عدم توقيع القاضي الفرد على مسوّدة الحكم

*عدم توقيع القاضي الفرد على مسوّدة الحكم*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا ببطلان الحكم الذي لا يقوم القاضي بالتوقيع على مسوّدته، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-12-2013م في الطعن رقم (50235)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وبالتأمل وإمعان النظر في حيثيات وأسباب الحكم الاستئنافي تبين ان الحكم جاء موافقاً لما أستند إليه وعلل به بإلغاء الحكم الابتدائي لعدم صفة المدعى عليهم بحسب ما اشير إليه في عريضة الاستئناف، ولأن الاستئناف يطرح القضية أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها في الواقع والقانون، فقد تبين لمحكمة الاستئناف أن مسوّدة الحكم لم تكن موقعة من القاضي مصدر الحكم، ولهذا فإن ما قضى به الحكم الاستئنافي موافق لما نصت عليه المادتان: (225 و288) مرافعات، فلا تأثير لما جاء في عريضة الطعن) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية مسوّدة الحكم:*
➖➖➖➖➖

*▪️مسوّدة الحكم: هي ورقة رسمية من أوراق المرافعات تشتمل على أسباب الحكم ومنطوقه وتوقيعات القضاة وتاريخ إيداعها (نظرية الأحكام، أستاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفاء، ص99)، وفي هذا المعنى نصت المادة: (225) مرافعات على أنه: (1- بعد تمام المداولة وقبل النطق بالحكم يجب أن تعد المحكمة مسوّدة الحكم مشتملة على الأسباب التي بني عليها الحكم ثم المنطوق وان يوقع القضاة المشتركون في الحكم على هذه المسوّدة وإلا كان الحكم باطلاً -2- يجب أن تحرر مسوّدة الحكم الصادر من هيئة متعددة القضاة بخط أحد قضاتها وفي كل الأحوال يجب أن تودع مسوّدة الحكم في ملف القضية وإلا تعرض المتسبب في مخالفة ذلك للمساءلة التأديبية، ويراعى عند إيداع مسوّدة الحكم في ملف القضية حفظ صورة منها في ملف خاص بالمسوّدات بعد مطابقتها على الأصل بمعرفة رئيس المحكمة)، ويذهب أستاذنا أحمد أبو الوفاء إلى أنه يترتب على إغفال أي من بيانات المسوّدة كالمنطوق أو الأسباب أو تاريخ إيداعها أو توقيعات القضاة يترتب على إغفالها بطلان الحكم، وكذا ذكر ابو الوفا :انه لا يجوز تكملة البيانات الواجب توفرها في المسوّدة بأية بيانات خارجها ولو كانت من أوراق المرافعات كمحضر الجلسة (نظرية الأحكام، ص102).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: وجوب توقيع القضاة على المسوّدة:*
➖➖➖➖➖

*▪️من خلال إستقراء المادة (225) مرافعات السابق ذكرها نجد أنها قد صرحت بأن توقيع القضاة على المسودة وجوبي، لأن الغرض من التوقيع على المسودة هو التدليل على موافقة القضاة المشتركين في المداولة على ما تضمنته المسوّدة من بيانات كأسباب الحكم ومنطوقه، وانهم قد توصلوا إلى ذلك بعد المداولة والمناقشة، وان ما ورد في المسوّدة هو قناعتهم المشتركة في القضية، كما أن الغرض من التوقيع التدليل على صدور المسوّدة من القضاة الموقعين عليها ونسبتها اليهم، ويجب توقيع جميع القضاة المكونة منهم هيئة الحكم على المسودة، ليس هذا فحسب، بل يتعين ان يتم توقيع جميع القضاة على كل من المنطوق والأسباب إذا كانا في ورقتين منفصلتين وإلا كان الحكم باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام (نظرية الأحكام، ص100 و101).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: وجوب توقيع القاضي الفرد على المسوّدة:*
➖➖➖➖➖

*▪️صرحت المادة (225) مرافعات بوجوب توقيع جميع القضاة إذا كانت هيئة الحكم مشكلة من عدد من القضاة، غير ان هذه المادة لم تبين ماذا كان توقيع القاضي الفرد على مسوّدة الحكم وجوبيا، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن نص المادة (225) مرافعات يسري ايضاً على القاضي الفرد، إذ يجب عليه أن يقوم بالتوقيع على جميع صفحات المسودة التي اعدها وإلا كان حكمه باطلاً، وفي حكم مماثل لمحكمة النقض المصرية قضت بوجوب توقيع القاضي الفرد على صفحات مسودة الحكم التي أعدها وإلا كانت المسودة عبارة عن ورقة تحمل بيانات القضية (نقض 11/5/1972م س22 -872)، وما قضى به الحكم محل تعليقنا سديد، لان القاضي يقوم بتحرير عدة أوراق بخطه من ضمنها مشروع أو تصور اولي للمسودة أو ملاحظات القاضي أو استنتاجاته من أوراق القضية حيث يحرر القاضي تلك الأوراق ولكنه لا يقوم بالتوقيع عليها – فتوقيع القاضي الفرد على المسودة يدل على أن الورقة التي قام القاضي بالتوقيع عليها  هي وحدها المسودة دون  الأوراق الأخرى المحررة بخط القاضي كمشروع مسودة أو مجرد نتائج مطالعة القاضي للقضية، قام القاضي بتدوينها، فالتوقيع هو الذي يدل  قطعا وجزما على إنما حرره القاضي بخطه هو مسوّدة الحكم فعلا، وليس مشروع مسودة أو استنتاجات القاضي من خلال مطالعته لاوراق القضية، فالمسودة بدون توقيع القاضي تكون مجرد ورقة عادية تتضمن بيانات لم يرغب القاضي في التوقيع عليها او ان القاضي لم  يصل بشأنها إلى رأي  حاسم والا لقام بالتوقيع عليها، سيما ان المسودة ذاتها دليل على وجود الحكم قبل النطق به، والله اعلم.*