*توقيع الهيئة الخلف على الحكم الصادر من السلف*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه في حالة حجز القضية للحكم فيها من الهيئة السلف وقيامها بتحرير وتوقيعه وتسليمه إلى الهيئة الخلف فأنه في هذه الحالة لا يلزم ان تضع هيئة الحكم الخلف توقيعاتها على الحكم الصادر عن الهيئة السلف وإنما تكتفي بالتوقيع على محضر جلسة النطق بالحكم وان تذكر في المحضر ان القضية كانت محجوزة للحكم فيها لدى الهيئة السلف وان الهيئة السلف قد قامت بتحرير الحكم والتوقيع على نسخة الحكم، وان الهيئة الخلف قد قامت بالنطق بالحكم علانية في جلسة النطق، وبعد ذلك تقوم الهيئة الخلف بالتوقيع على محضر جلسة النطق بالحكم، وفي هذه الحالة لا يلزم ان تقوم الهيئة الخلف بالتوقيع في ذيل الحكم الذي قامت بالتوقيع عليه الهيئة السلف، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30-12-2014م في الطعن رقم (55869)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((ولا يفوت الدائرة ان تشير إلى أنه ليس من المتطلبات القانونية أن تدرج هيئة الحكم القائمة حالياً في الشعبة اسماء اعضائها ضمن الحكم الصادر من الهيئة السلف (بنهاية الإجراءات) والإكتفاء ببيان ذلك في محضر جلسة النطق بالحكم تقيداً بالمادة (13) مرافعات)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: السند القانوني للحكم بعدم لزوم توقيع هيئة الحكم الخلف على نسخة الحكم الصادر من الهيئة السلف:*
➖➖➖➖➖
*▪️أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادة (13) مرافعات التي نصت على أنه: (لا يجوز للقاضي أن يحكم بعد إنتهاء ولايته عدا ما سبق له حجزه من قضايا للحكم قبل صدور قرار نقله أو ندبه أو إحالته للتقاعد، وعليه إنجاز تلك القضايا والتوقيع على أحكامها وتسليمها إلى خلفه للنطق بها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار وإلا تعرض للمحاسبة وفقاً لقانون السلطة القضائية)، ومن خلال إستقراء هذا النص نجد أن هيئة الحكم السلف التي حجزت القضية للحكم فيها هي التي تتولى تحرير نسخة الحكم والتوقيع عليه، حيث يقتصر دور القاضي الخلف أو الهيئة الخلف على النطق بالحكم الذي سبق تحريره والتوقيع عليه من قبل الهيئة السلف، حيث تقوم هيئة الحكم الخلف بالنطق في الحكم في جلسة علنية وإثبات نطقها بالحكم في محضر جلسة النطق، وان تذكر الهيئة الخلف انها قامت بالنطق بالحكم علانية تنفيذاً للمادة (13) مرافعات السابق ذكرها، لأن القضية التي صدر فيها الحكم كانت محجوزة للحكم فيها من قبل الهيئة السلف، وان الهيئة السلف قد قامت بتحرير نسخة الحكم والتوقيع عليها ثم قامت بتسليمها للهيئة الخلف خلال الميعاد المقرر قانوناً، ثم تقوم الهيئة الخلف بالتوقيع على محضر النطق بالحكم، وهذا الإجراء كافٍ، فلا يلزم الهيئة الخلف ان تقوم بالتوقيع في ذيل الحكم بعد توقيعات الهيئة السلف أو ان تدون في ذيل الحكم عبارة: (تم النطق بهذا الحكم من قبلنا نحن........و.......و........ في جلسة........ وذلك في القضية........... التي كانت محجوزة للحكم فيها من قبل الهيئة السلف المشكلة من....... و....... و.......) ثم يتم التوقيع أدنى هذه العبارة من قبل الهيئة الخلف، ومن خلال إطلاعنا على أحكام كثيرة نجد أن القاضي الخلف أو الهيئة الخلف تتبع هذا الإجراء وتقوم بالافادة والتوقيع في ذيل الحكم الذي سبق للهيئة السلف ان قامت بالتوقيع عليه، وهذه الزيادة وإن دلت على تحوط القاضي الخلف إلا أنها زيادة غير لازمة حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: تأثير توقيع الهيئة الخلف على الحكم الصادر من الهيئة السلف:*
