*عقد الموظف المؤقت مع الجهة الحكومية ليس عقداً إدارياً*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن عقد الموظف المؤقت مع الجهة الحكومية ليس عقداً إدارياً حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-3-2014م في الطعن رقم (54260)، وقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم: ((أما من حيث قول الطاعنين ان المحكمة اخطأت بعدم الفصل في طلب التعويض عن الضرر الذي اصابهما بسبب اتهامهما بالرشوة وإنهاء عقديهما قبل انتهاء مدتهما. فمردود عليه بأن إختصاص المحكمة الإدارية لا يمتد إلى الفصل في طلبات التعويض على أساس المسئولية التقصيرية، كما أن العقد المبرم فيما بينهما والجهة الحكومية لا يعد عقداً إدارياً، فالعقد الإداري هو العقد الذي تبرمه الإدارة العامة متعلقاً بمرفق عام كعقود الإلتزام والاشغال العامة والتوريد، وان يكون بطبيعته عقد إداري أي الذي تبرمه الإدارة العامة بوصفها رابطة عامة مستهدفة منه إحداث أو تسيير مصلحة عامة أو مرفق عام، الأمر الذي يتعين معه رفض هذا السبب)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الوضعية القانونية للموظف المتعاقد مع جهة الإدارة العامة:*
➖➖➖➖➖
*▪️الموظف المتعاقد مع جهة الإدارة العامة: هو الذي يلتحق بالوظيفة العامة بموجب عقد مؤقت المدة، ومع أن لائحة قانون الخدمة المدنية تنص على أنه: ينبغي أن لا تقل حقوق الموظف المتعاقد عن حقوق نظيره الموظف في وظيفة دائمة، إلا أن الواقع يشهد على أن حقوق المتعاقدين يتم انتقاصها وإنتهاكها ويتم انهاء عقودهم في حالات كثيرة بدون وجه حق، وهذا الوضع يفسر كثرة الدعاوى المرفوعة من الموظفين المتعاقدين، علماً بان الموظفين المتعاقدين يقوموا بأعباء وواجبات الوظيفة العامة مثلهم في ذلك مثل الموظفين الدائمين، وتعتمد على هولاء المتعاقدين الكثير من الجهات الحكومية في تسيير أعمالها اليومية، ولذلك تستمر عقودهم لمدة طويلة خلافاً لما هو مقرر في المادة (222) من لائحة قانون الخدمة المدنية التي نصت على أن مدة العقد لا تزيد عن سنة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: تعريف العقد الإداري وخصائصه:*
➖➖➖➖➖
*▪️يعرف العقد الإداري بأنه (العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسير مرفق عام أو تنظيمه، وتظهر فيه نية الإدارة في الآخذ بأحكام القانون العام ويتحقق ذلك بأن يتضمن العقد شروطاً استثنائية وغير مألوفة في القانون الخاص أو أن يخول المتعاقد مع الإدارة الاشتراك مباشرة في تسيير المرفق العام)، و’تعّرفْ أحكام المحكمة الإدارية العليا لمجلس الدولة المصري العقد الإداري بأنه: (العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة في القانون الخاص)، وقد ذهب الحكم محل تعليقنا إلى هذا التعريف، إما في العراق فان محكمة التمييز قد اعتمدت أكثر من معيار في تحديد العقد الإداري فقد جاء في قضائها انه ( لما كان هذا العقد الذي أبرمته الإدارة مع المقاول من اجل إنشاء مرفق عام متوسلة في ذلك بأسلوب القانون العام وبشروط غير مألوفة من إجراء مناقصة عامة واشتراط تأمينات وغرامات التأخير فانه يكون عقدا إداريا متميزا عن العقود المدنية التي يحكمها القانون الخاص بسبب ما تستهدفه هذه العقود من تحقيق مصالح كبرى تعلو على المصالح الخاصة للإفراد)، ومن خلال ماتقدم يظهر ان اهم خصائص العقد الإداري هي:- 1 أن تكون الإدارة العامة طرفًا في العقد - 2 وان تكون صلة العقد بالمرفق العام من حيث إنشاؤه أو تنظيمه أو تسييره -3 و أن تأخذ الإدارة العامة عند تعقدها بأساليب وامتيازات القانون العام. (التطور الالكتروني للاعمال القانونية للإدارة العامة، اورنس متعب الهذال، ص 94 و95). ولهذه الاعتبارات فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن عقد الموظف الفرد لا يكون عقدا اداريا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: عقد الموظف المؤقت مع الإدارة العامة لا يكون عقداً إدارياً:*
➖➖➖➖➖
*▪️يتجاذب عقد الموظف مع الإدارة العامة اجتهادان، الأول: يذهب إلى أنه ليس عقداً إدارياً لأنه وإن كان أحد اطرافه الإدارة العامة إلا أنه يخضع للقانون الخاص ولأن الموظف المتعاقد يؤدي عملا مؤقتا ومحددا لا يلزم منه تسيير المرفق العام، علاوة على أن هذا العقد يخلوا من الشروط الاستثنائية أو الطابع الاستثنائي الذي يميز العقد الإداري عن غيره، إضافة إلى أن الالتزامات الواردة في هذا العقد تخضع للقانون الخاص وليس العام فضلا عن أن هذا العقد بإنشاء المرفق العام أو تنظيمه أو إنشائه ، وقد مثل الحكم محل تعليقنا هذا الاتجاه، والظاهر أن هذا الاتجاه هو الغالب في اليمن من خلال مطالعتنا لأحكام كثيرة، أما الاتجاه الثاني: فيذهب إلى أن عقد الموظف مع جهة الإدارة عقداً إدارياً، لأن أحد اطرافه هي جهة الإدارة العامة التي تقوم بالتعاقد مع كسلطة إدارية تدير المرفق العام وانها تقوم بفرض شروطها عند تعاقدها مع الموظف، فضلاً عن ان الإدارة العامة تعتمد في تسيير وتصريف اعمالها اليومية على عقود الموظفين المؤقتة علاوة على أن هؤلاء الموظفين جديرون بالحماية التي يكفلها القضاء الإداري الذي يتولى الفصل في الدعاوى الناشئة عن العقود الإدارية.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: ثمرة الخلاف بشأن طبيعة العقود المؤقتة المبرمة فيما بين الموظفين المؤقتين والجهة الإدارية:*
➖➖➖➖➖
*▪️يثمر هذا الخلاف ثمرتين: الأولى: إختصاص المحكمة الإدارية، فمن ذهب إلى ان عقد الموظف المتعاقد مع الجهة الإدارية عقداً إدارياً فقد ذهب تبعاً لذلك إلى إختصاص المحكمة الإدارية، ومن ذهب خلافاً لذلك فقد ذهب إلى أن المحكمة العادية هي المختصة بنظر النزاع المترتب على هذا العقد ، أما الثمرة الثانية: فهي ان من ذهب إلى أن عقد الموظف عقداً إدارياً فقد ذهب تبعاً لذلك إلى خضوعه لأحكام القانون الإداري بإعتباره عقداً إدارياً، ومن ذهب إلى خلاف ذلك فقد ذهب إلى أن عقد الموظف المؤقت يخضع للقانون الخاص، والله اعلم.*