*يتحقق الإشتراك في المرافعة بالنسبة للقاضي المعين حديثا في هيئة حكم بحضوره الجلسة أو الجلسات الاخيرة*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يتحقق الإشتراك في المرافعة بالنسبة للقاضي الواحد المعين حديثاً إذا حضر الجلسة أو الجلسات الأخيرة، فلا يشترط لتحقق اشتراك هذا القاضي المعين حديثا ضمن هيئة الحكم ان يكون قد حضر جميع جلسات المحاكمة السابقة ، فإذا تم تعيين القاضي في هيئة حكم اثناء نظر الهيئة للقضية فإن اشتراكه في المرافعة يتحقق من تاريخ حضوره ومشاركته في حلسات الهيئة طالما ان القضية لم يتم حجزها للحكم ، وفي السياق ذاته قضي الحكم محل تعليقنا بأنه لا يشترط ان يصادق الخصوم على إجراءات المحاكمة السابقة في حالة تعيين القاضي الواحد ضمن هيئة الحكم اثناء نظر الهيئة القضية مادام ان غالبية هيئة الحكم قد استمعت للمرافعة في الجلسات السابقة، ومادام ان القضية لم يتم حجزها للحكم بعد، حسبما ورد في قضاء الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24-10-2018م في الطعن رقم (60266)، الذي ورد ضمن أسبابه: (فقد وجدت الدائرة ان ما نعى به الطاعن في عريضة طعنه من بطلان الحكم المطعون فيه، لان احد قضاة الشعبة شارك في إصدار الحكم في حين أنه لم يستمع إلى إجراءات المرافعة وإنما شارك فقط في جلسة حجز القضية للحكم وجلسة النطق بالحكم، كما أنه لم يتم إملاء الإجراءات السابقة للمصادقة عليها، والدائرة تجد أن هذا النعي غير سديد، لان هيئة الحكم مشكلة من ثلاثة قضاة منهم القاضي الذي تعين حديثاً وشارك في نظر القضية طالما انه قد حضر جلسات المرافعة ولو كانت جلسة حجز القضية للحكم وجلسة النطق بالحكم، فذلك كافٍ للإشتراك في المرافعة وإصدار الحكم بإعتباره عضواً ضمن هيئة حكم، كما ان اغلبية هيئة الحكم لم تتغير بما فيهم رئيس الشعبة، وكذلك لا حاجة لإملاء الإجراءات التي تمت في القضية على الخصوم للمصادقة عليها لمجرد ان عضواً تعين بدلاً عن آخر في هيئة الحكم، مما يجعل الطعن غير منتج)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: إشتراط الإقتران بين الإشتراك في المرافعة والإشتراك في المداولة:*
➖➖➖➖➖
*▪️اشترط قانون المرافعات ان لا يشترك في المداولة إلا القضاة الذين سمعوا المرافعة، وهذا يعني انه لا يجوز للقاضي ان يشترك في المداولة السابقة لإعداد مسوّدة الحكم والنطق بالحكم إلا إذا كان القاضي قد سمع المرافعة، وسماع المرافعة لا يتحقق إلا إذا كان القاضي قد حضر جلسات المحاكمة واستمع إلى مرافعات الخصوم، وفي هذا المعنى نصت المادة (222) مرافعات على أنه: (بعد ان تحجز المحكمة القضية للحكم تتناولها بالبحث والمداولة، وتكون المداولة في الأحكام سراً بين القضاة مجتمعين ولا يجوز ان يشترك فيها غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً، ولا يجوز للقضاة افشاء سر المداولة) وقد فهم الطاعن في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا فهم الطاعن أنه يجب على القاضي الواحد المعين حديثا ضمن هيئة حكم ان يستمع إلى كل إجراءات المحاكمة أي ان يحضر كل جلسات المحاكمة حتى يتحقق الشرط الوارد في المادة (222) مرافعات السابق