➖➖➖➖➖
*▪️لا يترتب على هذا الإجراء أي أثر على الحكم سلباً أو إيجاباً، فهذا الإجراء زيادة غير لازمة حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، وهدف القاضي الخلف من تدوين العبارة السابق ذكرها ومن التوقيع في ذيل نسخة الحكم هو التأكيد على أن القاضي السلف هو الذي حرر الحكم وقام بالتوقيع عليه وفي الوقت ذاته إثبات أن القاضي الخلف هو الذي نطق بالحكم في التاريخ المذكور في تأشيرة القاضي الخلف التي تفيد تاريخ نطقه بالحكم، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن هذه الإفادة والتوقيع ليس محلهما ذيل الحكم الصادر من الهيئة السلف، وإنما مكانهما الصحيح هو محضر جلسة نطق الهيئة الخلف بالحكم، فمحضر الجلسة هو الوسيلة المعدة قانوناً لإعلان النطق بالحكم علنا في الجلسة، فمحضر جلسة النطق بالحكم هو الدليل القانوني على أن الحكم قد صدر وتم التوقيع عليه من قبل القاضي السلف وإن القاضي الخلف قد قام بالنطق بذلك الحكم في الجلسة العلنية تنفيذا للمادة (١٣) مرافعات السابق ذكرها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الخلط بين مسودة الحكم التي سبق التوقيع عليها من القاضي الميت أو المريض المقعد، وبين الحكم الصادر من القاضي السلف الذي سبق له حجز القضية للحكم فيها:*
➖➖➖➖➖
*▪️من خلال مطالعة الحكم محل تعليقنا نلاحظ أن هناك خلط في هذه المسألة بين حالة موت القاضي أو مرضه الذي اقعده عن العمل الذي سبق له ان قام بالتوقيع على مسوّدة الحكم، وبين حالة نقل القاضي أو الهيئة بعد حجزها للقضية للحكم فيها، وقد سبق لنا بيان الإجراء الواجب إتباعه في حالة حجز القاضي للقضية للحكم فيها قبل نقله – أما حالة موت القاضي أو مرضه الذي يقعده عن العمل بعد أن قام بالتوقيع على مسوّدة الحكم – فقد بينت المادة (228) مرافعات الإجراء الواجب على الهيئة الخلف اتباعه في هذه الحالة حيث نصت هذه المادة على أن: (4- موت القاضي أو مرضه المقعد لا يؤثر على وجود وصحة الحكم الذي وقع على مسودته، فإذا كان قاضي فرد فتحرر نسخة الحكم الأصلية وتذيل باسمه وعلى خلفه ان يحرر أدنى ذلك ما يفيد صدور الحكم أعلاه عن سلفه ثم يوقع على ما حرره ويختمه بختم المحكمة، أما إذا كان القاضي المتوفي أو المقعد عضواً ضمن هيئته فيتم توقيع نسخة الحكم من بقية اعضاء الهيئة شريطة أن لا يقل عددهم عن الأغلبية المطلوبة، فإذا جاء الخلف لذلك العضو واكتمل تشكيل الهيئة فيذكر أدنى ذلك سبب خلو الحكم من توقيع العضو ويختم كل ذلك بتوقيع الهيئة الجديدة وختم المحكمة) ومن خلال المقارنة بين المادتين: (13 و228) مرافعات السابق ذكرهما نجد أن الإفادة وتوقيع الخلف يكون في حالة موت القاضي أو اصابته بمرض اقعده عن العمل بعد توقيعه لمسودة الحكم، في حين أن هذا الإجراء غير لازم بالنسبة لحالة حجز القضية للحكم فيها من قبل الهيئة السلف، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.*