*فسخ الزواج للعجز الجنسي*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️حدد الفقهاء أوجه العجز الجنسي للرجل كالعنة: (عدم القدرة على الانتصاب) والسل:(نزع الذكر) والجب: (قطع الذكر) والخصي، وبين الفقهاء بحسب العصور التي عاشوا فيها بينوا طرق إثبات مظاهر العجز الجنسي للزوج، وقد سلك قانون الأحوال الشخصية اليمني مسلك الفقهاء غير أن القانون صرح بأن إثبات العجز الجنسي يتم عن طريق الوسائل الطبية، وقد توصل الحكم محل تعليقنا إلى إثبات عجز الزوج عن طريق الفحص الطبي للزوجة الذي اثبت انها عذراء مع انها قد مكثت مع زوجها أكثر من سنة وأربعة أشهر بحسب شهادات الشهود حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، وهو الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 8-9-2013م في الطعن رقم (52843)، حيث ورد في أسباب الحكم الاستئنافي: ((أنه تبين من خلال شهادة الشهود أمام محكمة أول درجة ومن خلال ما تضمنته الدعوى الأصلية أن المستأنفة مكثت فترة من الزمن في بيت الزوج ولم يدخل بها وما زالت بكراً والزوج معترف بذلك، فعدم القدرة على الدخول يعتبر عبياً في الزوج، ويحق للزوجة طلب الفسخ وحيث أن المستأنفة طلبت الفسخ لهذا السبب أمام محكمة أول درجة وثاني درجة، وحيث أن طلبها مشروع موافق للشرع والقانون، وبما أن المهر المسمى هو خمسمائة ألف ريالاً، ولأن العيب من الزوج فإن المرأة ملزمة بإعادة نصفه وفقاً للمادة (36) من قانون الأحوال الشخصية)) وقد أيدت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي حيث ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((أما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة ما اثاره الطاعن من أسباب في عريضة الطعن والرد عليها بالنقيض وأطلعت على الحكم الاستئنافي فظهر لها جلياً أن تلك الأسباب تتعلق بموضوع النزاع ولا تتوافق مع الحالات المنصوص عليها بالمادة (292) مرافعات وتمت مناقشتها من قبل المحكمة الاستئنافية وتوصلت المحكمة الاستئنافية في حكمها إلى نتيجة صحيحة موافقة لقواعد الشرع والقانون وعللت حكمها بما فيه الكفاية ولا تاثير للأسباب الواردة في عريضة الطعن مما يستوجب معه رفض الطعن موضوعاً)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الفسخ للعجز الجنسي يندرج ضمن الفسخ للعيب في الزوج:*
➖➖➖➖➖
*▪️أشار الحكم محل تعليقنا بأن العجز الجنسي عيب في الزوج ينطبق عليه الفسخ للعيب المقرر في المادة (47) أحوال شخصية التي نصت على أنه: (لكل من الزوجين طلب الفسخ إذا وجد بزوجه عيباً منفراً سواء كان العيب قائماً قبل العقد أو طرأ بعده، ويعتبر عيباً في الزوجين معاً الجنون والجذام والبرص ويعتبر عيباً في الزوجة القرن والرتق والعفل ويعتبر عيباً في الزوج الخصي والجب والسل، ويسقط الحق في طلب الفسخ بالرضاء بالعيب صراحة أو ضمناً إلا في الجنون والجذام والبرص وغيرها من الأمراض المعدية المستعصي علاجها فأنه يتجدد الخيار فيها وان سبق الرضا، ويثبت العيب أما بالإقرار ممن هو موجود به أو بتقرير من طبيب مختص)، وعند تطبيق هذا النص على الحكم محل تعليقنا نجد أنه لم يحدد نوع العيب الذي كان يعاني منه الزوج الذي جعله عاجزاً عن الإيلاج، ولا تثريب على الحكم في ذلك، لأن أثر العجز كان ثابتاً عن طريق التقرير الطبي الصادر من