تقدير نصاب المحكوم به - في القانون اليمني

*تقدير نصاب المحكوم به*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن تقدير نصاب المحكوم به من إختصاص القاضي فلايخضع لتقديرات الخصوم، فضلا عن أن القانون قد حدد طريقة وإجراءات تقدير هذا النصاب، وقضى الحكم محل تعليقنا أن محكمة الاستئناف ملزمة عند الدفع أمامها بدراسة الدفع بعدم قبول الاستئناف لكون المحكوم به أقل من النصاب حيث ينبغي عليها أن تقوم بدراسة الدفع للتثبت من صحة تقدير النصاب وأنه مطابق للقانون، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 8-4-2014م في الطعن رقم (54652)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث أن الشعبة قد انساقت إلى دفع المستأنف ضده الذي دفع بعدم قابلية الحكم الابتدائي للاستئناف كون موضوع الدعوى لا تبلغ قيمته النصاب القانوني طبقاً لنص المادة (86) مرافعات، فما كان من الشعبة إلا الرجوع إلى بصيرة المدعي المؤرخة 1407هـ، فتبين لها أن الثمن الوارد في البصيرة مبلغ وقدره ستة آلاف وخمسمائة ريالاً عملة يمنية، وتأسيساً على ذلك قضت الشعبة بقبول الدفع وعدم قبول الاستئناف شكلاً لعدم بلوغ المحكوم به النصاب القانوني، والشعبة في ذلك تكون قد جانبت الصواب وخالفت القانون واخطأت في تطبيقه، ولم تلتفت إلى ما تضمنه الرد على الدفع، فقد كان من الثابت أن الدفع لا محل له هنا في هذه القضية، فكان الأولى بالشعبة أن ترفض الدفع وتسير في إجراءات نظر الاستئناف على الحكم الابتدائي، وفقاً لأحكام المادة (288) مرافعات ثم الفصل في القضية بحكم مسبب وفقا لمقتضيات أحكام الشرع والقانون مما يجعل حكمها معيباً بالبطلان يستوجب نقضه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: تقدير المطعون ضده لنصاب المحكوم به في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا:*
➖➖➖➖➖

*▪️قام المطعون ضده في مرحلة الاستئناف بتقدير المحكوم به على أساس القيمة المذكورة في بصيرة شراء الأرض المتنازع عليها، حيث كانت قيمتها ( 6500) ريالاً، وعلى هذا الأساس فقد تقدم بدفعه بعدم قبول الطعن بإستئناف الحكم، لأن الأرض المحكوم بها له تقل قيمتها عن النصاب المقرر في المادة (86) مرافعات التي كانت تنص قبل تعديلها عام 2021م، كانت تنص على أن: (يكون الحكم الابتدائي نهائياً في الأحوال الأتية: -أ- إذا كان المحكوم به لا يتجاوز مائتي ألف ريال في المسائل المدنية)، اما بعد تعديل هذه المادة عام 2021 فقد صار النصاب خمسة ملايين ريالا بدلا من المائتي الف، وصارت بداية المادة(يكون الحكم الابتدائي نهائيا غير قابل للطعن بالاستئناف وقابلا للطعن أمام المحكمة العليا في الأحوال الاتية:-3- في المسائل المدنية إذا كان المحكوم به لا يتجاوز خمسة ملايين ريالاً).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: تقدير قيمة الدعوى وتقدير المحكوم به:*
➖➖➖➖➖

*▪️نصت المادة (85) مرافعات: على ان تتولى المحكمة تقدير قيمة الاشياء المدعى بها وذلك عند رفع الدعوى، وإذا كانت الأشياء المدعى بها غير قابلة للتقدير القيمي فتعتبر زائدة عن النصاب الإنتهائي لإختصاص المحاكم الابتدائية الذي يقبل الطعن بالاستئناف، ونصت المادة المشار إليها أيضا على أن قرار المحكمة بتقدير المدعى به لا يقبل الطعن بالاستئناف استقلالاً بأي طريق من طرق الطعن، ومع أن من اهداف تقدير قيمة المدعى به عند رفع الدعوى تحديد نصاب المحكوم به عند صدور الحكم حيث يكون ذلك التقدير اساسا لتحديد قيمة المحكوم به، إلا أنه من المسلم به أن نصاب المحكوم به لا يتحدد بالفعل إلا عند صدور الحكم المتضمن الشئ المحكوم به، لأن المحكمة عندما تصدر حكمها في الحق المدعى به لا تحكم بالضرورة للمدعي بالقيمة كلها التي سبق لها أن قدرتها عند رفع الدعوى، فقد يظهر للمحكمة اثناء نظر الدعوى أن المدعي لا يستحق كل الحق السابق تقدير قيمته، إضافة إلى أن هناك فارق زمني بين تقدير قيمة المدعى به الذي يتم عند رفع الدعوى ووقت الحكم في الدعوى حسبما سبق بيانه حيث تتغير قيمة الحق المحكوم به بالفعل عند النطق بالحكم أو صدور الحكم، وبناءً على ذلك فإن قيمة الحق المحكوم به تتحدد بصفة نهائية في منطوق الحكم الذي يفصل في الحق المدعى به السابق تقديره، ويحدد بالضبط الشئ المحكوم به.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: تقدير الحق المدعى به والحق المحكوم به يتم بقرار القاضي وحكمه وليس بحسب تقديرات الخصوم ومستنداتهم:*
➖➖➖➖➖

*▪️سبق القول أن المادة (85) مرافعات قد صرحت بأن: القاضي هو الذي يتولى تقدير قيمة الحق المدعى به عند رفع الدعوى ، وسبق أن ذكرنا أن نصاب الحق المحكوم به يتحدد بصفة نهائية في منطوق الحكم الذي يصدره القاضي في الحق السابق تقديره، وعلى هذا الأساس فلا يجوز للخصوم أن يقدموا مستندات للاحتجاج بها على نصاب المحكوم به إلا إذا كانت هذه المستندات هي الحكم ذاته المحتج به أو قرار القاضي بتقدير قيمة الحق المدعى به عند رفع الدعوى ، فلا يتم تقدير الحق المدعى به من خلال ما يقدمه الخصم من مستندات أو أدلة كالبصيرة أو فاتورة الشراء أو حتى طلبات الدعوى الواردة في مذكرات الخصم، والله اعلم.*