*لا جدوى لوقائع الطعن بالنقض*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجا ع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️يسهب بعض الخصوم ويطنب في شرح وقائع الطعن بالنقض عند إعداده عريضة الطعن بالنقض، حيث تستأثر وقائع الطعن بما لا يقل عن ثلث عريضة الطعن حيث يشرح هؤلاء الخصوم في وقائع الطعن قصة النزاع منذ الفترة السابقة له، بل ان بعضهم يتناول في الوقائع أسباب العلاقة التي كانت قائمة بين الخصوم قبل النزاع ووصوله إلى القضاء، وبعد ذلك يستعرض الطاعن إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة ثم أمام محكمة الاستئناف، فتطول وقائع الطعن وتطغى على أسباب الطعن وهي بيت القصيد من الطعن، وتبعا لذلك تطول عريضة الطعن بالنقض ، وتكمن القيمة العلمية للحكم محل تعليقنا أنه قد صرح بأن وقائع الطعن بالنقض غير مجدية ولا أهمية لها حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-10-2014م في الطعن رقم (55461)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وعليه وبالرجوع إلى الأوراق مشتملات الملف تشير الدائرة بداية إلى أنه لا جدوى ولا أهمية لإستهلال الطاعن عريضة طعنه بإيراد وقائع التداعي، لأن المحكمة العليا كمحكمة قانون تراقب الحكم محل الطعن في المسائل القانونية، وكقاعدة عامة يجب ان لا يتضمن الطعن بالنقض مسائل تستدعي تحقيقاً موضوعياً من هذه المحكمة، فولايتها محددة بالمادة (292) مرافعات))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية وقائع الطعن:*
➖➖➖➖➖
*▪️وقائع الطعن: هي عبارة عن تلخيص لإجراءات التقاضي من وجهة نظر الطاعن، حيث يلخص فيها الطاعن سير إجراءات التقاضي معلقاً عليها بما يراه من خلل أو قصور أو صحة وسلامة ، فالوقائع يقوم الخصم بكتابتها كمستهل لعريضة الطعن مثلما يستهل القاضي أسباب حكمه بعرض ملخص النزاع، حيث يظهر القاضي من خلاله إحاطته بوقائع النزاع حتى يطبق عليها القاضي القانون تطبيقاً صحيحاً، فبقدر إحاطة القاضي بالوقائع يكون تطبيقه للقانون سليما ، أما الخصم فأنه يستهل طعنه بالوقائع حتى يفهم الخصم نفسه القضية ويتصورها تصوراً صحيحاً فيقنع القاضي بوجهة نظره عن خلفيات الطعن (مهارات الصياغة القانونية، أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين، ص112).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: وقائع الطعن مسائل موضوعية وليست قانونية:*
➖➖➖➖➖
*▪️من خلال ما تقدم في الوجه الأول يظهر أن وقائع الطعن عبارة عن عرض لموضوع النزاع وتلخيص لإجراءات المحاكمة التي تمت أمام محكمتي الموضوع، وبيان وجهة نظر الطاعن من هذه المسائل، ولذلك فإن هذه المسائل الموضوعية المثارة في وقائع الطعن تحتاج إلى تحقيق موضوعي تجريه المحكمة للتثبت من صحة ما أورده الطاعن في وقائع طعنه، في حين ان المحكمة العليا محكمة قانون تباشر رقابتها على أحكام محاكم الموضوع للتأكد من التزامها وتطبيقها لنصوص القانون تطبيقا صحيحاً وسليما مرحبا مرحبا مليون دولار دولار مرحبا سهم ، فلا تمتد رقابة المحكمة العليا إلى المسائل الموضوعية التي تحتاج إلى بحث موضوعي، لأنها محكمة قانون وليست محكمة موضوع حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: المسائل الموضوعية التي تمتد إليها رقابة المحكمة العليا:*
➖➖➖➖➖
*▪️من المسلم به ان المحكمة العليا محكمة قانون على النحو السابق بيانه، إلا ان ذلك لا يعني ان المحكمة العليا لا تمتد رقابتها مطلقاً إلى المسائل الموضوعية، إذ أنه من المقرر أن المحكمة العليا تمتد رقابتها إلى المسائل الموضوعية المتصلة بتطبيق القانون أو تفسيره أو الخطأ أو المخالفة للقانون، فمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله لا يكون إلا بمناسبة تطبيق القانون على المسائل الموضوعية التي يخالفها الحكم الطعين أو يخطؤ في تطبيقها، ولذلك فإن المحل المناسب لإثارة المسائل الموضوعية التي خالف الحكم الطعين القانون أو اخطأ في تطبيق القانون عليها ، المحل المناسب لذلك هو عندما يعرض الطاعن أسباب الطعن بالنقض الموضوعية، أما العرض الموضوعي المجرد للوقائع في بداية الطعن فلا أهمية له ولا جدوى حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.*