المستشفى المختص الذي أكد أن الزوجة مازالت بكراً، كما أن الشهود قد شهدوا أن الزوجة كانت مع الزوج في وئام واتفاق مع غير مانع أو حائل لمدة تزيد على سنة وأربعة أشهر، ومن خلال ذلك توصل الحكم محل تعليقنا إلى ثبوت عجز الزوج جنسياً بصرف النظر عن تحديد سبب العجز، فالعبرة بثبوت العجز واستحكام علاجه حسبما هو مقرر في الفقه الإسلامي الذي حدد مدة سنة كضابط لاستحكام العيب عن العلاج، فإذا لم يفلح العلاج خلال السنة وظل الزوج عاجزاً عن الإيلاج فقد استحكم علاجه، وعندئذ يحق للزوجة أن تطلب فسخ زواجها منه.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: إثبات العجز الجنسي اوإثبات العيب في الزوج:*
➖➖➖➖➖
*▪️تظهر القيمة العلمية والعملية للحكم محل تعليقنا أنه قد اعتمد على إثبات أثر العيب وهو العجز عن الإيلاج الذي ظهرفي من خلال الفحص الطبي للزوجة الذي أظهر انها لازالت بكرا، فلم يعتمد الحكم على إثبات وجود العيب ذاته في الزوج كالعنة والجب، ولاريب ان إجتهاد الحكم محل تعليقنا في ذلك سديد يوافق الشرع والقانون بما لا يدع مجالاً للشك، فثبوت بقاء بكارة الزوجة مع وجود زوجها معها لفترة طويلة تزيد على سنة من غير حائل أو مانع يدل قطعاً على عدم قدرة الزوج على الإيلاج وأنه معيب بعيب اعجزه عن الإيلاج، وان هذا العيب ليس أمراً عارضاً أو بسبب مرض أو نفرة مؤقتة من الزوج والزوجة طالما وقد ظل الزوج مع زوجته في حب ووداد طوال سنة وأربعة أشهر، فدل ذلك على عجز الزوج وعدم قدرته على الإيلاج، خاصة ان المادة (47) أحوال شخصية السابق ذكرها لم تحصر العيوب في الزوجين، فالعيوب مذكورة في المادة على سبيل المثال، وبناء على ذلك فإن أي عيب يؤدي إلى عجز الزوج عن معاشرة زوجته جنسياً يكون عيبا في الزوج يجيز للزوجة عند ثبوت ذلك ان تطلب فسخ زواجها من زوجها المعيب.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: المدة التي تتربص خلالها الزوجة قبل المطالبة بفسخ زواجها من زوجها العاجز جنسيا:*
➖➖➖➖➖
*▪️لم تنص المادة (47) أحوال شخصية على ذلك، وبناءً على ماورد في قانون الاحوال الشخصية فإن المرجع عند عدم وجود نص في القانون هو الدليل القوي في الفقه الإسلامي، وقد اتفقت اقوال الفقهاء على امهال الزوج اذا كان عنينا (لا ينتصب ذكره) مدة سنة شمسية للعلاج رجا زوال العنة، اما اذا مجبوبا أو خصيا فلايمهل فإذا انقضت السنة فقد استحكم علاج العاجز عن الإيلاج، (فسخ الزواج، ا.د.عبد المؤمن شجاع الدين،ص230) ، وبتطبيق هذا المفهوم على الحكم محل تعليقنا نجد أنه قد ثبت له أن الزوج ظل ملازما لزوجته أكثر من سنة وأربعة أشهر، ولم يزل عاجزاً.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: المهر المستحق للمرأة المفسوخ نكاحها بسبب العجز الجنسي:*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بإستحقاق المرأة المفسوخ نكاحها لسبب العجز الجنسي لنصف المهر المسمى، لأن سبب الفسخ في هذه الحالة يرجع إلى عجز الزوج عملاً بالمادة (36) أحوال شخصية التي نصت على أن: (يستحق نصف المهر المسمى بالطلاق أو الفسخ إذا كان من جهة الزوج قبل الدخول، فإذا كان الفسخ من جهة الزوجين معاً أو من جهة الزوجة فقط فلا يستحق من المهر شيء ويكون على الزوجة رد ما قبضته مما لا يستحق لها ولا يلزمها رد مثل ما وهبته لزوجها)، والله اعلم.*