مطالبات القضاة ودعاويهم كلها تختص بنظرها الدائرة الإدارية

*مطالبات القضاة ودعاويهم كلها تختص بنظرها الدائرة الإدارية*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا هي جهة الإختصاص الوحيدة بنظر كافة طلبات القضاة ودعاويهم بما في ذلك المنازعات المتعلقة بالمعاش التقاعدي للقاضي، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22-1-2015م في الطعن رقم (56297)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة تجد أن ما دفعت به الطاعنة على الحكم الاستئنافي والحكم الابتدائي بالبطلان في محله، فالإختصاص النوعي قصد به توزيع ولاية القضاء بين جهاته المختلفة، ويقوم هذا الإختصاص على إعتبارات عامة،مما يجعله متعلقاً بالنظام العام، وهذا المعنى واضح في المادة (186) مرافعات التي نصت على أن: (تعتبر من النظام العام الدفوع التالية: -1- الدفع بعدم إختصاص المحكمة بحسب نوع الدعوى...إلخ، فهذا الدفع تجوز اثارته في أية حالة كانت عليها الدعوى، وللمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها، وبالتالي فإن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا وفقاً لنص المادة (101) من قانون السلطة القضائية هي المختصة بنظر النزاع، كون المطعون ضده من اعضاء السلطة القضائية، وفقاً للثابت في الأوراق، فالمطعون ضده تم تعيينه مساعد نيابة عامة (ب) بموجب قرار وزير العدل رقم (329/1991م) تحت الاختبار بتاريخ 7-10-1991م وكذا صدر قرار وزير العدل رقم (...) بشأن إحالة المطعون ضده ضمن مجموعة إلى الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات بتاريخ..... ، وبالعودة إلى المادة (58) من قانون السلطة القضائية فقد تبين أن المطعون ضده شغل وظيفة مساعد نيابة وهي من ضمن درجات وظائف السلطة القضائية وبالتالي فإن محكمتي الموضوع قد تجاوزتا اختصاصهما، الأمر الذي جعل حكمهما مشوباً بالبطلان لعدم إختصاصهما النوعي، الأمر الذي يقتضي معه نقض الحكم دون الإلتفات إلى بقية أسباب الطعن)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: خلفية النزاع الذي تناوله الحكم محل تعليقنا:*
➖➖➖➖➖

*▪️كان مساعد النيابة العامة ينازع الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات بشأن إستحقاقه للمعاش التقاعدي، لأنه قد امضى في وظيفته (مساعد نيابة عامة مدة (12) سنة حيث قام مساعد النيابة برفع دعواه على الهيئة أمام المحكمة الإدارية الابتدائية المختصة، وفي مواجهة هذه الدعوى قامت هيئة التأمينات بتقديم دفع بعدم إختصاص المحكمة الإدارية بنظر القضية كون المدعي من اعضاء السلطة القضائية، فرفضت المحكمة الإدارية الدفع وقضت بإختصاصاها بنظر النزاع، فقامت الهيئة بإستئناف الحكم إلا ان الشعبة الاستئنافية قضت بتأييد الحكم الابتدائي، فقامت هيئة التأمينات بالطعن بالنقض بالحكم الاستئنافي حيث قبلت الدائرة الإدارية الطعن وقضت بنقض الحكم الاستئنافي للأسباب السابق ذكرها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: عدم إختصاص أية محكمة عدا الدائرة الإدارية بمطالبات القضاة المتعلقة بوظيفتهم القضائية:*
➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بعدم إختصاص أية محكمة بنظر دعاوى القضاة المطلبية ذات الصلة بوظيفتهم القضائية، ، لأن الإختصاص في هذه المطالبات والقضايا معقود للدائرة الإدارية بالمحكمة العليا بمقتضى المادة (101) من قانون السلطة القضائية التي نصت على أنه: (تختص الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها القضاة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شؤونهم وذلك عند النقل والندب متى كان الطلب منصباً على عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو إساءة إستعمال السلطة، كما تختص تلك الدائرة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات والفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافئات المستحقة لرجال القضاء أو لورثتهم، ولا يجوز ان يجلس للفصل في هذه المسائل من كان عضواً في المجلس الأعلى للقضاء إذا كان قد اشترك في القرار الذي رفع الطلب بسببه) وحيث أن مساعد النيابة العامة من ضمن الوظائف القضائية بموجب المادة (58) من قانون السلطة القضائية، فإن الإختصاص بنظر دعواه ومطالبته بمعاشه التقاعدي معقود بالدائرة الإدارية بالمحكمة العليا حسبما ورد في المادة (101) سلطة قضائية السابق ذكرها، ولذلك فقد أستند الحكم محل تعليقنا إلى المادتين (58 و101) سلطة قضائية في نقض الحكم الاستئنافي الذي كان قد قضى بإختصاص المحكمة الإدارية بنظر دعوى مساعد النيابة العامة بشأن معاشه التقاعدي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: إختصاص الدائرة الإدارية بين الحصانة القضائية وإهدار حق القاضي في التقاضي على درجتين:*
➖➖➖➖➖

*▪️لا ريب أن المادة (101) سلطة قضائية السابق ذكرها تعد من مظاهر الحصانة القضائية للقاضي ، حيث تكفل للقاضي حق التقاضي بالنسبة لطلباته ودعاويه وتظلماته أمام هيئة قضائية عليا تختلف وتتميز عن المحاكم الأخرى، غير أن هذه الحصانة المقررة في المواد( 101 و102و103) من قانون السلطة القضائية تحمل في طياتها إهدار لحق القاضي في التقاضي على درجتين تبحثا موضوع مطالب القاضي ودعويه وتظلماته ، يستطيع القاضي من خلالهما عرض دعاويه وتظلماته أمام هيئتي حكم مختلفين، فالمادة (103) سلطة قضائية جعلت التقاضي في دعاوي القاضي على درجة واحدة، حيث نصت هذه المادة على أن الأحكام التي تصدرها الدائرة الإدارية في هذا الشأن تكون نهائية لا يجوز الطعن فيها بأي وجه، فقد نصت هذه المادة على أن: (تكون الأحكام الصادرة فيها نهائية غير قابلة للطعن بأية طريقة من طرق الطعن أمام أية جهة أخرى)، والله اعلم.*