ذكرها، ولهذه الغاية ينبغي أن تعاد كافة إجراءات المحاكمة السابقة أمام الخصوم للمصادقة عليها أمام القاضي المعين حديثا حتى يتحقق شرط استماع القاضي المعين حديثا للمرافعة ، في حين قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يكفي ان يحضر العضو المعين حديثا ضمن هيئة الحكم بعض جلسات المحاكمة حتى لو كانت جلسة حجز القضية للحكم وجلسة النطق بالحكم، حيث يتحقق في هذه الحالة شرط الاستماع إلى المرافعة طالما ان هذا القاضي ضمن هيئة حكم مكونة من ثلاثة قضاة قد سبق لهم باعتبارهم الاغلبية الإشتراك في كل إجراءات المحاكمة وطالما ان الحكم سوف يصدر بأغلبية القضاة حسبما نصت عليه المادة (226) مرافعات حسبما ورد في أسباب الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: إذا تغير أحد اعضاء هيئة الحكم فقط فلا حاجة لإملاء كافة إجراءات المحاكمة السابقة على الخصوم:*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا حاجة لإملاء إجراءات المحاكمة السابقة على الخصوم للمصادقة عليها أمام القاضي الواحد المعين حديثا في هيئة الحكم طالما ان التغيير في هيئة الحكم كان قاصراً على أحد اعضائها فقط، لان غالبية هيئة الحكم في هذه الحالة يحق لهم اصدار الحكم بالاغلبية وفقا للقانون ، لان القانون اشترط بأن تصدر الأحكام بأغلبية القضاة اعضاء الهيئة ، وبناءً على ذلك لا يلزم في حالة تعدد اعضاء هيئة الحكم إذا تغير أحد اعضاء الهيئة ان تتم إعادة إملاء أو تلاوة إجراءات المحاكمة السابقة على الخصوم للمصادقة عليها أمام العضو المعين حديثا ، لان غالبية اعضاء هيئة الحكم قد سمعوا المرافعة قبل تعيين العضو الجديد حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الحكمة من إقتران سماع المرافعة بالمشاركة في المداولة في الحكم:*
➖➖➖➖➖
*▪️تظهر هذه الحكمة في مظاهر شتى، من ذلك ان سماع اعضاء هيئة الحكم جميعهم للمرافعة ضمانة من أهم ضمانات المحاكمة العادلة ، حيث تختلف مدارك القضاة واسماعهم وافهامهم عند سماعهم للمرافعة، فتتوفر لديهم جميعا الإحاطة التامة بجوانب القضية كاملة، ومن خلال ذلك يتمكن القضاة اعضاء الهيئة من الإحاطة والفهم بكافة تفاصيل القضية كل عضو بحسب فهمه واحاطته وعلمه، ولذلك تتم المداولة بين القضاة لتحقيق الإحاطة والفهم المشترك لاعضاء هيئة الحكم، فيتم تداول أراء القضاة اعضاء هيئة الحكم وبحثها ومناقشتها بين القضاة اعضاء الهيئة للوصول لتحرير مسودة الحكم التي تكون بمثابة صيغة واحدة مشتركة لاراء اعضاء هيئة الحكم تحسمها الاغلبية عند اختلاف اعضاء الهيئة ، حيث تمثل مسودة الحكم التي تتم صياغتها بعد المداولة الفهم المشترك لاعضاء هيئة الحكم، ولذلك تكون المداولة سرية حتى يدلي اعضاء هيئة الحكم بارائهم اثناء المداولة بحرية تامة، فالمداولة ضمانة مهمة لمنع القضاة المتعددين من الحكم بالهوى أو انفراد أحدهم بالحكم، لان كل قاضي ضمن الهيئة يدرك جيداً اثناء المداولة ان القضاة الآخرين قد سمعوا المرافعة وعرفوا الحقيقة واحاطوا بفهم القضية . (نظرية الأحكام، استاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور احمد ابو الوفاء، ص740 )، والله اعلم.*