل تعليقنا بأنه من الضروري ذكر صيغة السؤال الموجه للشاهد في محضر جلسة الإستماع إلى الشهادة كي تبسط المحكمة العليا رقابتها على إحترام النصوص القانونية، فعدم ذكر صيغة السؤال الموجه للشاهد يحوّل دون قيام المحكمة العليا ببسط رقابتها، لأن المحكمة العليا لا تستطيع تقييم فحوى شهادة الشاهد بمعزل عن السؤال الموجه للشاهد، سيما أن بعض الاسئلة الموجهة إلى الشهود تستهدف توجيه الشاهد إلى الوجهة التي يريدها السائل التي لا علاقة لها بالحقيقة، والله اعلم.*